مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الهمزة مع الياء

          الهمزَة مع اليَاء
          103- «أَيْآتٌ أَيْآتٌ» كذا جاء في كتابِ مُسلمٍ في حَديثِ المَرأةِ صاحبة المَزادتين، وأكثرُ ما في «الصَّحيحَين» وغَيرِهما: «هَيهَات» كما في القرآن(1)، وفي بَعضِ رِوايات مُسلِم أيضاً «أَيْهَاتَ».
          وفيه لُغَات: أيآت وأيهات وإيهات، وفي الوَقف هيهاه بالهاء، هذا مَذهَب سِيبُويه والكِسائيِّ، وبُنِيت عندهم في غير الوَقف على الفَتحِ كأنَّه اسمٌ ضُمَّ إلى اسمٍ كحَضْرمَوت، ومنهم من يرى كسر التَّاء فيَقِف عندهم بالتَّاء وبنُونٍ إن شاء؛ لأنَّها عنده جمعُ هيهةٍ مثل قَبضَة وقَبضَات(2)، ومن لم يُنوِّن فلقُربٍ بين المَعرِفة والنَّكِرة.
          وقال أبو عُبيدٍ: هيهات تُرفَع وتُنصَب وتُخفَض.
          قال سِيبُويه: الكسرة فيها كالفَتحةِ، وقيل: معناه أنَّهما جميعاً للبِنَاء، وإن كانت على صُورَة المُعربِ من حيث كانت مجمُوعةً بالألف والتَّاء، قال بعضُهم: وهي من مُضاعف البِناء من باب هاهيتُ، وقد جاء في شِعرِ ذي الرُّمَّة(3) على غيرِ هذا التَّرتيبِ:
... يَهياه........                     ................
          104- [قوله: «أيِّدْهُ برُوحِ القُدُسِ» [خ¦453]؛ أي: قوِّه، والأيدُ والآدُ القُوَّة، ومنه: «إنَّ الله ليؤيِّدُ هذا الدِّينَ بالرَّجلِ الفاجِرِ» [خ¦3062]؛ أي: يشدُّه ويُقوِّيه].
          105- قولُ عُمَر ☺: / «تأَيَّمَت حفصَةُ» [خ¦4005]؛ أي: مات زوجُها خُنَيس، وقوله صلعم: «الأيِّمُ أحَقُّ بنفسِها» وهي التي مات زوجُها أو طلَّقها وقد آمت تَئِيم، قال الحربيُّ: وبعضُهم يقول تَأيَّم، ولم يَعرِفه أبو مروان بن سِرَاج، وقال: الأشبَه تاءَم، وقد يقال ذلك في الرِّجال أيضاً، وأكثرُه في النِّساء، ولذلك لم يُقل فيهِنَّ أيمه بالهاء لاختصاصِهِنَّ بهذه الصِّفة، على أنَّ أبا عُبيدَةَ(4) قد حكى أنَّه يقال: امرأة أيِّمة، وقد استُعمِل الأيِّم فيمن لا زوج له بِكراً أو ثيِّباً.
          وَقولهُ: «أَيَمْ هذا؟» [خ¦4341]، كذا ضبَطَه الأصيليُّ، كذا وجَدتُه مَضبُوطاً بخَطِّه بفتح الياء وإسكان الميم وأظنُّه وهماً، وصَوابه «أَيَّمَ هذا؟».
          وعند ابن أبي صُفرَةَ: «أَيْمَ هَذا؟» بسُكونِ الياء وفَتحِ الميمِ، وفتح الهَمزةِ على كلِّ حالٍ، وهما لُغَتان تَشدِيد الياء وإسكانها مَفتُوح الميم، قاله الخَطَّابيُّ، وهي كلِمَة استِفْهامٍ، قال الحربيُّ: هي «أيَّ» و«ما» صِلَة، قال الله تعالى: {أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ} [القصص:28] و{أَيًّا مَّا تَدْعُواْ}[الإسراء:110]، ومنه الحَديثُ الآخر: «أيُّمَ هذا؟» [خ¦4341]، وعند السمرقندي: «أيُّهُم»، وهما بمعنًى.
          قوله: «وأَيْمُ الله» [خ¦3475] بقَطعِ الألف ووَصْلِها؛ وهي حَلِفٌ، قاله الهَرَويُّ وغيرُه، كقَولِهم: يمين الله، ثمَّ يجمع أيمُناً فيقال: وَأيمُنُ الله، ثمَّ كثُر في الكَلامِ فحذَفوا النُّون فقالوا: أيمُ الله، ومُ الله، ومِ الله، ومَ الله، ومُنُ الله ومِنِ الله، وأيمَنُ الله، وَإِيمَنُ الله، وأَيْمُ الله، وإِيْمُ الله، كلُّ ذلك قد قيل، وبسَببِ هذا الاشتِقَاق لم يجعل بعضُهم الألف أصلِيَّة وجعَلَها زائدة، وجعَل بعضُهم هذه الكلِمَة كلَّها عِوضاً من واو القَسمِ، وهو مذهبُ المبرِّدِ، كأنَّه يقول: والله لأفعلنَّ، ورُوِي عن ابنِ عبَّاسٍ أنَّه قال: «إنَّ يمين اسمٌ مِن أسماءِ الله تعالى»(5) مثلُ قَديرٍ، قال أبو الهيثَمِ: فالياء منه من اليمن، فيمين ويامن من مثل قَدِير وقَادِر، وأنشَدَ(6) :
بيتك في اليامِنِ بيت الأيمَن                     ..................
          106- قوله: «وقد آضَتِ الشَّمسُ»؛ أي: عادت لحالها الأولى.
          وفي حديثِ هندٍ: «وأيضاً وَالله» [خ¦3825] مُنوَّن؛ أي: ستَزِيد بصيرتك وتعُودين إلى خيرٍ وأفضلَ من هذا، / ومِثلُه في حديث كعب بنِ الأشرفِ: «وأيضاً والله» [خ¦3031]؛ أي: ستَزِيد بصيرتُكم زهداً فيه ورَغبَة عن صُحبَته، وتعودون إلى تَكذِيبِه، ومنه قولهم في الكَلامِ: أيضاً؛ أي: رجَع وعاد إليه مرَّة أُخرَى.
          107- [قوله: «وأَيِسَ مِن الحيَاةِ» [خ¦3479] يقال: يَئِسَ وأَيِسَ وفي الحديث: «وأَيِسَ مِن راحلِتِه» ].
          108- قُولهُ: «إِيهاً» [خ¦3683] بكَسرِ الهَمزةِ؛ كلِمَةُ تصدِيقٍ وارتِضاءٍ، ومنه قولُ ابنِ الزُّبيرِ: «إِيهاً والْإِلَهِ» [خ¦5388].
          و«إيهٍ» مَكسُورة مُنوَّنة كلِمَة استِزادَة من حديثٍ لا تَعرِفه، و«إيهِ» غير مُنوَّنة استزادة من حديثٍ تَعرِفه، وقال يعقوبُ: يقال للرَّجل إذا استَزدتَه من عملٍ أو حَديثٍ: إيهِ، فإن وصَلْت نوَّنت فقلت: إيهٍ حَدِّثنا، قال ثابتٌ: وتقول: إيهاً عنَّا؛ أي: كف عنَّا وويهاً إذا أغرَيتَه أو زَجرتَه، وواهاً إذا تَعجَّبت، وقال الليثُّ: إيه كلمة زيادة واستِنْطاق، وقد تُنوَّن، وإيه كلمة زجر وقد تُنوَّن، فيقال إيهاً.
          قولُه صلعم: «آيَةُ المنافِقِ ثَلاثٌ» [خ¦33]؛ أي: علامَتُه، وآياتُ السَّاعةِ علامَاتُها، وكذلك آياتُ القُرآنِ، سُمِّيت بذلك؛ لأنَّها علامَة على تمامِ الكَلامِ، وقيل: بل لأنَّها جماعة من كلمات القُرآن، والآية من النَّاس الجماعةُ.
          109- قولهُ: «فإِيَّايَ لا يأْتِينِي أحَدٌ عَمِلَ كذا» معناه احذَرُوا واجتَنِبوا.
          [وقوله في حَديثِ كعبٍ: «ونهَى النَّبيُّ صلعم عن كلامِنا أيُّها الثَّلاثَةُ...وكنَّا خُلِّفْنا أيُّها الثَّلاثَةُ» [خ¦4418] هذا عند سِيبُويه على الاختِصاصِ، «وأَمينُنَا أيَّتُها الأمَّةُ أبو عبَيدةَ» [خ¦3744] وتكون؛ أي: هنا بمعنى الَّذي، كقَولِهم: علمت أيُّهم في الدَّار؛ أي: الَّذي في الدَّار، فكأنَّه قال في الحَديثِ: الذين هم الثَّلاثة، وأميننا الذين نحن الأمة أبو عُبيدَةَ].
          وقوله: «إي والله» [خ¦7328] معناه نعَم والله.


[1] هو قوله تعالى: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ} [المؤمنون: 36].
[2] في هامش (س): (الصواب مثل بيضة وبيضات)، كما في المشارق.
[3] تمامه كما في «ديوانه: 27»، وانظر: «العين، مادة: ياه»:
~تلوَّم يَهْياهٍ بياهٍ وقد مضى                      من اللَّيل جَوْزٌ وإسْبَطَرَّتْ كواكبُهْ.
[4] هكذا باتفاق النسخ، ونقله في «إكمال المعلم» عن أبي عبيد ░290▒ وكذا النووي في شرحه لمسلم 9/203، وهو في «الغريبين» له 1/127.
[5] لم نقف عليه.
[6] هو لرؤبة «تهذيب اللغة، مادة: يمن» وتمامه كما في «ديوانه،ص163»:
~...............                      في العزِّ منها والسِّنام الأسمن