مطالع الأنوار على صحاح الآثار

السين مع الراء

          السِّين مع الرَّاء
          2012- قوله: «فكان يُسَرِّبُهُنَّ إليَّ»؛ أي: يُوجِّههنَّ ويسرِّحهنَّ، وقوله: «سَرَباً» [خ¦122]؛ أي: طريقاً لوَجهِه ومَذهبِه، وتفتح الرَّاء وتسكَّن والسِّين مفتوحة، فإذا كُسِرت وسُكِّنت الرَّاء فهي النَّفسُ والبالُ، ومنه: «من أصبَح آمناً في سِرْبه»؛ أي: نَفسِه رخيَّ البالِ، ومن قال هنا:«في سَرْبه» يريد في مَذهبِه ومَسلكِه، قال الخَطَّابيُّ: أجمَع أهلُ الحديثِ والعربِيَّة على كسرِ سين «سِربه» يعني: نفسَه إلَّا الأخفش فإنَّه فتَحَها.
          قوله: «يقطعُ دُونَها السَّرابُ» [خ¦3191] هو ما يظهَر نصف النَّهار في الفَيافِي كأنَّه ماء، والأوَّلُ ما يكون في طرفي النَّهار، وهو إشارةٌ إلى بُعدِ سَيرِ النَّاقةِ حتَّى ظهَر ما بينه وبينها السَّرابُ وتقطعه.
          2013- قوله: «أمثالُ السُّرُجِ» هي جمعُ سِراج، وهو المِصباحُ.
          2014- قوله: «تحت سَرْحَةٍ» [خ¦487] هي شجَرة طويلة لها مَنظَر، ولها طعمٌ، لا يأكله المال(1)، وجمعُه سرَح وسرَحات، ويقال: هو الآء(2)، وقيل: الدِّفلي، قال أبو عليٍّ: هو نبتٌ، وقيل: لها هُدب وليس لها ورَق، وهو يُشبِه الصُّوف.
          وقوله: «قَلِيلاتُ المسَارِح» [خ¦5189]؛ أي: المَراعِي.
          وقوله: «تعُودُ عليهم سارِحَتُهُم»؛ أي: ماشِيَتهم السَّارحة بالغَداةِ لمَراعِيها.
          وقوله: «ثمَّ يَسْرَحُ» [خ¦4093] يعني: غنَمَه، سَرَحْتُ الإبلَ بالتَّخفيف فسَرَحَت هي، قال الله تعالى: {وَحِينَ تَسْرَحُونَ} [النحل:6].
          وقيل في الحديثِ: إنَّ إبلَه لا تسرَح فتَغِيب قريباً ولا بعيداً؛ ليجِدَها للضَّيفِ متى حلَّ به للحَلبِ والنَّحرِ، وقيل: بل لأنَّها لكَثرةِ ما ينحر منها لا يبقى ما يسرح منها إلَّا قليل، وقد تقدَّم في حرف الباء.
          والسَّرحُ أيضاً / الإبلُ والمَواشِي التي تسرح للرَّعي بالغداة، ومنه: «أغار على سَرحِ المدينة».
          وقوله: «تَسْرَح من الجنَّة حيث تشاء»؛ أي: تنعم وتتردَّد في ثمارِها كما تَسرَح الإبلُ في مَراعِيها.
          2015- قوله: «أسْرُدُ الصَّوم» [خ¦1977]؛ أي: أُوالِيه، ومنه: {وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ} [سبأ:11]؛ أي: في مُتابَعةِ الحِلَق شيئاً بعد شيءٍ حتَّى تتناسَق، ومنه: «كان لا يَسْرُد الحديثَ سرْدَكم» [خ¦3568]، ومنه: سُمِّيت حِلَق الدِّرع سرداً لتَناسُق بعضها ببعضٍ، وقيل: السَّردُ سمرُ طرفَي الحَلقةِ، ومنه {وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ} [سبأ:11]؛ أي: لا تجعل المَساميرِ رِقاقاً ولا غِلاظاً.
          و«السُّرَادِق» [خ¦1522] الخباء وشِبهه، وأصلُه ما أحاط بالشَّيءِ ودار به، وقيل: ما يُدارُ حول الخباءِ.
          2016- قوله: «هل صُمْت من سَرَر هذا الشَّهر؟» [خ¦1983]، كذا للكافَّة.
          وعند العُذريِّ: «من سُرر» بضم السِّين، قال أبو عُبيدٍ: سرار(3) الشَّهر آخِرُه، حيث يستَسِرُّ الهلال، وسرره أيضاً، وأنكَره غيرُه، وقال: لم يأت في صَومِ آخر الشَّهر حضٌّ، وسرار (4) كلِّ شيءٍ وسطُه وأفضَلُه، فكأنَّه يريد الأيَّام الغُرِّ من وسَطِ الشَّهرِ.
          وقال ابنُ السِّكِّيتِ: سِرار الشَّهر وسَراره بالكَسرِ والفَتحِ، قال الفَرُّاءُ: والفتحُ أجوَد، وقال الأزهريُّ: سُرر الشَّهر وسِراره وسَراره ثَلاثُ لُغاتٍ.
          وقال الأوزاعيُّ وسعيدُ بنُ عبدِ العَزيزِ: سِرُّهُ أوَّلُهُ، وقد جاء هكذا في «مُصنَّف أبي داود»، وأثبَت بعضُهم: «سُرَّة»، ولم يَعرِفه الأزهريُّ، وقال أبو داود: وقيل: سِرُّه وسَطُه، وسِرُّ كلِّ شيءٍ جَوفُه، وأنكَر هذا الخَطَّابيُّ أنَّ سِرَّه أوَّله، وذكَر قولَ الأوزاعيِّ، سِرُّهُ: آخِرُه(5)، وقال: سُمِّي آخره سرَّاً؛ لاستِسْرار القَمرِ فيه، وذكر مُسلِمٌ في حديث عِمرانَ بنِ حُصينٍ: «أَصُمْتَ من سُرَّةِ هذا الشَّهر؟» وهذا يدُلُّ على أنَّه وسَطه.
          وقوله: «تَبْرقُ أسارِيرُ وَجْهِهِ» [خ¦3555] هي خطُوطُ الجبهةِ وتكسُّرها، واحدُها سرَّ وسرَر، والجمعُ: أسرارٌ، وأساريرُ جمعُ الجمعِ.
          وقوله: «حدَّثني عَنْبسةُ بحَديثٍ يَتَسَارُّ إليه فيه» بفتح الياء يتفاعَلُ من السُّرورِ.
          وقوله: «وادٍ يقالُ له السُّرَر» / وهو بضَمِّ السِّين لأكثَرِهم، وضبَطَه الجَيَّانيُّ بالضَمِّ والكَسرِ، وقوله: «سُرَّ تحتها سبعونَ نبيَّاً» قيل: هو من السُّرورِ؛ أي: بُشِّروا بالنُّبوَّة، وقيل: وُلِدوا تحتَها فقُطِعت سُررُهم؛ وهو ما تقطَعه القابِلةُ من المَولودِ عند الوِلادَة من المَشِيمَة، واحدُها سِر بالكَسرِ، وما بَقِي من أصلِها في الجَوفِ فهي سُرَّة، وتَسمِية الوادي بـــ«السُّر» يعضد هذا التَّأويلَ، وقال الكسائيُّ: قُطِع سُرُّه وسُرَرُه بالضَّمِّ فيهما، وذكَر ثعلبٌ في «نوادره»: سِر بالكَسرِ لا غير.
          وقوله: «فما كان يكلِّمه إلَّا كأخي السِّرار» [خ¦7302] هي النَّجوَى والكَلامُ الذي يستَسِر به، ومنه: التَّسرِّي؛ لأنَّه من التَّسرُّر، وأصلُه من السِّرِّ، وهو الجماعُ، ويقال له: الاستِسْرارُ، ومنه: السُّريَّة من التَّسري، والسَّرَارِيّ جمعُ سُرِّيَّة.
          وفي حديثِ مانعِ الزَّكاةِ: «تأتي كأَسرِّ مَا كانَت»؛ أي: أسمَنِه، قال الفَرَّاءُ: سرُّ كلِّ شيءٍ خالِصُه، وقال ثعلبٌ: السُّرُّ بالضَّمِّ: السُّرورُ.
          2017- قوله: «فخرَج سَرَعَان النَّاس» [خ¦1229]؛ أي: أخفاؤُهم، والمُستعجِلُون منهم، كذا لمُتقنِي شيُوخِنا، وهو قول الكِسائيِّ، وهو الوَجهُ، وضبَطَه بعضُهم بسكون الرَّاء وله وَجهٌ، وضبَطَه الأصيليُّ وبعضُهم: «سُرْعان»، والأوَّل أوجَه، لكن يكون جمعُ سريعٍ، مثل: قَفيزٍ وقُفْزانٍ، وحكى الخَطَّابيُّ أن بعضَهم يقول: «سِرعان»، قال: وهو خطَأٌ، قال الخَطَّابيُّ: وأمَّا قولهم سرْعانَ ما فعلت فبالفَتحِ والضَّمِّ والكَسرِ، وإسكان الرَّاء، وفتح النُّون أبداً.
          2018- و«الإسْراف في الوُضُوء» [خ¦4/1-234] مُجاوَزة الحدِّ الشَّرعيِّ فيه من إكثار الماء، أو الزِّيادة على ثلاث.
          وقوله: «إن رجُلاً أسرَفَ على نَفسِه» [خ¦3481]؛ أي: أخطَأ وأكثَر من الذُّنوب وجاوَز القصدَ في ذلك، والسَّرفُ الخطَأ، والسَّرفُ مجاوَزةُ الحدِّ.
          وقوله في «باب تَأخيرِ السَّحورِ»: «فكانَت سُرْعَتي أنْ أُدْرِكَ الصَّلاة مع رسول الله صلعم» [خ¦1920] يريد إسْراعِي؛ أي: غايَة ما يفِيدُ إسراعَه إدراكُ الصَّلاة، يريد لقُربِ سُحورِه من طلُوعِ الفَجرِ، قدر ما يصِلُ من مَنزِله إلى المَسجدِ، وفي رِوايَةٍ / أُخرَى: «ثُمَّ يكونُ سُرْعةٌ بي» [خ¦577] «سُرعة» اسم يكون(6).
          وقوله: «والنَّاسُ إليه سِراعٌ»؛ أي: مُبادِرُون.
          وقول عائشَةَ: «ما أسْرَع النَّاس» قيل: إلى إنكار ما لا يَعلَمونه، وقد جاء ذلك في مُسلمٍ مُفسَّراً، وقيل: ما أسرَع نِسيانهم، وكذا جاء أيضاً في كتاب مسلمٍ، يعني: «ما نَسِي النَّاس» في رِوايَة العُذريِّ.
          قوله: «من غير إسْرافٍ ولا مَخيلَةٍ» [خ¦77/1-8608] الإسرافُ: الغُلوُّ في الشَّيءِ والخرُوجُ عن القَصدِ، ومن السَّفه وإضاعةِ المالِ.
          2019- قوله: «في سَرَقة حَريرٍ» [خ¦3859] هو الأبيضُ منه، والجمعُ: سرَقٌ.
          و«السِّرْقين _فسَّره البُخاريُّ بأنه_ زبل الدَّوابِّ» [خ¦4/66-396]، وهو بالفَارِسية السِّرجِين، وكذا قال ابنُ قُتيبَةَ، وهذه الكَلِماتُ العَجمِية فيها حرُوفٌ ليسَت بمحضةٍ خالصةٍ لألفاظ العَربِية فيُنطَق بها وتُكتَب بالحرُوفِ التي تَقرُب منها.
          وقوله: «وأسوأُ السَّرَقة» بفَتحِ الرَّاء جمعُ سارق، مثل: كتَبة وكاتِب، وهذه رِوايَة ابنِ حَمْدِينَ وبَعضِهم، وعند الكافَّة: «وأسوأ السَّرِقة» بكسر الرَّاء، وخبر المبتدأ مُضمَر تَقدِيره: سرقةُ الذي يسرق صلاته.
          2020- قوله في التَّلْبِين: «يَسْرُو فُؤاد السَّقيم» قال أبو عُبيدٍ: يكشِفُ عن فُؤادِه.
          وقوله: «سَرْو الشَّرَب»؛ أي: كنسه وتَنقِيته، والشَّربُ كالحوضِ في أصل النَّخلةِ، يقال: سرَوت الثَّوب وسرَيته إذا نحيَّتَه، ومنه: «ثمَّ سُرِّيَ عنه» [خ¦1536]؛ أي: كُشِف عنه ما أصابَه من غشية أو خوفٍ أو غيرِه، بالتَّخفيفِ والتَّثقيلِ روَاه الشيوخُ، وهو صحيحٌ.
          وقوله: «سَراةُ النَّاس» [خ¦425]، و«سَرَوات الجِنِّ» [خ¦59/12-5087]، و«نكحتُ بعدَه رجُلاً سَرِيَّاً» [خ¦5189] والسَّريُّ السَّيِّد الشَّريفُ، والسَّروُ المُروءَةُ، يقال منه: سَرِي وسَرَى وسَرُوَ سَرْواً وسراوةً(7)، ويُجمَع السَّريُّ على سَرِيين وأسرياء وسَراة، والسَّرواتُ جمعُ سراةٍ.
          2021- قوله: «أسَرَينا مع رسولِ الله صلعم» [خ¦3652]؛ أي: سِرنا ليلاً، يقال: سُرِي وأُسْرِي، وقُرِئ: {فَاَسْرِ} و{فَأَسْرِ}[هود:81] (8)، والاسمُ السُّرى، ومنه: «ما السُّرَى يا جابر؟» [خ¦361]؛ أي: ما أوجَب سُراك ومجيئك ليلاً..
          قوله: «بعَث سَرِيَّةً» [خ¦3134] قال يعقوبُ: / هي ما بين خمسة أنفُس إلى ثلاث مئة، وقال الخليلُ: هي نحو أربع مئة، والسُّـــرِّيَّة الجارِيةُ تُتخَذ للوَطءِ، وهي من السِّرِّ، وهو النِّكاحُ.


[1] كذا في (ن)، وفي (س) و(و): (ماء).
[2] رسمت في الأصول (الالاء)، وفي «اللسان»: على وزن العاج.
[3] بكسر السين وفتحها.
[4] بكسر السين وفتحها.
[5] في «غريب الحديث» 1/130: (والذي يَعرِفه النَّاس أن سرَّه آخره).
[6] قال الحافظ في «الفتح» 4/137: «ثم تكون سرعةٌ بي» وسرعة بالضَّمِّ على أن كان تامَّة، ولفظ بي مُتعلق بسُرعةٍ، أو ليست تامَّة وبي الخبر، أو قوله: أن أدرك، ويجوز النَّصب على أنها خبر كان، والاسمُ ضميرٌ يرجِعُ إلى ما يدُل عليه لفظُ السُّرعةِ.
[7] في (ن): (وسراة).
[8] بهمزة وصل قرأ نافع وابن كثير وأبي جعفر، وبالقطع قرأ الباقون.