تعليقة على صحيح البخاري

باب: هل يقول الإمام للمقر لعلك لمست أو غمزت؟

          ░28▒ (بَابٌ: هَلْ يَقُولُ الإِمَامُ [لِلْمُقِرِّ] : لَعَلَّكَ لَمَسْتَ أَوْ غَمَزْتَ أَوْ نَظَرْتَ(1)).
          هو دالٌّ(2) على جواز التَّلقين في الحدود، ما يدرأ(3) عنه الحدَّ؛ إذ لفظ الزِّنى يقع على نظر العين وجميع الجوارح، فلما أتى بلفظ مشترك؛ لم يحدَّه حتَّى وقف على صحيح ما أتاه بغير إشكال؛ لأنَّ من شريعته درء الحدود بالشبهات(4) ، فلمَّا أفصح وبيَّن؛ أمر برجمه، وهو دالٌّ(5) على أنَّ الحدود لا تقام إلَّا بالإفصاح، ألا ترى أنَّ الشُّهود لو شهدوا على رجل بالزِّنى، ولم يقولوا: رأيناه أولج فيها؛ كان حكمهم حكمَ من قذف، لا حكم مَن شهد؛ رفقًا من الله تعالى بعباده ويسرًا عليهم؛ ليتوبوا، وقد استعمل التلقين بالإيماء أيضًا الصَّحابة الرَّاشدون بعده؛ عمر وعليٌّ وابن مسعود ومالك.
          وروى معمر بإسناده: أنَّ عمر أُتي برجل، فقيل: إنَّه سارق، فقال عمر: إنِّي لأرى يد رجل ما هي بيد سارق(6) ، فقال الرَّجل: والله ما أنا بسارق، فخلَّى سبيله، وأُتي عليٌّ ☺ بامرأة يقال لها: مزاحة، وهي حبلى من الزِّنى، فقال: ويحك! لعلَّ رجلًا استكرهك؟ قالت: لا، قال: لعلَّ وقع عليك وأنت نائمة؟ قالت: لا، فلعلَّ زوجك من عدوِّنا(7) أهلِ الشَّام، فأنت تكرهين أن يُدلي عليك؟ قالت: لا، فجعل يُلقِّنها هذا وأشباهه، [وتقول: لا، فرجمها، وعن أبي مسعود: أُتي بسارق سرق بعيرًا] ، فقال: هل وجدتَه(8) ؟ قال: نعم، قال: فخلَّى سبيله(9) ، فهذا وجه التَّلقين بالتَّعريض لمن يعرف(10) الحدَّ وما يلزمه فيه، وأمَّا تلقين الجاهل ومن لا يعرف الكلام؛ فهو(11) تصريح، روى ابن جريج عن عطاء: كان بعضهم أُتِي بامرأة سرقت، فقيل [له: إنَّها سرقت، فقال] لها: أسرقت؟ قولي: لا، قالت: لا، فخلَّى سبيلها.


[1] (أو نظرت): ليس في «اليونينيَّة».
[2] في (أ): (دلك).
[3] في (أ): (يدرأن).
[4] في (أ): (بالتنبيهات).
[5] في (أ): (ذاك).
[6] في (أ): (هو بيد بسارق).
[7] في (أ): (زجك من عددنا).
[8] في (أ): (وجزيته).
[9] في (أ): (سبيله).
[10] في (أ): (لم يعرفه).
[11] في (أ): (وهو).