مصابيح الجامع الصحيح

باب صفة النار وأنها مخلوقة

          ░10▒ (باب: صِفَةِ النَّارِ، وَأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ)
          تنبيه: هذه اللُّغات لم يروها النسفيُّ، وإنَّما هذا وأمثاله ممَّا سمع الفربريُّ من البخاريِّ، فألحقه به، والأولى تركه؛ لأنَّ موضوعه لمَّا كان عن رسول الله صلعم من أقواله، وأفعاله، وأحواله.
          فائدة: أجاب الشَّيخ تقي الدين السُّبكيُّ عن وجه الحكمة في كون أبواب النَّار سبعة والجنَّة ثمانية، مع أنَّه وتر يحبُّ الوتر: أنَّ الحكمة ما يقوله النَّاس في ذلك أنَّ نهاية العدد سبعة، ولذلك جعلت واو الثَّمانية، فكانت أبواب النَّار سبعة إشارة إلى نهاية العذاب، ولم يزد عليه لأنَّها دار عدل على سبيل الاستحقاق، وأبواب الجنَّة ثمانية إشارة إلى نهاية النعم وزيادة الثَّامن؛ لأنَّها دار فضل، قال تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس:26]، وأيضًا فالشَّكل المربَّع أحسن وأمكن في السَّكن والإقامة من غيره من الأشكال، فكانت الجنَّة على ذلك وجوانبها أربع، ويؤتى إليها من كلِّ جانب بغير حاجب، ولا بدَّ فيه من باب، ولم يكن واحدًا حذرًا من التضييق فزيد فلزم المصير إلى ثمانية، ويمكن إذا وسع الفكر ظهور غير ذلك، ولا يلزم من ورود الوتر في الأسماء الحسنى وصلاة الوتر أن يكون كل شيء وترًا، كيف وقد قال تعالى: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} [الذاريات:49] وغالب الصَّلوات شفع وحملة العرش ثمانية، والجهات أربع، وأمَّهات الرِّياح أربع، والخلفاء الرَّاشدون أربعة، والملائكة الكروبيون أربعة، وقد يقال هنا: إنَّ مجموع الدَّارين دار العدل ودار الفضل وتر، والله تعالى أعلم.
          [{زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ}] [هود:106]: الجوهريُّ: الزَّفير أوَّل صوت الحمار، والشَّهيق آخره، لأنَّ الزَّفير إدخال النَّفس، والشَّهيق إخراجه(1).
          قوله: ({ذُوقُوا} [آل عمران:181]): غرضه أنَّ الذَّوق بمعنى المباشرة والتَّجربة، لا بمعنى ذوق الفم، وقد يقال في كلام العرب: ذوقوا: بمعنى باشروا وجرِّبوا.


[1] في الأصل: (آخره).