مصابيح الجامع الصحيح

حديث: لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا

          2783- [ (لا هجرة): إن قلت: ثبت في الحديث لا تنقطع الهجرة ما قوتل الكفار.
          قلت: المراد لا هجرة من مكة إلى المدينة، وأما الهجرة فعلى معنيين: أحدهما: أنهم إذا أسلموا وأقاموا بين قومهم أوذوا فأمروا بالهجرة إلى دار الإسلام ليسلم لهم دينهم ويزول الأذى عنهم، والآخر: الهجرة من مكة لأن أهل / الدين بمكة(1) كانوا قليلين ضعفاء، وكان الواجب على من أسلم أن يهاجروا إلى الرسول، لكن إن حدث حادث استعان بهم في ذلك، فلما فتحت مكة استغنى عن ذلك؛ إذ كان معظم الخوف من أهلها فأمر المسلمون أن يقيموا في أوطانهم، ويكونوا على نية الجهاد مستعدين لأن ينفروا إذا استنفروا.
          الطيبي: كلمة (لكن) تقتضي مخالفة ما بعدها لما قبلها؛ أي: المفارقة عن الأوطان المسماة بالهجرة المطلقة انقطعت، لكن المفارقة بسبب الجهاد باقية مدى الدهر، وكذا المفارقة بسبب نية خالصة لله كطلب العلم والفرار بدينه ونحو ذلك.
          النووي: تحصيل الخير بسبب الجهاد قد انقطع بالفتح لكن حصلوه بالجهاد والنية الصالحة وإذا طلبكم الإمام للخروج إلى الجهاد فاخرجوا، ويحتمل العموم؛ أي: إذا استنفرتم إلى الجهاد، وإلى طلب العلم ونحوه.]



[1] في الأصل: (بالمدينة).