مصابيح الجامع الصحيح

باب غسل الرجل مع امرأته

          ░2▒ (باب: غسل الرَّجل مع امرأته)
          قوله: (والنَّبيُّ) يُحتمَل أن يكون مفعولًا معه، وأن يكون عطفًا على الضَّمير المرفوع المتَّصل.
          إن قلتَ: كيف يكون عطفًا ولا يصحُّ أن يُقال: (اغتسل النَّبيُّ) بصيغة المتكلِّم؛ قلتُ: يقدَّر مناسبة ممَّا يصحُّ نحو: فعل الماضي، أو هو من باب تغليب المتكلِّم على الغائب، كما غلب في قوله تعالى: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الجَنَّةَ} [البقرة:35] المخاطب على الغائب، وتقديره: اسكن أنت وليسكن زوجك.
          إن قلتَ: الفائدة في تغليبِ (اسكن) هي أنَّ آدم كان أصلًا في سكن الجنَّة، وحوَّاء تابعة له، فما الفائدة فيما نحن فيه؛ قلتُ: وكذلك هنا؛ لأنَّ النِّساء محلُّ الشَّهوات وحاملات للاغتسال فكأنهنَّ أصلٌ في هذا الباب.
          قوله: (مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ مِنْ قَدَحٍ)، قيل: (مِنْ) الأولى ابتدائيَّة، والثَّانية بيانيَّة، والأولى أن يكون (قدح) بدل (إناء) بتكرار حرف الجرِّ في البدل.
          إن قلتَ: لمَ لا يجوز أن يكونَ التَّقدير: أغتسل أنا ورسول الله صلعم من إناء مشترك بيني وبينه، فيباردني ويغتسل ببعضه ويترك لي مَا بقي فأغتسل أنا منه.
          قلتُ: إنَّه خلاف الظَّاهر، سيَّما إذا كان (والنَّبيُّ) مفعولًا معه، وقد تقدَّم جواز تطهُّر المرأة والرَّجل من إناء واحد بالإجماع.
          وكذا تطهُّر المرأة بفضل الرَّجل، وأمَّا العكس؛ فجائزٌ عند الجمهور، سواء خلت المرأة بالماء أو لم تخلُ.
          وذهب الإمام أحمد إلى أنَّها إذا خلت بالماء واغتسلت؛ لا يجوز للرَّجل استعمال فضلها، وغير ذلك.
          خاتمة:
          (الفَرَقُ) بالفاء والرَّاء المفتوحتين، وقال أبو زيد الأنصاريُّ: إسكان الرَّاء جائز، وهو لغة فيه، وهو مقدار ثلاثة أصوع ستَّة عشر رطلًا عند أهل الحجاز.
          الخطَّابيُّ: أهل المعرفة بالحديث لم يرفعوا طرق أسانيد حديث نهي رسول الله صلعم أن يغتسل الرَّجل بفضل المرأة والمرأة بفضل الرَّجل، ولو ثبت؛ فهو مَنْسوخ.