مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الهمزة مع التاء

          الهَمزَة مع التَّاء
          10- قوله: «ثَوبٌ إِتْرِبِيٌّ» ينسَبُ إلى إِترِيبَ، قريةٌ بمِصرَ.
          قوله: «قطَع في أُتْرُجَّةٍ»، و«مَثلُ المؤمِنِ...مَثلُ الأُترُجَّةِ» [خ¦5020] كلُّه بضمِّ الهَمزةِ وشدِّ الجيمِ، ويقال أيضاً: أُترُنجة، وبالوَجهَين رُوِي في «المُوطَّأ»، وحكَى أبو زَيدٍ: تُرُنجَة لغة ثالثة، والأوَّلُ أفصَحُ.
          قال مالكٌ: وهي هذه التي تُؤكَل، ولو كانت من ذَهبٍ لم تُقوَّم، وقال ابنُ كنانةَ: كانت من ذَهبٍ قدْرَ الحِمَّصةِ، يُجعَل فيها الطِّيبُ.
          قلت: ولا يبعُد قول مالكٍ ☼؛ فقد تُباع في كَثيرٍ من البِلادِ بثلاثةِ دراهم، فكيف بالمَدينةِ وحين كثُرت الدَّراهمُ بها.
          وقولُ البُخاريِّ في تَفسيرِ المُتَّكَأ: «وليس في كَلامِ العرَبِ الأُترُجُّ» [خ¦65-6805] يعني: أنَّه لا يُعرَف ذلك في تَفسيرِ المُتَّكأ، لا أنَّه أنكَر اللَّفظةَ.
          11- قوله: «على أَتانٍ» [خ¦76] هي الأُنثَى من الحُمُرِ، مفتوحةُ الهَمزةِ.
          وفي بعضِ رِوايَاتِ البُخاريِّ: «على حمارٍ أتانٍ» [خ¦76]، ضبَطَه الأصيليُّ على النَّعتِ أو البَدل مُنوَّنينِ، يريد جاء على حمارٍ، وجاء / على أتانٍ، فالأولى الجمعُ بينهما.
          قال سِرَاج ابن عبد الملك: يكون «أتان» وَصفاً للحمارِ، ومعناه صُلبٌ قوِيٌّ، مأخُوذٌ من الأتانِ، وهي الحِجارَةُ الصُّلبَةُ، قال: وقد يكونُ بدَل غلطٍ.
          قلتُ: وقد يكون بدَل بعضٍ من كُلٍّ؛ لأنَّ الحمارَ يشمَل الذَّكر والأُنثَى كالبَعيرِ.
          قال ابنُ سِرَاج: وقد يكون على «حمارِ أتانٍ» على الإضافةِ؛ أي: على حمارٍ أُنثَى، وفَحلِ أُتُنٍ، وفَحلِ فَحلةٍ، قلت(1) : وكذا وجَدتُه مضبُوطاً في بعضِ الأصولِ عن أبي ذرٍّ.
          قلت: ولفظُ (أتَى) قد يُشكِل في بَعضِ المَواضعِ(2) فمنه:
          12- في حَديثِ الهِجْرةِ: «أُتِينا يا رسولَ الله» [خ¦3615]؛ أي: أُدرِكنا ووُصِلَ إلينا، فهو مَقصُور.
          وفي حَديثِ النَّذرِ: «فهو يُؤتِي عليه ما لم يكُن يُؤتِ» [خ¦6694]؛ أي: يُعطِي.
          وفي «بابِ كِسْوةِ المَرأةِ»، قول عليٍّ ☺: «آتَى إليَّ رسولُ الله صلعم حُلَّةً سِيَراءَ» [خ¦5366] هذا ممدُود؛ لأنَّه بمعنَى: أعطَى، و«إليَّ» مُشدَّدة الياء، وبقِيَّة الحَديثِ يدُلُّ عليه.
          وفي رِوايَة النَّسفيِّ: «بَعَثَ إليَّ»، وقد ضبَطَه بعضُهم: «بُعِثَ إليَّ».
          قال بعضُهم: وهو وَهمٌ، قال ابنُ قُرقُول: بل له وَجهٌ في العرَبِيَّة.
          وفي كتاب عُبدُوس: «أَهدَى إليَّ النَّبيُّ صلعم».
          قوله: «طَرِيقٌ مِئتَاء» [خ¦46/29-3876] مهمُوز ممدُود يعني: الموتَ؛ لأنَّ النَّاسَ كلَّهم يسلُكُونها، وقد تُسهَّل، ومعناه: كثيرةُ السُّلوكِ عليها، مِفعالٌ من الإتْيَانِ، قال أبو عُبيدٍ: وبعضُهم يقول: طريقٌ مَأتيٌّ؛ أي: يأتي عليه النَّاسُ، وهو صَحِيحٌ أيضاً.
          وفي حَديثِ أكلِ الثُّومِ: «وكان رسولُ الله صلعم يُؤتَى» وتمَّ الحديثُ في رِوَاية بَعضِهم، ولم يذكر ما الذي يُؤتَى.
          وزاد في رِوَايةٍ: «بالوَحيِ».
          وفي أُخرَى: «يَعنِي يأتِيه جِبرِيلُ»، وهو معناه هاهنا.


[1] من كلام القاضي في «المشارق».
[2] وضابطه كما في «المشارق»: أنه حيثما جاء من الإتيان بمعنَى المَجيء فهو مَقصُور الهَمزةِ، وإذا كان بِمعنَى الإعطاء فمَمدودُ الهَمزةِ.