نيل الأماني في توضيح مقدمة القسطلاني

المرفوع

          قوله: (والمَرْفُوْعُ) سُمِّيَ بذلك لارتفاع رتبته بإضافته إلى النَّبيِّ صلعم.
          قوله: (مَا أُضِيْفَ إلى النَّبيِّ صلعم)؛ أي: سواءٌ أضافه صحابي أو غيره ولو منا الآن، فيدخل فيه المسند والمتصل والمرسل والمنقطع والمعضل والمعلق، دون الموقوف والمقطوع، هذا هو المشهور.
          وقال الخطيب: هو ما أخبر به الصحابي عن فعله صلعم فأخرج بذلك المُرسل، لكن قال ابن الصلاح: مَنْ جعل المرفوع في مقابلة المرسل؛ أي: حيث يقولون مثلًا (رفعه فلان وأرسله فلان) فقد عُني بالمرفوع المتصل لا مُطلق مرفوع، فهو مرفوع مخصوص لما مرَّ من أنَّ المرفوع أعمُّ من المتصل والمرسل، والإضافة إلى النَّبيِّ صلعم أعمُّ من أن تكون صريحًا أو حكمًا قولًا أو فعلًا أو تقريرًا أو صفةً.
          مثال المرفوع صريحًا من القول قول الراوي مطلقًا قال النبي صلعم كذا.
          ومثاله حكمًا قول الصحابي في المتعلق بالأمور الماضية كبدء الخلق، أو المستقبلة كأشراط الساعة لما يأتي من أنَّ مثل هذا لا يقوله الصحابي إلَّا عن توقيف.
          ومثال المرفوع صريحًا من الفعل قول الصحابي: فَعَلَ النَّبيُّ كذا ورأيته يفعل كذا.
          ومثاله حكمًا أن يفعل الصحابي ما لا مجال للرأي فيه، فَيُنَزَّل على أن ذلك عنده عن النَّبيِّ صلعم كالقَصْر والفِطر الواقعين من ابن عمر وابن عباس في أربعة بُرُدٍ.
          ومثال المرفوع صريحًا من التقرير أن يقول الصحابي: فَعَلْتُ، أو: فُعِلَ بحضرة النَّبيِّ صلعم كذا، ويذكر عدم إنكاره لذلك.
          ومثاله حكمًا حديث المغيرة بن شعبة: «كَانَ أَصْحَابُ النَّبيِّ صلعم يَقْرَعُوْنَ بابه بِالأَظَافِيْرِ» فإنَّه مستلزم لاطِّلاعه صلعم على ذلك وإقرارهم عليه.
          ومثال المرفوع صريحًا من الصفة أن يقال: «كَانَ النبي صلعم أَبْيَضَ اللَّوْنِ رَبْعَةً» مثلًا.
          ومثالها حكمًا قول الصحابي: أُمِرْنا بكذا، أو نُهِيْنا عن كذا، أو من السُنَّة كذا؛ لظهور أنَّ النَّبيَّ صلعم فَعلَ ما ذُكر، والفعلُ صفةٌ لفاعله.