مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الهمزة مع الزاي

          الهَمزَة مع الزَّاي
          43- قوله صلعم: «إِزْرةُ المُؤمِن إلى نصفِ ساقَيهِ» بضمِّ الهَمزةِ، ضبَطَه أكثرُ الشُّيوخِ، قالوا: والصَّوابُ كسرُها؛ لأنَّ المرادَ به الهَيئةُ والحالةُ كالقِعدةِ والرِّكبةِ.
          وقول ورقةَ [بنِ نوفَل: «وإن يَدرُكْني يومُك أنَصُرْك] نصراً مُؤَزَّراً» [خ¦3392] [يُروَى] بالهَمزِ وغير الهَمزِ؛ أي: نَصراً بالِغاً [قويَّاً] من الأزْرِ وهو الشدُّ، [ومنه قولُه سُبحانه: {اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي} [طه:31]؛ أي: قَوِّني به، والأزْرُ القُوَّة، وقال بعضُهم: أصلُه مُوَازِراً من وازَرْت، ويقال فيه أيضاً: آزرتُ؛ أي: عاوَنْت].
          وقولها: «شَدَّ مِئزَرَه» [خ¦2024] [المِئزرُ والإزارُ ما ائتَزر به الإنسانُ من أسْفَلِه]، وفيه تأويلان:
          أحدُهما: أنَّه كِنايَة عن البُعدِ عن النِّساءِ، كما قال(1) :
قَوْمٌ إذا حَارَبوا شدُّوا مآزِرَهُم                     دونَ النِّساءِ وَلَوْ باتَتْ بأطْهَارِ
          [ويدُلُّ على صِحَّة هذا التَّأويل ما وقَع لبَعضِ الرُّواة في كتاب مُسلمٍ «لَيلة القَدر»: «اعتزَلَ فِراشَه وشَدَّ مِئْزَرَه»، قال القابِسيُّ: كذا في كتُب بَعضِ أصحابِنا، قال ابنُ قُتيبةَ: وهذا من لَطيفِ الكِنايَة عن اعتِزال النِّساءِ.
          والتَّأويلُ]
الثَّاني: أنَّه كِنايَة عن الجِدِّ في العَملِ والعِبادَةِ والتَّشمُّر لذلك [والتَّأهبِ له].
          [قول أنسٍ ☺: «أَزَّرَتْني ببعضه ورَدَّتْني ببَعضِه»؛ أي: جعَلَت من بَعضِه إزاراً لأسْفَلي، ومن بَعضِه رِداءً على بَدنِي، وهو مَوضِع الرِّداء، وتأوَّل بعضُ النَّاسِ قوله: «ورَدَّتني ببعضِه» من الرَّدِّ].
          قوله تعالى: «الكِبرياءُ رِدائي، [والعَظمةُ إزاري»، وهو مِثلُ قَولِه: «إِلَّا رِداءُ الكِبرِ على وَجْهِه» [خ¦4878]، و] / هو من مجازِ لِسان العَربِ، وبَديعِ استِعاراتِها، يكنون عن الصِّفة اللَّازمة بالثَّوب، يقولون: شِعار فلان الزُّهد ولِباسُه التَّقوى، فالمرادُ هاهنا _والله أعلم_ أنَّها صِفاته اللَّازمة له المُختَصَّة به التي لا تلِيقُ بغَيرِه، [اختِصاص الرِّداء والإزار للَّابسِين من المُلُوك، ولهذا قال: «فمَن نازَعَنِي فيهما قصَمْتُه».
          وقوله في الثَّوبِ: «وإِنْ كانَ الثَّوب قصِيراً فلْيَتَّزِرْ به»، كذا لجَميعِ رُوَاةِ «المُوطَّأ»، وأصلُه فليَأْتَزِر، فسهَّل وأدْغَم، كقَولِه: {مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ}[الجاثية:23]، أصلُه اِئتخَذ.
          44- قوله: «فَوَازَيْنا العَدُوَّ» [خ¦942]؛ أي: نزَلنا قريباً منه مُقابله، وأصلُه الهَمزَة، يقال: أزيت إلى الشَّيء قصير الألف، أزِيَ أَزْياً إذا انضَمَمتَ إليه وقعَدتَ إِزاءه؛ أي: قبالَته]
.


[1] القائل الأخطل مادحاً يزيد بن معاوية، انظر ديوانه ص138، وغريب الحديث لأبي عبيد1/281.