مزيد فتح الباري بشرح البخاري

باب الكلام في الأذان

          ░10▒ (بَابُ الكَلَامِ فِي الأَذَانِ) /
          أي: هذا باب في بيان حكم الكلام في أثناء الأذان بغير ألفاظه، لكنه ما صرّح بالحكم كيف هو، أجائزٌ أم غير جائزٍ؟ قال شيخنا: وجرى المصنف على عادته في عدم الجزم بالحكم الذي دلالته غير صريحة، لكن إيرادَه الأثرين المذكورين فيه، وإيرادَه حديث ابن عباس يشير إلى أنه اختار الجواز كما ذهبت إليه طائفةٌ على ما نذكره عن قريب إن شاء الله تعالى.
          قوله: (وَتَكَلَّمَ سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ فِي أَذَانِهِ) أي: سليمان بن صُرَد _بضم الصاد المهملة وفتح الراء في آخره دال مهملة_ ابن أبي الجون الخزاعيُّ الصحابيُّ، وكان اسمه في الجاهلية: يسارًا، فسماه النبي صلعم سليمان، وكنيته: أبو المطرِّف، وكان حبرًا(1) عابدًا ترك الكوفة، وقال ابن سعد: قتل بالجزيرة بعين الوردة في شهر ربيع الآخر سنة خمس وستين، وكان أميرًا على التوابين أربعة آلاف يطلبون بطلب(2) الحسين بن علي ♥.
          وهذا التعليقُ أخرجه ابن أبي شيبة من حديث موسى بن عبد الله بن يزيد أنَّ(3) سليمان بن صرد وكانت له صحبةٌ: كان يؤذن في العسكر، فكان يأمر غلامه بالحاجة في أذانه. ووصله أبو نعيمٍ شيخ البخاريِّ في كتاب «الصلاة» له، وأخرجه البخاريُّ في «التاريخ» عنه بإسناد صحيح، ولفظه مثل لفظ ابن أبي شيبة.
          قوله: (وَقَالَ الحَسَنُ) أي: البصري، ترجمته في باب: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا}[الحجرات:9] في كتاب الإيمان.
          قوله: (لَا بَأْسَ أَنْ يَضْحَكَ وَهُوَ يُؤَذِّنُ أَوْ يُقِيمُ) قال العيني: وهذا الأثر المعلَّق(4) غير مطابق للترجمة؛ لأنها في الكلام في الأذان، والضحكُ ليس بكلامٍ؛ لأنه صوتٌ يسمعه(5) نفس الضاحك ولا يسمع غيره، ولو علق عنه ما رواه ابن أبي شيبة في «مصنفه»: ((حدثنا ابن علية قال: سألت يونس عن الكلام في الأذان والإقامة، فقال: حدثني عبيد الله بن علان، عن الحسن: أنه لم يكن يرى بذلك بأسًا)) لكان أَوْلى وأوفق للمطابقة. انتهى.
          قال شيخنا: هذا التعليقُ لم أره موصولًا، والذي أخرجه ابن أبي شيبة وغيره من طرقٍ عنه جوازُ الكلام بغير قيد الضحك. وقيل: مطابقتُه للترجمة من جهة أن الضحك إذا كان بصوت قد يظهر منه حرف مفهم أو أكثر، فتفسد الصلاة، ومن منع الكلامَ في الأذان أراد أن يساويه بالصلاة، وقد ذهب الأكثر إلى أن تعمُّد الضحك يبطل الصلاة ولو لم يظهر حرف، فاستوى مع الكلام في بطلان الصلاة بعمده. انتهى.


[1] في العمدة: «خيرًا».
[2] في العمدة: «بدم».
[3] في الأصل: «بن»، والصواب المثبت من «المصنَّف».
[4] في الأصل: «المطلق» والمثبت من العمدة.
[5] في الأصل: «يسمع» والمثبت من العمدة.