مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الهمزة مع الذال

          الهَمزَة مع الذَّالِ
          31- «الإذخِرُ» [خ¦112] حشِيشَة مَعرُوفة طيِّبة الرِّيحِ، تقَع في الأوْدِية المُفرَدة، ويُصنَع منها شَرابٌ.
          32- قوله: «ما أذِنَ الله لشَيءٍ كأَذَنِه» [خ¦5023] بفتح الذَّال في المَصدرِ وكَسرِها في الماضي، ومعناه استمعَ كاسْتِماعِه، [وهو استِعارَة للرِّضا، والقَبولِ لقراءَتِه وعَملِه، وللثَّوابِ عليه، وهو تعالى لا يَشْغَلُه شأنٌ عن شأنٍ]، ووقَع في مُسلمٍ من روايةِ يحيَى بنِ أيُّوب [في هذا الحَديثِ] : «كإذْنِه» من الإذْنِ [الذي هو الإباحةُ والإطلاقُ]، والأوَّل أولى بمعنَى الحديثِ وأشهَر في الرِّوايةِ، وقد غلَّط الخَطَّابيُّ هذه الرِّواية؛ لأنَّ مَقصد الحديث لا يَقتَضي أنَّه أراد الإذنَ.
          والفِعلُ [من هذا أيضاً أذِنَ كالأوَّلِ، و] إذا كان بمعنَى الإعلام قيل فيه: آذَنَ / إيذَاناً.
          وفي [حَديثِ] خُطبةِ عُتبةَ بنِ غَزوانَ: «إنَّ الدُّنيا قد آذنَتْ بصَرْمٍ»؛ أي: أعلَمَت وأشعَرَت بانقطاعٍ ومُبايَنة، [ومِثلُه: «فآذِنُوا بها» [خ¦458]، و«فآذَنَ النَّبيُّ صلعم بتوبةِ الله علَينا» [خ¦4418] كلُّه بمعنَى أعلَم وكذلك: «بالصَّلاة» [خ¦138]، و«حتَّى يُؤذَنَ بالصَّلاة» [خ¦138] في حَديثِ الوِتْر، و«يُؤذِنُه بالصَّلاةِ» .
          وإذا كان من الأذان والنِّداء قيل: أذَّنَ، ومنه: «فأذَّنَ بالرَّحيلِ» [خ¦1560]، وأذَّن بالحجِّ، ومنه قوله تعالى: {فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ}[الأعراف:44].
          وفي «الموطَّأ» في حَديثِ ابنِ عمرَ ☻: «فأذَّنَ بالصَّلاة في لَيلةٍ ذاتِ بَردٍ» كذا رِوايةُ أبي عِيسَى من الإعْلامِ.
          وروَاه غيرُه: «فأُذِّنَ» من الأَذان، ورواه آخرُون: «فأَذَّنَ» بفَتحِ الهَمزةِ من الأَذان أيضاً، وكذا رواه البُخاريُّ [خ¦666] .
          وقوله: «يصَلِّي ركعتَينِ الفجر والأَذان بأُذُنَيه» [خ¦995] يريد تَعجِيلَه بهما، وقد فسَّره في الحَديثِ بنَحو هذا، فقال: «أي: بسُرعَةٍ» [خ¦995]، والأذان هاهنا يراد به إقامة صلاة الصُّبح]
.
          قوله: «يَسْتَرقُوا مِن الحُمَةِ والأُذُنِ» [خ¦5721] يعني وجَعَ الأُذُنِ،[و«الحُمَةِ» ستَأتِي في باب الحاءِ [ح م] ].
          قوله: «فأذَّنَ المؤَذِّنِونَ»، كذا في «المُوطَّأ» ليحيَى بنِ يحيَى بالجَمْع، ولغَيرِه بالإفْرادِ، وكذا أصلَحَه ابنُ وضَّاحٍ، والصَّوابُ الجَمْعُ؛ لأنَّ ابنَ حبيبٍ روَى(1) أنَّ النَّبيَّ صلعم كانَ له ثلاثةُ مؤَذِّنينَ بالمدينةِ يؤَذِّنُونَ واحداً بعدَ واحدٍ، ويحتَمِلُ أن يُريدَ مَن روَى «المؤذِّن» بالإفراد الجنسَ لا الواحِد (2).
          33- قوله في حَديثِ إيراد المُمرضِ على المُصحِّ: «فإنَّه أذًى» يعني مَكرُوهاً، وظاهرُه أنَّ المُصحَّ يتأذَّى من ذلك، إمَّا لكراهِيَة النُّفوس ذلك، أو من أجل العَدوَى، وكراهِيَة التَّعرُّض لذلك، [وقيل: معناه: إنَّه يَأثَم، فيحتَمِل أن يعُودَ على فاعلِ ذلك لِمَا يدخل على المُصِحِّ من كراهية جِواره وتأذِّيه به، ويحتَمِل أن يَعُود على المُصِحِّ؛ لأنَّه عرَّضه لاعْتِقاد التَّطيُّر والعَدْوى، وإن جَرِبتْ إبله فهو يَأثَم بهذا الاعْتِقاد].


[1] في «المشارق»: (حكى).
[2] هذه الفقرة في المشارق تحت فصل الوهم والاختلاف، ولم يأت بغيرها تحت هذا الفصل.