نيل الأماني في توضيح مقدمة القسطلاني

رواية الآباء عن الأبناء وعكسها

          قوله: (رِوَايَةُ الآبَاءِ عَنْ الأَبْنَاءِ)؛ أي: كرواية العباس بن عبد المطلب عن ابنه الفضل: «أَنَّ رَسُوْلَ الله صلعم جَمَعَ بين الصَّلَاتَيْنِ بِالْمُزْدَلِفَةِ» وما رُوي عن مُعتمر بن سليمان التَّيمي قال: حدَّثني أبي، قال: حدَّثتني أنت عني عن أيوب ؛ _أي: السَّخْتِيَانِي_ عن الحسن قال: (وَيْحَ كَلِمَةُ رَحْمَةٍ).
          قال النووي: وهذا مثالٌ ظريف يجمعُ أنواعًا. انتهى.
          أي: كرواية الأب عن ابنه، ورواية الأكبر عن الأصغر، ورواية التابعي عن تابعيه، وأنَّه حدَّث غير واحد عن نفسه، وهذا في غاية من الحسن والغَرابة ويبعدُ أن يوجد مجموع هذا في حديثٍ، وقد أورد هذا الحديث الخطيب في كتبه، وقال: هكذا روى الحديث يحيى بن معين، عن معتمر، عن منقذ، عن نفسه، ثم رجع عن ذلك فرواه عن معتمر، عن أبيه، عن نفسه.
          ومن ذلك رواية أبي داود صاحب «السنن»، عن ابنه أبي بكر حديثين، ومنه حديث أبي بكر، عن عائشة ♦ / ، عن رسول الله صلعم أنَّه قال: «فِي الْحَبَّةِ السَّوْدَاءِ شِفَاءٌ من كل دَاءٍ»، لكن قيل: إنَّ ذلكَ غلطٌ ممَّنْ رواه إنَّما هو عن أبي بكر بن عتيق محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر عن عائشة كما رواه البخاري في صحيحه، قال الحافظ السيوطي: ومن ألطفِ هذا النوعِ روايةُ أبي طالب، عن النَّبيِّ صلعم. انتهى.
          أي: «فَإِنَّ الْعَمَّ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ».
          قال ابن الصَّلاح: وأكثر ما رويناه لأبٍ عن ابنه عن حفص الدُّوْرِي المُقري، عن ابنه أبي جعفر ستةَ عشر حديثًا.
          قوله: (وروَايَةِ(1) الأَبْنَاءِ عَنْ الآبَاءِ) هو كثيرٌ كروايةِ الدَّارمي(2) ، عن أبيه، عن رسول الله صلعم وهو في السنن الأربعة.


[1] حرف الواو زيادة كما في المطبوع.
[2] هو أبو العشراء الدارمي.