نيل الأماني في توضيح مقدمة القسطلاني

المنقطع

          قوله: (مَا سَقَطَ...) إلى آخره؛ أي: ما لم يتصل إسناده بل سقط منه واحد قبل الصحابي في الموضع الواحد أيِّ موضعٍ كان، وإن تعددت المواضع بحيث لا يزيد الساقط في كلٍّ منها على واحد فيكون منقطعًا من مواضع، فخرج بالواحد المعضل الآتي وبما قبل الصحابي المرسل، ولم يُقيدوه بكون الساقط في غير أول السند فمقتضاه دخول المعلَّق فيه، ولا يبعد التقييد لتخصيص ذلك باسم يَخُصُّهُ.
          وما ذهب إليه الشارح من التقييد بالواحد هو المشهور، وذهب غيره إلى أنَّ المنقطع ما لم يتصل إسناده على أيِّ وجهٍ كان انقطاعه؛ أي: سواء كان الساقط منه واحدًا أو أكثر، صحابيًا أو غيره، وهو الذي صححه النووي، وهو أقرب من جهة المعنى اللغوي؛ فإنَّ الانقطاع ضدُّ الاتصال فيصدق بالواحد والأكثر.
          قال ابن الصلاح: إلَّا أنَّ أكثر ما يُوصف بالانقطاع من حيث الاستعمالُ ما رواه مَن دون التابعي عن الصحابي كمالك عن ابن عمر، وأكثر ما يوصف بالإعضال ما سقط منه اثنان، وأكثر ما يُوصف بالتعليق ما حذف أول سنده ولو إلى آخره، فالأكثر استعمالًا هو القول المشهور. انتهى.
          والانقطاع قد يكون ظاهرًا وقد يخفى فلا يدركه إلَّا أهل المعرفة، ويُعرف بمجيئه من وجهٍ آخر بزيادة رجلٍ أو أكثر.