مطالع الأنوار على صحاح الآثار

السين مع الباء

          السِّين مع البَاء
          1971- «سَبَأ» مَقصُورٌ مَهمُوزٌ، مَصرُوفٌ وغيرُ مَصرُوفٍ اسمُ رجُلٍ، وقد جاء أنَّ النَّبيَّ صلعم قال: «هو اسمُ رجُلٍ من العَربِ، ولد عشرَةً من الوَلدِ تيامَن أربعة، وتَشاءَم سِتَّة»، وأجمَع أهلُ الخبرِ والسِّيرِ أنَّه اسمُ رجُلٍ، وهو أبو اليَمنِ، واسمه عامرٌ، ويقال: عبدُ شمسٍ، وكان أوَّل من سبَى في العَربِ فسُمِّي سَبَأ، والهَمزةُ فيه على هذا لخفةٍ، كما قيل: طيِّئ، وهو من طَوي المَراحِل على قولِ من قالَه، ومن حوَّله من طاء يطُوء فهَمزَته أصلِيَّة، ثمَّ قيل لوَلدِه سَبَأ، قال الله تعالى: {مَساكنِهِمْ(1)}[سبأ:15].
          1972- قوله: «سببٌ واصِلٌ» [خ¦7046]؛ أي: حبلٌ، وكلُّ شيءٍ كان وصلةً إلى غَيرِه فهو سبَبٌ، فالطَّريقُ والبابُ والحبلُ كلُّ واحدٍ منهم سبَبٌ، قاله الهرويُّ، ومنه: «كلُّ سبَب يَنقَطِع إلَّا سَببِي»؛ أي: كلُّ وصلةٍ، ومنه: {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ} [البقرة:166]؛ أي: الوَصلُ من المَودَّات وغَيرِها، ومنه: {وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا}[الكهف:84].
          قوله: «أسلَم في سبائِبَ» قال مالكٌ: هي غلائلُ رِقاقٌ يَمنِيَّةٌ، وقال غيرُه: عمائمُ، وقال صاحبُ «العين»: السِّبُّ الثَّوبُ / الرَّقيقُ، وقيل: هي مَقانِعُ، وقيل: السِّبُّ الخمارُ.
          قوله: «ساببتُ رَجلاً» [خ¦30]، و«المسْتَبَّان ما قالا»، و«سِبابُ المُسلِم فسُوقٌ» [خ¦48]، السِّبابُ: المُشاتَمةُ، وهي من السَّبِّ؛ وهو القطعُ، وقيل: من السُّبَّة، وهي حلقة الدُّبرِ، كأنَّها على القَولِ الأوَّلِ قَطْعٌ للمَسبُوبِ عن الخيرِ والفَضلِ، وعلى الثَّاني: كشفٌ للعَورةِ وما يَنبغِي أنْ يُستَر.
          و«السَّبَّابة» [خ¦5104] هي الإصبع التي تلي الإبهام، وهي المُسبِّحة أيضاً.
          1973- قوله: «أرُونِي سِبْتيَّ»؛ أي: نعليَّ، و«يا صاحب السِّبْتيَين» بياءين، وذكَره الهرويُّ بياءٍ واحِدَةٍ مخفَّفة، تَثنِية: سِبْتٍ.
          والسِّبتُ: كلُّ جِلدٍ مَدبُوغٍ، قاله أبو عَمرٍو، وقال أبو زَيدٍ: السِّبتُ جلودُ البقرِ خاصَّةً، سواءٌ دُبِغت أو لم تُدبَغ، وقيل: هي جلُودُ البَقرِ المَدبُوغة بالقَرَظِ، وقال ابنُ وَهبٍ: هي السُّودُ التي لا شَعر لها، وقيل: هي التي لا شعر عليها أيَّ لَوْنٍ كانت، ومن أيِّ جلدٍ كانت، وبأيِّ دباغٍ دُبغت، وهو ظاهرُ قولِ ابنِ عمرَ في هذه الكتُبِ.
          وهي مأخُوذةٌ من السَّبتِ وهو الحلقُ، سَبَتَ حَلَقَ، قال بعضُهم: فعلى هذا يَنبغِي أنْ يقال سَبتِية بفتح السِّين، ولم يُروَ إلَّا بالكَسرِ.
          قال الأزهريُّ: كأنَّها من تسبَّتتْ بالدِّباغ؛ أي: لانَت.
          وقال الدَّاوديُّ: هي مَنسُوبةٌ إلى مَوضِع يقال له: سُوق السِّبتِ.
          قوله: «فما رأَينَا الشَّمس سَبْتاً» [خ¦1013]؛ أي: مُدَّة، قال ثابتٌ: والنَّاسُ يحمِلُونه على أنَّه من سَبتٍ إلى سَبتٍ، وإنَّما السَّبتُ قِطعَةٌ من الدَّهرِ، ورواه القابِسيُّ وعُبدُوسٌ وأبو ذرٍّ: «سبتنا»، كما يقال: جُمْعَتنا؛ أي: من الجُمعةِ إلى الجُمعةِ، والمَعروفُ الأوَّل، وكأنَّ هذه الرِّوايةَ محمُولةٌ على ما أنكَره ثابتٌ؛ أي: جمعتنا، وذكَره الدَّاوديُّ: «سِتَّاً» وفسَّره سِتَّة أيَّامٍ من الجُمعةِ إلى الجُمعةِ، وهو وهمٌ وتصحِيفٌ(2).
          قوله: «كان يَأتِيه كلَّ سبْتٍ» [خ¦1191] يعني: مسجدَ قُباءٍ، ظاهرُه اليوم المَعلُوم، وقيل: المرادُ كلُّ حينٍ من الدَّهرِ، كما يقال: كلُّ جُمعةٍ وكلُّ شهرٍ، ولم يُرِد يوماً بعَينِه
          كأنَّه ذهَب إلى ما تقدَّم لمن يجعَلُه وقتاً من الدَّهرِ، وخصَّه باسمِ الجُمعةِ، كما يقال / لها الجُمعة، وفيه نظَر.
          1974- قوله: «لأحرَقتْ سُبُحاتُ وَجهِه ما انتهى إليه بَصَرُه» قيل: نورُ وَجهِه، ومعناه: جلَاله وعظَمَته، قال الحربيُّ: «سُبُحات وَجهِه»: نورُه وجلالُه وعظمَتُه، وقال النَّضرُ: «سُبُحات وَجهِه» كأنَّه يُنزِّهه، يقول: سُبحَان وجهَه، والهاءُ عائدةٌ على الله ╡ على هذا القَولِ، وقيل: هي عائدَة على المَخلُوق؛ أي: لأحرَقت النَّارُ سُبُحات وَجه مَن كُشِفت الحجُب عنه.
          قوله: «سبُّوح قدُّوس» بفتح السِّين والقاف وضَمِّهما، ولم يأت فُعُّول بالضَّمِّ مُشدَّد العين إلَّا في هذين الحرفَين، وهما بمعنَى التَّنزيه والتَّطهيرِ من النَّقائصِ والعُيوبِ.
          قوله: «سُبْحان الله» [خ¦86]؛ أي: تَنزِيهاً له عن الأندادِ والأولادِ والنَّقائصِ، وهو مَنصُوب عند النُّحاة على المَصدرِ؛ أي: أسبِّحُك سُبحَاناً، أو سبَّحِ الله سُبحاناً، مثل الشُّكران والعُدوان؛ أي: أُنزِّهك يا رب عن كلِّ سوءٍ وعيبٍ، ويقال: هو من سبَح في الأرضِ إذا دخَل فيها، ومنه: فرَس سابِحٌ، وقيل: هو من الاستِثْناء، وقوله تعالى: {أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ} [القلم:28]؛ أي: تستَثْنون، كأنَّه نزَّه واستَثنَى من جُملةِ الأندادِ.
          و«سُبحَة الضُّحى» [خ¦1128] هي صَلاةُ الضُّحى، ومنه: «وكنْتُ أُسبِّحُ» [خ¦3568]، و«أقْضي سُبْحتِي» [خ¦3568]، و«اجعلُوا صلاتَكم معهُم سُبْحَةً»؛ أي: نافِلَة، وسُمِّيت الصَّلاة سُبحة وتَسبِيحاً لما فيها من تَعظيمِ الله وتَنزيهِه، قال تعالى: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ} [الصافات:143]؛ أي: من المُصلِّين.
          وقوله في البُخاريِّ في صَلاةِ العيدِ: «وذلك حين التَّسبيحِ» [خ¦13/10-1530]؛ أي: صلاة سُبحة الضُّحى، وسُمِّيت الإصبع مُسبِّحةً؛ لأنَّها يُشارُ بها في الصَّلاةِ للوَحدانِيَة والتَّنزِيه، وجاء في حَديثٍ آخر تَسمِيتُها بـــ«السَّبَّاحة» بمعناه.
          و{سَبْحًا طَوِيلًا} [المزمل:7] قيل: تصرُّفاً في حَوائجِك، وقيل: فراغاً لنَومِك باللَّيلِ، والسَّبحُ أيضاً السَّعيُ، كسبَحِ السَّابحِ في الماءِ، قال تعالى: {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس:40].
          وقوله: «وإذا ذاك السَّابح يَسْبح» [خ¦7047]؛ أي: العائمُ يعُومُ.
          1975- قوله: «أرضٌ سَبِخَة» [خ¦2691]، و«سِبْخة» السَّبخة: الأرضُ المالحةُ، وجمعها سِباخٌ، فإذا وصَفْت بها الأرضَ قُلتَ: سِبخَة / بالكَسرِ.
          1976- قوله: «سِيماهُم التَّسبِيدُ» [خ¦7562]؛ أي: الحلقُ واستِئْصالُ الشَّعرِ، وهو قولُ الأصمعيِّ، وقيل: هو تركُ التَّدهُّن وغسلُ الرَّأسِ، وهو قولُ أبي عُبيدٍ، والأوَّلُ أظهَر؛ لمُوافَقةِ الرِّواياتِ بـــ«التَّحليقِ».
          1977- قوله: «رَيطةً سابِريَّةً» هو جِنسٌ منها، قال ابنُ دُريدٍ: ثوبٌ سابِريٌّ رقِيقٌ، وكلُّ ثَوبٍ رَقيقٍ فهو سابِريٌّ، ومن الدُّروعِ الرَّقيقةُ السَّهلةُ، وأصلُه سابوريٌّ مَنسُوبٌ إلى سابُور، فثقُل عليهم فقالوا: سابِريٌّ، قال ابنُ مَكِّيٍّ: السَّابِريُّ من الثِّيابِ الرَّقيقُ الذي لا يستُر العاري والمُكتسِي.
          1978- قوله: «سَبِـطٌ جَسِيمٌ» [خ¦3441] بسُكون الباء وكَسرِها، ويقال: بفَتحِها أيضاً، حكاه الحربيُّ؛ أي: مَدِيدُ القامةِ، سَبِطُ العِظامِ.
          قوله: «كان سَبِط الكفَّين»، ويُروَى: «بَسِيط الكفَّين»، وقد تقدَّم في الباء [ب س].
          و«السَّبط» [خ¦3548] الشَّعر ليس فيه تكسُّر كشُعورِ العَجمِ، وفي «الأفعال»: سبط الجِسمُ سَباطَة، والشَّعرُ سُبوطَة، فالجِسمُ سَبَط، والشَّعرُ سَبْط، وحكى الحربي: «سبط»، وهو في حَديثِ اللِّعان: «إن جاءَت به سبطاً» يحتَمِل الشَّعرَ ويحتَمِل الجِسمَ، وكذلك قوله فيه: «وإن جاءَت به جَعداً».
          وقوله: «أتى سُباطة قومٍ» [خ¦224] هي المَزبَلةُ، وأصلُها: الكُناسَة التي تُلقَى فيها.
          وقوله: «سِبْطٌ من بني إسرائيلَ» واحدُ الأسباطِ؛ وهم أولادُ إسرائيلَ، وقيل: هم في ولدِ إسحاقَ كالقبائلِ في ولد إسماعيلَ، والسِّبطُ جماعةٌ لا يقال للواحد، ولا يصِحُّ على هذا قولُ من يقُول في الحسَن والحُسينِ: سِبطَا رسول الله صلعم، وقيل: السِّبطُ الوَلدُ، وقيل: الأوْلادُ خاصَّةً، وقيل: معنى سِبطَا رسول الله: طائِفتَان منه وقِطعَتان، قالَه ثعلَبٌ، كأنَّه يُشِير إلى نَسلِهِما وعَقبِهِما.
          1979- «السَّبيلُ» [خ¦74] الطَّريقُ، واستُعِيرت لكلِّ ما يُوصَل به إلى أمرٍ، و«ابنُ السَّبيلِ» [خ¦1465] الحاجُّ المُنقطِع به، وقيل: هو غَريبٌ مُنقطِع به، سُمِّي بالطَّريقِ التي سلَكَها.
          قوله: «اجعَلْها في سَبيلِ الله» يعني: الجهادَ، وأكثر ما يأتي فيها هو لله.
          قوله: «وقطَعوا السَّبيل» [خ¦1413]؛ أي: أخافُوا الطَّريقَ ومنَعوا السَّيرَ فيه.
          وقوله: «من اغبرَّت قدَماه في / سَبيلِ الله» [خ¦907] يعني: جميعَ الطُّرقِ المُوصِلة إلى الله؛ وهي طاعَتُه.
          و«المُسبِل إزاره» هو الجَارُّ له خُيَلاء، أسبَل ثوبَه وشَعْرَه أرخَاهُما.
          1980- قوله: «طاف سُبوعاً» يعني: سبعَ مِرارٍ، ومِثلُه: «وطافَ سَبْعاً»، ويقال: «سَبْعاً» [خ¦395]، وبالوَجهَين وقَع في الحديثِ، لكن لابنِ وضَّاحٍ وكثيرٍ من رُواةِ «الموطَّأ»: «حتَّى يتِمَّ سُبُعه»، وفي روايةِ المُهلَّب وعن أبي عيسَى: «سُبُوعَه»، وكذلك ضبَطَه بعضُهم «طاف سبُعاً»، والسُّبُع إنَّما هو جزءٌ من سَبعةٍ، والمعروفُ في اللُّغةِ أنَّك إذا ضَمَمت أدخَلْت الواو، وهو جمعُ سَبعٍ، مثل ضَرْبٌ وضُروب، وقال الأصمعي: جمعُ السَّبعِ أسْبُعٌ.
          قوله: «سابِع سَبعَةٍ» [خ¦4512]؛ أي: أنا سابِعُهم وهم سَبعَة، وقوله: «سبَّعَتْ سُلَيم يوم الفَتحِ»؛ أي: كانت سبع مئة، وقوله: «كلُّ حَسنةٍ بعَشرِ(3) أمثَالِها إلى سَبع مئةِ ضِعْفٍ» [خ¦41]، و«سَبعُون حِجاباً».
          وكلُّ ما جاء في الحديثِ من ذِكْر الأسباعِ، قيل: هو على ظاهِرِه وحصر عَددِه، وقيل: هو بمعنى التَّكثيرِ والتَّضعيفِ لا بحَصرِ عَددِه، قال الهرويُّ: العربُ تضَع التَّسبيع مَوضِع التَّكثير والتَّضعيف وإن جاوَز عدَدَه.
          وقوله: «أُمرْنا أنْ نسجدَ على سبْعةِ أَعظُمٍ» [خ¦810] فسَّرها في الحَديثِ، سُمِّي كلُّ واحدٍ منهم عظماً وإن كانَت عظاماً؛ لاجتِماعِها في ذلك العُضوِ.
          وقوله: «للبِكر سَبعٌ» [خ¦5213]؛ أي: سبعُ ليالٍ لا يحسِبُها عليها ضَرائرُها، وذلك لتتَأنَّس(4) بالرَّجلِ ويزُولَ عنها خَفَر البكارَةِ، ولقُوَّة شَهوةِ الزَّوجِ أيضاً إليها، والثَّيِّب دون ذلك؛ لزَوالِ بَعضِ الحياءِ عنها بالثُّيوبَةِ، ومع ذلك لم تخلُ من تَأنيسٍ لطُروِّها على مَن لم تعهَده قبلُ.
          قوله: «من لها يومَ السَّبُع» [خ¦2324] بفتح السِّين وضمِّ الباء رَوَيناه، قال الحربيُّ: ويُروَى بسُكونِها يريد الحيوان المَعرُوف، وقرأ الحَسن: ▬وَمَا أَكَلَ السَّبْعُ↨ بالسُّكونِ، وقال ابنُ الأعرابي: «السَّبعُ» المَوضِع الذي عنده المَحشَر؛ أراد من لها يوم القِيامَة، وبعضُهم يقول في هذا: «السَّبْع» بالسُّكون، وأنَّه يوم القِيامَة، / وأنكَر بعضُهم هذا، ويحتَمِل أنَّه أراد يوم السَّبع يوم أكلي لها، يقال: سَبَعَ الذِّئبُ الغَنمَ أكلَها، وقيل: يومُ السَّبع يومُ الإهمالِ، قال الأصمعيُّ: المُسْبَعُ المُهمَلُ، وأسبَع الرَّجلُ غُلامَه إذا ترَكَه يفعَل ما يشاء، وقال الدَّاوديُّ: معناه إذا طرَدَك عنها السَّبُعُ فبَقِيتُ أنا فيها أتحكَّم دونك لفِرَارِك عنه، وقيل: يوم السَّبْع عيدٌ كان لهم في الجاهِليَّة، يجتَمِعون فيه لِلَهوِهم، فيهملون مواشيهم فيأكلها السَّبعُ.
          حدَّثنا الغسَّانيُّ(5) : حدَّثنا الحكمُ بنُ محمَّدٍ: سمِعتُ أبا الطَّيبِ بنَ غليُونَ سَمِعتُ أبا بكرِ بنَ جابرٍ الرَّمليَّ: سمِعتُ إسماعيلَ بنَ إسحاقَ القاضي: سمِعتُ عليَّ بنَ المَدينيِّ: سمِعتُ مَعمَر بنَ المُثنَّى يقول في حَديثِ النَّبيِّ صلعم: هذا ليس هو السَّبُع الذي يسبَع النَّاس، إنَّما هو عيدٌ كان لهم في الجاهِليَّة يشتَغِلون فيه بأكلِهِم ولعبهم، فيجيء الذِّئبُ فيأخذ غنَمَهم.
          قلت: وهذا لا يلائِمُ مساق الحديثِ؛ لأنَّ الذِّئبَ أخَذ على صَاحِبها حيث لم يُسامِحه فيها، جَزاءً لما يكون منه من حِفْظها بالتَّنبيه والعواء يوم يكمن لها السَّبع ويختِلُها.
          وقال بعضُهم: إنَّما هو السَّيعُ بالياء باثنتين تحتها؛ أي: يوم الضِّياع، يقال: أسعتُ وأضعتُ بمعنًى.
          وقوله صلعم: «سبعاً جميعاً وثمانياً جميعاً» [خ¦562] يريدُ جمَع بين المَغربِ والعِشاءِ، وبين الظُّهرِ والعَصرِ.
          1981- قوله: «سابغ الأليَتَين» [خ¦4747] قال صاحبُ «العين»: أي: قبيحهما، يقال: عجِيزَةٌ سابِغَة وأليَةٌ سابِغَة؛ أي: قَبِيحةٌ.
          قال القاضي: وقد يكون سبُوغُ الأليَتَين عِظمُها، ومنه: ثوبٌ سابِغٌ ضافٍ كاملٌ، و«أسبَغ الله علينا نِعمَه»؛ أي: كثَّرها ووسَّعها، ويدُلُّ عليه قولُه في بَعضِ الرِّواياتِ: «عظيم الأليَتَين». [خ¦4745]
          وفي أُخرَى: «إن كان به مُستَهاً» المُسْتَه والإسْتَهُ: العظيمُ الأليَتَين.
          وقد يكون «سابغ الأليَتَين»؛ أي: شديد سَوادِهما؛ لأنَّه قد جاء في صِفَته في بَعضِ الرِّواياتِ:
          «أسود» [خ¦5309]. يُقال في الصَّباغ بالسِّين والصَّاد.
          وقد يكون «سابغ الأليَتَين» / كثيرُ شَعرِهِما، كما يُوجَد في بَعضِ الأطْفالِ، يقال: سبَغتِ النَّاقة إذا ولدت ولدَها حين يُشعِر.
          وقوله: «أسبَغه ضُرُوعاً»؛ أي: أتمَّها وأعظَمها لكَثرةِ لَبنِها، وقد وقَع عند بَعضِ رُواةِ مُسلمٍ: «أشبَعه ضُرُوعاً»، وهو خطَأ.
          وقوله في المُنفِق: «إلا سَبَغَت عليه» [خ¦1443]؛ أي: امتدَّت وطالَت، وضبَطَه الأصيليُّ بضَمِّ الباء: «سبُغَت»، وهذا لا يُعرَف.
          و«إسْباغُ الوُضوءِ» [خ¦139] كمالُه وتمامُه والمُبالَغُة فيه، و«قال ابنُ عمرَ: هو الإنقاءُ». [خ¦4/6-243]
          وقوله: «فتوَضَّأ ولم يُسبِغْ» [خ¦139]؛ أي: استَنجَى ولم يتوَضَّأ، وقيل: توضَّأ وضُوءاً خفِيفاً، وهو أصحُّ؛ لأنَّه جاء مُفسَّراً هكذا في حَديثِ قُتيبَةَ [خ¦1669]، وبدَليلِ قَولِه: «ولا يُصلِّي حتَّى يجيءَ جمعاً» [خ¦1668]، وبقَولِه: «الصَّلاةَ قال: الصَّلاةُ أمامَك»، ويكون معنى قَولِه بعد: «فجاء المُزدَلِفة فتوَضَّأ فأسبَغ الوُضُوء» [خ¦1672]؛ أي: كرَّره لحدثٍ عراه، أو أكمَلَه ثلاثاً ثلاثاً بعد أنْ كان توضَّأ أوَّلاً واحدَةً واحدَةً.
          1982- قوله: «فانطَلَقت في سُبَّاق قُريشٍ» جمعُ سابقٍ، و«سابَق بين الخَيلِ» [خ¦420]؛ أي: أجْرَاها ليُرى أيُّهم أسبَق، والسِّباقُ والسَّبقُ الاسمُ، و«السَّبَق» اسمُ الرَّهنِ الذي يُجعَل للسَّابقِ.
          وقوله: «سبَقتْ رَحمتِي غَضَبِي» [خ¦7553] استِعارَةٌ لشُمولها وعمُومِها، كما قال: «غلَبت». [خ¦3194]
          وقوله: «فأيُّهما سبَق» يعني: من ماء الرَّجُلِ والمَرأةِ؛ يعني غلَب بكَثرتِه، كما قال: «فإنْ علا»، وقيل: هو على ظاهِرِه؛ أي: أيُّهما كان أوَّلاً، وقيل: الغَلبةُ للشَّبهِ، والسَّبقُ والتَّقدمُ للإذكارِ والإيناثِ.
          1983- قوله: «كانت فيه سَبِيَّةً» [خ¦4366]، و«أصَبْنا سبَايَا» [خ¦7409] جمع سَبِيَّة غير مَهمُوزٍ، هو ما غلب عليه من بَناتِ المُشركِين فاسْترقَّ.


[1] على قراءة نافع وابن كثير وابن عامر وأبي جعفر.
[2] قال الحافظ في «الفتح» 2/504: (لم ينفرد الداوديُّ بذلك، فقد وقَع في رِوايَة الحَمُّويي والمُستَملي).
[3] كذا في (ن)، وفي (س): (بسبعة)، وفي (و): (بسبع).
[4] في (س) و(و): (للتأنس).
[5] من كلام القاضي عياض كما في «المشارق».