مطالع الأنوار على صحاح الآثار

السين مع الكاف

          السِّين مع الكَاف
          2026- قوله: «فسَكَبَ منها» السَّكبُ: الصَّبُّ، وقوله: «يسْكُبُ رأْسَه _أي:_ يقطر».
          2027- قوله: «فأسكَت القَوم» [خ¦5845]؛ أي: سكَتوا، يقال: سكَت وأسكَت، وقيل: أطرَقُوا، وقوله: «فأسْكَت النَّبيُّ صلعم» أطرَق أو سكَت أو أعرَض.
          قوله: «كان يسكُت إسْكَاتةً» [خ¦744]، وفي رِوايَة الأصيليِّ: «أُسكاتَة»، وفي البِكْرِ: «سُكاتُها إِذْنُها». [خ¦6946]
          قال أبو زَيدٍ: يقال: سكَت سَكْتاً وسُكُوتاً وسُكَاتاً وأسْكَت إسْكَاتاً، واختُلِف في أنَّ هذه الإسكاتة للإمامِ بعد التَّكبيرِ وقبل القِراءَة مَشرُوعةٌ أو ممنُوعَةٌ، وقد جاء أسْكَت بمعنى: سكَت، و بمعنى: سكَن، وبمعنى: أعرَض، وبمعنَى: أطرَق.
          وقوله في حديثِ: «سَلُونِي»«قال: فلمَّا قال ذلك عمرُ سَكَتَ رسولُ الله صلعم» [خ¦7294]؛ أي: سَكَنَ غضبُه، كما قال تعالى: {وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ} [الأعراف:154]، ويحتمل أن يكون صمَت عمَّا كان يقوله.
          ويكون سكَت في غير هذا بمعنى: مات، ومنه: «فَرَميناهُ بجَلاميدِ الحرَّة حتَّى سَكَت» .
          وقوله: «فإذا سكَت المُؤذِّن من صلاةِ الفَجرِ قام فركَع ركعَتَين» [خ¦626]؛ أي: صمَت من الأذان بعد إكماله، وروَيناه عن الخَطَّابيِّ: / «فإذا سكب»، قال: ومعناه: أذَّن، والسَّكبُ الصَّبُّ استِعارَةٌ للكَلامِ، ورأيت بخَطِّ الجَيَّانِيِّ عن أبي مَروانَ: سكَبَ وسكَتَ بمعنًى.
          2028- قوله: «سَكْر الأنْهار» [خ¦42/6-3684] هو سدُّها وحبسُ مائها لتأخُذ في مجرى آخر، والسِّكرُ اسم ذلك السِّدادِ الذي تُسدُّ به.
          وقوله: «أو شرِب سَكَراً» [خ¦83/21-9921] هو اسمُ ما يُسكِرُ من الأشربةِ.
          وفي رِوايَة الطَّبريِّ: «المُسكِر» بدلاً من «السَّكر»، وقوله: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا} [النحل:67] هذا قبل التَّحريمِ، وقيل: السَّكرُ في الآية الطَّعامُ، قاله أبو عُبيدَةَ، وأنكَره أهلُ اللُّغةِ.
          وقوله: «إنَّ لِلمَوتِ لسَكَرَات» [خ¦4449] جمعُ سَكْرَة، ومنه: {وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ} [ق:19] وهي غلبةُ الكربِ على العَقلِ واختِلاطه لشِدَّته.
          وقول أبي بَكرٍ ☺: «وجاءَت سَكْرة الحقِّ بالمَوتِ»؛ أي: سكرةُ الوَعدِ الحقِّ بانقِضاء الأجلِ.
          قوله: «ولا أكَلَ في سُكُرُّجَة» [خ¦5386] بضمِّ السِّين والكاف والرَّاء قيَّدناه، وقال ابنُ مكِّيٍّ: صَوابه بفتح الرَّاء، وهي قِصاعٌ صِغارٌ يُؤكَل فيها، وليست بعَربِية، وفيها كبِيرَة وصغِيرَة، فالكبِيرةُ تحمِلُ قدر ستِّ أواقي، والصَّغيرةُ قدر ثلاثَة أواقي، وقيل: أربعة مَثاقِيلَ، ما بين ثُلثَي أوقِيَة إلى أوقِيَة.
          ومعنى ذلك: أنَّ العجمَ كانَت تَستَعمِلها في الكَوامِيخِ وما أشْبَهَها من الجوَارِشاتِ(1) على المَوائدِ، وحول الأطعِمَة للمُشتهى والهضم، فأخبَر أنَّ النَّبيَّ صلعم لم يأكُل على هذه الصِّفة قطُّ.
          وقال الدَّاودي: هي قَصعَة صغِيرَة مَدهُونة.
          قلت: ورأيتُ لغَيرِه: أنها قصعَة ذات قوائمَ من عُودٍ كمائِدَة صَغيرةٍ.
          وقوله: «وهي السُّكُرْكَةُ»، ويقال: «الأُسْكُركة»؛ يعني: خمرَ الذُّرةِ، وهي الغُبَيْراء.
          2029- قوله: «في سِكَكِ المدينةِ» [خ¦2464]، و«سِكَّة بني غَنْمٍ» [خ¦3214] هي الطُّرقُ والأزِقةُ، وأصلُها النَّخلُ المُصطَفَّة، ثمَّ سُمِّيت الطُّرقُ بذلك؛ لاصطفافِ المَنازلِ بجَانِبَيها.
          وقوله: «جَدْيٌ أَسَكَّ» صغير الأذنَين مُلتَصقهُما، وهو أيضاً الذي لا أُذنَان له، والذي قُطِعتْ أذُناه، سَكَكتَه اصْطلَمتَ أذنَيه، وهو أيضاً الأصَمُّ الذي لا يَسمَع، ومنه: «وإلَّا فَاسْتكَّتا»؛ أي: صُمَّتا، والاستِكاكُ الصَّمَمُ، وروَاه بعضُهم: «اصطكتا» / و«استكتا» والمعنَى واحدٌ، تُبدَل التَّاء من الطَّاءِ(2).
          قوله: «ثم جمَعه في سُكٍّ» [خ¦6281] وهو طيبٌ مَصنُوع من أخلاطٍ قد جُمِعَت.
          2030- قوله: «وتنزَّلَت عليهم السَّكِينَة» قيل: الرَّحمة، وقيل: الطُّمَأنِينة، وقيل: الوَقارُ وما يَسكُن به الإنسانُ، وهي مُخفَّفة الكاف عند الكافَّة، إلَّا ما حكاه الحربيُّ عن بعضِ اللُّغويِّين من شدِّ الكاف، وحُكِي عن الكِسائيِّ والفَرَّاءِ، قوله: «تلك السَّكينةُ نزَلَت للقُرآنِ» [خ¦4839] وقيل: المَلائكةُ، وقيل: هي السَّكينةُ التي كانت في بني إسرائيلَ، وهي شيءٌ كالرِّيح الخَجُوجِ، وقيل: كالهرِّ، وقيل: خُلِقٌ له وجهٌ كالإنسانِ، وقيل: روحٌ من الله تُكلِّمُهم وتُبيِّن لهم ما اختَلَفُوا فيه، وقيل: الرَّحمةُ، وقيل: الوَقارُ والطُّمأنِينَة، وفيما ذكَرْنا ما يُمكِن أنْ يَنزِل لسَماعِ القُرآنِ؛ لأنَّ ذلك من جُملةِ الرُّوحِ والمَلائكةِ.
          وقوله: «فأْتُوها وعلَيكم السَّكِينة» [خ¦636] فهي هاهنا السُّكون والوَقار، وكرَّر الوَقَار للتَّأكيدِ، وقوله: «السَّكَن» بفتحِ الكافِ ما يُسكَن إليه من أهلٍ ومَنزلٍ.
          وتكرَّر ذكر: «السِّكِّين» [خ¦208] وهي المُديَةُ، ويُذكَّر ويُؤنَّث، حكاه صاحبُ «العين»، وقد جاء في بعض أحاديثِ الإسراءِ في غير هذه الكتُب: «سكينة» بها، قال الهرويُّ: أكثَر العَربِ لا يعرِفُون الهاء فيها.
          قوله: «فكأنَّ الرَّجلَ اسْتكَان» [خ¦7153] هو افتعل من السُّكُونِ؛ أي: خضَع وسكَن، ويقال: استَكَن وأسْكَن وتَمسْكَن أيضاً، وقيل: «اسْتَكان» استَفْعل من الكِنيَة بالكَسرِ، وهي الحالةُ السَّيِّئةُ، قال الأزهريُّ: بل هو من السُّكون، ومُدَّت الألفُ، كما قالوا:يَنبَاع في يَنبُع، والمِسكِينُ مِفْعِيل منه لضَعْفِه وخضُوعِه.
          وقوله في حديثِ الغارِ: «فيَستَكِنا لِشرْبَتِهمَا» [خ¦3465] ضبَطَه الأصيليُّ بتَخفيفِ النُّون، وضبَطَه غيرُه بشدِّها، والمعنَى واحدٌ، يقال: استَكَان واستَكَن، إلَّا أنَّه يلزَم أن تزاد ياء في رِوايَة الأصيليِّ، ولم يَذكُرها، قال القاضي: والمَعنَى يَضعَفان لعَدمِ شربَتِهما.
          وقوله: «فيسْكُنُ جأْشُه» [خ¦6982]؛ أي: يَطمَئِن قَلبُه، ومِثلُه قوله تعالى: {إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ} [التوبة:103]؛ أي: طُمَأنِينَة يَسكنُون إليه.


[1] وهي: (المُخَلَّلات).
[2] في (س): (تبدل الطاء من التاء).