مزيد فتح الباري بشرح البخاري

باب: هل يأخذ الإمام إذا شك بقول الناس؟

          ░69▒ (بَابٌ: هَلْ يَأْخُذُ الإِمَامُ إِذَا شَكَّ بِقَوْلِ النَّاسِ؟)
          أي هذا باب ترجمته: هل يأخذ الإمام... إلى آخره، وفي بعض النسخ: (هَلْ يَأْخُذُ الإِمَامُ بِقَوْلِ النَّاسِ إِذَا شَكَّ؟) يعني في الصلاة، وإنما لم يذكر الجواب لأنه مشى على عادته أن الحكم إذا كان مختلَفًا فيه لا يذكره بالجزم. وقال الزين بن المنيِّر: أراد أن محل الخلاف في هذه المسألة هو ما إذا كان الإمامُ شاكًّا أما إذا كان على يقينٍ مِن عَمَلِ نفسِه فلا خلاف أنه لا يرجع إلى أحد. انتهى.
          وقد اختلف العلماء في أن الإمام إذا شك في صلاته فأخبره المأمومُ بأنه تَرَكَ ركعةً مثلًا، هل يرجع إلى قوله أم لا؟ واختُلِف عن مالك في ذلك فقال مرَّةً: يرجع إلى قولهم _وهو قول أبي حنيفة_ وقال مرَّةً: يعمل عمل نفسه ولا يرجع إلى قولهم، وهو قول الشافعيِّ والصحيحُ عند أصحابه. وقال ابن التين: يُحتمل أن يكون صلعم شك بإخبار ذي اليدين، فسألهم إرادةَ تيقُّنِ أحد الأمرين، فلما صدَّقُوا ذا اليدين علم صحة قوله. وهذا الذي أراد البخاري بتبويبه. قال ابن بطَّال: حمَل الشافعيُّ ☼ رجوعه ◙ على أنه تذكَّر فذَكَر. قال: وفيه نظر، لأنه لو كان كذلك لبيَّنَهُ ◙ لهم ليرتفع اللبس، ولو بيَّنَه لنُقِل، ومن ادعى ذلك فعليه ذِكره. قال شيخنا: قد ذكره أبو داود من طريق الأوزاعي عن الزهري عن سعيد وعبد الله عن أبي هريرة بهذه القصة، قال: ولم يسجد سجدتي السهو حتى يَقَّنَهُ اللهُ ذلك. انتهى.