غاية التوضيح

باب: في الركاز الخمس

          ░66▒ (باب في الرِّكازِ)
          وهو المال المدفون تحت الأرضِ، (الخُمُسُ) لكثرة نفعه وسهولة أخذه.
          قوله: (دِفْنُ الجاهِليَّةِ) بكسر الدَّال وسكون الفاء؛ أي: الشَّيء المدفون تحت الأرض كذِبْح معنى مذبوح، وبالفتح المصدر.
          قوله: (قَليلِهِ) هو ما لم يبلغ النِّصاب.
          قوله: (وَلَيْسَ المَعْدِنُ) بكسر الدَّال؛ أي: المكان من الأرض يخرج منه شيءٌ من الجواهر، والذَّهب، والفضَّة، والحديد، والنُّحاس، وغير ذلك، (بِرِكازٍ) لأنَّه لا يدخل تحت اسم الرِّكاز، ولا له حكمه فيجب فيه ربع العشر لا الخمس؛ لأنَّه يحتاج إلى عملٍ ومعالجة واستخراج بخلاف الرِّكاز.
          قوله: (جُبَارٌ) بضم الجيم وتخفيف الموحَّدة آخره راءٌ؛ أي: هدر؛ يعني: إذا حفر معدنًا في ملكه، أو في مواتٍ فوقع فيها شخصٌ ومات، أو استأجره بعمل في المعدن وهلك؛ لا يضمنه، بل دمه هدرٌن وليس المراد لا زكاة فيه.
          قوله: (وَفي الرِّكازِ) أي: دفن الجاهليَّة، (الخُمَس) / ففرَّق بين المعدن والرِّكاز وجعل لكلٍّ منهما حكمًا، فدلَّ ذلك على التَّغاير.
          قوله: (خَمْسَةً) وهي ربع العشر، و(السِّلْمِ) بكسر السِّين وسكون اللَّام: الصُّلح، وقيل: السَّلامة؛ أي: أرض سلامة، وهي في مقابل الحرب، والمراد أرض أهل الإسلام.
          قوله: (فَفيهِ الزَّكاةُ) أي: المعهودة، وهي ربع العشرون، و(وُجِدَت) بلفظ المجهول، و(اللُّقَطَة) بضمِّ اللام وفتح القاف وسكونها، وهذا من قول الحسن، وفي «الفرع» (وإن وَجَدتَ) بفتح الواو، بلفظ المعروف.
          قوله: (فَعَرِّفْها) بصيغة الأمر.
          قوله: (بَعْضُ النَّاسِ) هو الإمام الأعظم أبو حنيفة ☼ .
          قوله: (أَرْكَزَ المَعْدِنُ) بفتح الهمزة؛ فعل ماضٍ مبنيٌّ للفاعل.
          قوله: (إِذَا خَرَجَ) وفي بعضها <أُخْرِجَ> بلفظ المجهول من الإفعال.
          قوله: (قِيلَ لَهُ) أي: لبعض النَّاس على وجه الإلزامِ.
          قوله: (أَرْكَزْتَ) بتاء الخطاب؛ أي: فيلزم أن يقال: كلُّ واحدٍ من الموهوب والرِّيح والثِّمار ركاز، ويقال لصاحبه صاحب ركازٍ، ويجب فيه الخمس، لكنَّ الإجماع على خلافه، وأنَّه ليس فيه إلَّا ربع العشر، فالحكم يختلف وإن اتَّفقت التَّسمية، في «القسطلانيِّ»: وأعرض بعضهم بأنَّه لم ينقل من بعض النَّاسِ ولا عن العرب أنَّهم قالوا: أركز المعدن، وإنَّما قالوا: أركز الرَّجلُ، فإذا لم يكن هذا صحيحًا فكيف يتوجَّه الإلزام بقول القائل: قد يقال لمن وُهِب له شيءٌ أن يقال له: أركزت بالخطاب؟ وكذا إذا أربح ربحًا كثيرًا، أو كثر ثمره؟ ولو علم المعترض أنَّ معنى (افعل) ههنا ما هو لما اعترض ولا أفحش فيه، ومعنى (افعل) ههنا لصيرورة الشَّيءِ منسوبًا إلى ما اشتقَّ منه الفعل، كأغد البعير إذا صار ذا غد، ومعنى (أركز الرَّجل) صار له ركازٌ من قطع الذَّهب، ولا يقال إلَّا بهذا القيد لا مطلقًا، انتهى.
          قوله: (ثُمَّ ناقَضَ) أي: بعض النَّاس، هذا إلزامٌ آخر، ووجه المناقضة أنَّه قال أوَّلًا: المعدن يجب فيه الخمس لأنَّه ركاز، وقال ثانيًا: له أن لا يؤدِّي الخمس في الرِّكاز ويكتمه؛ أي: على السَّاعي، وهو متناول للمعدن، قيل: هذا الإلزام تعسُّفٌ من البخاريِّ؛ إذ مراد أبي حنيفة ⌂ أنَّ له أن يأخذه لنفسه إذا كان محتاجًا عوضًا ممَّا له من الحقوق في بيت المال، لا أنَّه أسقط الخمس من المعدن بعدما أوجبه فيه.