مصابيح الجامع الصحيح

حديث: أن رسول الله كان يسبح على ظهر راحلته حيث كان وجهه

          1105- قوله: (كَانَ يُسَبِّحُ) إن قلتَ: مَا وَجْهُ التَّلفيق بينه وبين مَا تقدَّم أنَّه قال: لم أره يُسَبِّح؛ قلتُ: مَعْناه: لم أره يصلِّي النَّافلة على الأرض في السَّفر.
          قال ابن بطَّال: يريد: لم أره يتطوَّع في السَّفر بالأرض؛ لأنَّه قد رُوِيَ أنَّه كان يقوم جوفَ اللَّيل في السَّفر ويتهجَّد فيه.
          وليس في قول ابن عمر: (لم أره يسبِّح) حجَّة على من رآه؛ لأنَّ من نفى شيئًا؛ فليس بشاهد، ويُحتمَل أن يكون تركه ◙ التَّنفُّلَ في السَّفر تحرِّيًا منه إعلام أمَّته أنَّهم في أسفارهم بالخيار في التَّنفُّل.
          وفيه دليل على جواز التَّنفُّل على الأرض؛ لأنَّه لمَّا جاز له التَّنفُّل على الرَّاحلة؛ كان في الأرض أجوز، وكذا صلاته الضُّحى يوم الفتح فإنَّه صلَّاها بالأرض على غير الرَّاحلة، وكانت نافلة في السَّفر.
          قال: وليس قول ابن أبي ليلى بحجَّة تُسقِط صلاة الضُّحى؛ لأنَّ ما فعله ◙ مرَّةً اكتفى الأمَّة بذلك، فكيف وقد روى أبو هريرة وأبو الدَّرداء: (أنَّه ◙ أوصاهما بركعتي الضُّحى).