مطالع الأنوار على صحاح الآثار

السين مع الخاء

          السِّين مع الخَاء
          2002- قوله: «ولا يسْخَبْ»، و«حتَّى اسْتَخَبَتا»، و«ليس بسَخَّاب» [خ¦2125] السَّخبُ: الصِّياحُ واختلاطُ الأصواتِ، يقال: بالصَّاد والسِّينِ، والصَّاد أشهَر، والسِّين لُغةُ رَبِيعَةَ، وجاء هاهنا بالسِّين، وفي مَواضِعَ في بَعضِها بالصَّاد.
          وقوله: «تُلْقِي سِخَابها» [خ¦964] قال البُخاريُّ: هو القِلادَة من طيبٍ أو سُكٍّ، قال ابنُ الأنباريِّ: هو خيطٌ يُنظَم فيه خرز، ويَلبَسُه الصِّبيانُ والجواري، وقال غيرُه: هو من المُعاذَاتِ، وقال ابنُ دُريدٍ: هي قلادة من قَرَنفُلٍ أو غَيرِه، والجمعُ سُخُبٌ، وقال غيرُه: هي قلادة تتَّخذ من قَرنفُلٍ وسُكٍّ ومَحلب ليس فيها من الجَوهرِ شَيءٌ.
          2003- قوله: «تَسْخَرُ مِنِّي وأنتَ المَلِك؟!» [خ¦6571] السِّخْريةُ بكسر السِّين من الاستِهْزاء، وبضَمِّها من السُّخرة والتَّسخيرِ، وقُرِئ: {لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا} [الزخرف:32] بالوَجهَين.
          والسِّخرِيةُ في حقِّ الله تعالى لا تجُوزُ؛ لأنَّه / سبحانه مُتعالٍ عن الخُلْفِ في أقوالِه ومَواعيدِه، ومعنى قوله: «تَسخَرُ بي»؛ أي: تُطمِعُني فيما لا أُراه من حقِّي، فكأنَّها صُورَة السِّخرِية، ويحتَمِل أنْ يكون قائل هذا أصابه من الدَّهشِ والحيرةِ لِمَا رآه من سعةِ رحمة الله بعد إشرافه على الهَلاكِ، وما ناله من السُّقوطِ والزَّحفِ على الصِّراطِ، وما لقِيَه من حرِّ النَّارِ ورِيحهَا، وانفهاق الجنَّةِ له بعد بُعدِه عنها ما لم يحتَسِبه ولم يطمَع فيه، فلم يَضبِط فرَحاً ودهَشاً لفظَه، وأجرَى كلامَه على عادَتِه مع المَخلُوق مِثلِه، كما قال الآخر من الدَّهش والفَرحِ: «أنت عبْدي وأنا ربُّكَ».
          وقيل: معنى «أتَسخَر بي»؛ أي: أنت لا تَسخَر بي «وأنتَ المَلِك»، وأنَّ الهَمزةَ هنا ليسَت للاستِفْهام والتَّقرير للسِّخريةِ، بل لنَفيِها، كما قال تعالى: {أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا} [الأعراف:155]؛ أي: إنَّك لا تفعلُ ذلك.
          وقد يكون هذا الكلامُ على طريق المُقابلةِ من جهة المعنَى والمُجانَسةِ كما قال: {فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ} [التوبة:79] ونحوه، وذلك لمَّا أخلَف هو مَواعد الله غير مرَّةٍ، ألَّا يسأله شيئاً غير ما سأله أوَّلاً، فلمَّا رأَى ذلك خَشِي أنْ يكون ذلك إطماعاً له فيما رآه، ثمَّ يُمنَع منه مُعاقبةً لإخلافِه وغَدرِه، ومُكافَأةً له على ذلك، فسمَّاه سخريةً مُقابَلة لمعنى ما فعَل.
          وفي هذا عندي بعدٌ، على أنِّي بَسَطتُ فيه من البيان ما لم يبسطه قائله، فإن الآية سُمِّي فيها العُقوبة استهزاءً وسِخرية مُقابلَةً لأفعالهم، ولا عُقوبَة هنا إلَّا بتَصويرِ الإطماع، وهو حقِيقَة السِّخريةِ التي لا تليقُ بالله وخُلْفِ الوعدِ والقَولِ الذي هو مُنزَّه عنه، فإنَّ قبْلَه: «اّْدخل الجنَّة». [خ¦6571]
          2004- قوله: «فهل يرجِعُ أحدٌ سَخْطَةً لدِينِه؟» [خ¦7] السُّخْط والسَّخَط مثل السُّقْم والسَّقَم، الكراهيةُ للشَّيءِ وعَدمُ الرِّضا به.
          قوله: «إنَّ الله يسْخَط لكم كذا»؛ أي: يكرَهُه ويمنَعُكم منه وينهَاكُم عنه، ويعاقِبُكم عليه، أو يرجِعُ إلى إرادة العُقوبةِ عليه.
          2005- قوله: «يَعدُّ / علينا بالسَّخْل»، و«السَّخْلة» هي الصَّغيرةُ من ولدِ الضَّأنِ حين تُولَد ذكراً كان أو أُنثَى، والجمعُ: سَخْلٌ.
          2006- قوله: «نُسخِّمُ وُجُوهَهُما» [خ¦7543]؛ أي: نُسوِّدها، والسُّخامُ سوادُ القِدْر، والسُّخامُ أيضاً الفَحمُ.
          2007- قوله: «وما على كَبِدِي سَخْفَةَ جُوعٍ» بالفَتحِ في السِّين، وهو رِقَّتُه وضَعفُه وهزالُه، وقال الهرويُّ عن أبي عَمرٍو: السّخفُ رِقةُ العَيشِ بالفَتحِ، وبالضَّمِّ رِقةُ العَقلِ، وقد ضبَطْناه بالوَجهَين في الحديثِ المُتقدِّم.
          2008- «فمن أخذَه بِسَخاوةِ نَفْسٍ» [خ¦1471]؛ أي: بطيبِها وتنزُّهِها عن الحرصِ والتَّشوفِ، وهو من السَّخاء يُمدُّ ويقصرُ، يقال: سخا الرَّجلُ يسخو سخاً وسخاوَةً وسخاءً إذا جاد وتكرَّم، حُكي القصرُ عن الخليلِ، ولم يَذكُره أبو عليٍّ، وتكون سَخاوَة النَّفسِ بمعنى تَركِ الحِرصِ، من قولهم: سخَيتُ نَفسِي وبنَفسِي عن الأمر؛ أي: ترَكتُه، فكأنَّه ممَّا تقدَّم؛ أي: نزَّهتُها عنه.