مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الهمزة مع الباء

          الهَمزةُ مع الباءِ
          1- قوله صلعم: «إنَّ لهذه البَهائمِ أَوَابِدَ» [خ¦2488]؛ أي: نوافِرَ، يقال: أَبَدَتْ تَأبِد وتَأبُدُ أُبُوداً فهي آبدةٌ إذا توحَّشَت.
          قوله صلعم: «لا؛ بَل لأبدِ أبدٍ».
          ويُروَى: «لا؛ بَل لأبدِ الأبدِ» على الإضافةِ؛ أي: لآخرِ الدَّهرِ، والأبدُ الدَّهرُ.
          2- قوله: «وهم يأَبِرونَ(1) النَّخلَ»؛ أي: يُلقِّحُونها ويُذكِّرُونها، وقد جاء مُفسَّراً في الحديثِ كذلكَ، يقال: أَبَرْتُ النَّخل وأبَّرتُه إذا ذكَّرتُه.
          ووقَع في روايةِ الطَّبريِّ: «يؤبِّرون» بالتَّشديدِ.
          قوله: «ولم يَبْتَئِرْ خيراً» [خ¦6481] هكذا في أكثَرِ الرِّواياتِ بتَقديمِ الباء على التَّاء، ووقَع لابنِ السَّكنِ: «لم يَأتَبِرْ»، فهو على هذا من هذا البابِ، ومعناهما سَواء؛ أي: لم يدَّخِر، والبئيرةُ: الذَّخِيرةُ.
          قوله: «أَبَارِيقُه» [خ¦6580]؛ أي: كِيزَانُه إذا كان لها خَراطِيمُ، فإن لم يكن لها خَراطيمُ فهي أكوابٌ، وقيل: بل «الإبريقُ» ذو الآذان والعُرَى، و«الكُوبُ» ما لا أذُن له ولا عُروَة.
          3- «الإِبزَنُ» [خ¦30/25-3020] والإبزَنُ كلِمَة فارسِيَّة، وهو مِثلُ الحَوضِ الصَّغيرِ، أو القَصرِيَّة الكَبيرة، من فخَّارٍ ونَحوِه، قاله ثابت، وقيل: هو حجَرٌ مَنقُورٌ كالحَوضِ، وقال أبو ذرٍّ: هو كالقِدرِ يُسخَّن فيه الماء، قال القاضي: وليس هذا بشيءٍ، وفِقه الحَديثِ أنَّه كان يَتبرَّد فيه وهو صائمٌ يَستعِينُ به على حرِّ العطشِ، وهو قولُ كافَّة العُلماءِ، وكرِهَه بعضُهم حتَّى كرِهَ إبراهيمُ النَّخَعيُّ للصَّائمِ أن يبُلَّ ثوبَه من الحَرِّ.
          4- قوله: «إبِلاً مُؤبَّلَة»؛ أي: قِطعاً قِطعاً مجمُوعةً، أو تكون «مؤبَّلةً» مرعِيَّة مُسرَّحةً للرَّعي، والآبِلُ الرَّاعي للإبلِ، وأبَلَها يَأْبُلها(2) أُبولاً: سرَّحها في الكَلأِ، وأَبَلت هي أَبْلاً رعَت، قاله ثعلَبٌ، وقال الهَرَويُّ: تَأَبَّلَت اجتَزَأت بِرَطْب الكَلأِ عن الماءِ.
          5- قوله: «نَأبُنُه بِرُقْيةٍ» [خ¦5007] قيَّده بضمِّ الباءِ والتَّخفيفِ لا غير؛ أي: نتَّهِمه ونذكُرُه ونَصِفُه بذلك، كما في الرِّوايةِ الأُخرَى: «نَظُنُّه»، وأكثرُ ما يُستَعمل في الشَّرِّ.
          وقال بعضُهم: لا يقال إلَّا في الشَّرِّ، وقيل: بل يقال فيهما، وهذا الحديثُ يدُلُّ عليه.
          6- قوله صلعم: / «أَبَنُوا أهْلِي» [خ¦4757]، و«أبَنُوهُم» [خ¦4757]؛ أي: اتَّهِمُوهم وذكرُوهم بالسُّوءِ.
          وفي روايةِ الأصيليِّ: «أبَّنوا» بتَشديدِ الباء، وكِلاهُما صَوابٌ، قال ثابتٌ: التَّأبينُ ذِكرُ الشَّيءِ وتتَبُّعه، قال الشَّاعرُ:
فرفَّع أصحابي المَطِيَّ وأبَّنُوا(3)                     ..................
          قالَ ابنُ السِّكِّيت: أي: ذَكَرُوها، والتَّخفيفُ بمعناه.
          ورُوِي: «أنَّبوا أهلي»(4) بتَقديمِ النُّون والتَّشديدِ، كذا قيَّده عُبدُوس بنُ محمَّدٍ، وكذلك ذكَره بعضُهم عن الأصيليِّ.
          قال لي القاضي: وهو في كتابي مَنقُوطٌ من فوقُ وتحتُ، وعليه بخَطِّي علامَةُ الأصيليِّ، ومعناه إن صحَّ: لامُوا ووبَّخوا، وعندي أنَّه تَصحِيفٌ لا وَجه له هاهنا (5).
          7- قوله: «الأَبْهَرُ» [خ¦4428] عِرقٌ يكتَنِف الصُّلب، وهما أبهرَان وكأنَّ أصلَه من البُهْرَةِ، وهي وسَط كلِّ شيءٍ، أو من البُهرِ وهي الغَلبَة أيضاً، ورَجلٌ شديدُ الأبهَرِ؛ أي: الظَّهر، فسُمِّيا بذلك لشدِّهما الظَّهرَ وغَلبَتِهما عليه، كما قال الشَّاعرُ(6) :
ويَرْكبُ يومَ الرَّوع فينا فوَارِسٌ                     يُصِيبُون في طَعنِ الأباهِرِ والكُلى
          [وإنَّما ذكَرنا الأبهر هاهنا للُزُوم الهمزَةِ له بكُلِّ حال وإن كانت مَزيدَة في أوَّله](7).
          8- قولُ عائشةَ ♦ في حفصةَ ♦: «وكانَت بنتَ أبيهَا»؛ أي: شَبِيهةً به في حِدَّة الخُلق والعَجلةِ في الأمور، وقيل: في قُوَّةِ النَّفسِ والمُبادرَةِ إلى تعرُّف ما يُجهَل من غَيرِ ضَعفٍ ولا تأنٍّ.
          قوله: «أبُو مَنزِلِنا»؛ أي: ربُّه وصاحِبه، ويقال أيضاً: أبو مَثوانا، والعَربُ تَستَعمل الأب بمعنى مالك الشَّيء، وبمعنى مُبتدِئه، [وسَنَذكُره بعدُ بأشبَع من هذا إن شاء الله].
          9- قوله: «فإذا أرادوا فِتنَةً أبَينَا» [خ¦2837]؛ أي: توَقَّرنا وتَثبَّتنا ولم يَرُعنا صياحُهم وأبينا الفِرار، قال الشَّاعرُ(8) :
.................                     ثبْتٌ إذا ما صِيحَ بالقَومِ وَقَرْ


[1] ضبطت في الأصول بضبطين، المثبت و: يأَبُـرونَ.
[2] ضبطت في الأصول بضبطين، المثبت و: يَأْبِـلها.
[3] البيت للراعي النميري وتتمته كما في «ديوانه: 43»:
~.........                      هُنَيْدَةَ فاستاقَ العيون اللَّوامِح
[4] بهذا اللفظ أورده السيوطي في «الدر المنثور» في تفسير الآية ░11▒ من سورة النور، معزواً إلى (خ، ت، ابن جرير) ولم أره في المطبوع منهم.
[5] المشارق مادة: (أ ب ن).
[6] هو زيد الخيل كما في «أدب الكاتب: 510» بلفظ:
~ويَرْكبُ يومَ الرَّوع منَّا فوَارِسٌ                      بصيرون في طعن الأباهر والكلى
[7] كل ما بين معقفين زيادة من [ن] انظر مقدمة التحقيق.
[8] هو العجاج كما في «شرح أدب الكاتب، للجواليقي: 74» وشطره الأول كمَّا في «اللسان، مادة: ثبت»:
~بكلِّ أخلاقِ الشجاعِ قدْ مَهَرْ                     ................