مطالع الأنوار على صحاح الآثار

السين مع العين

          السِّين مع العَين
          2057- قوله: «على سَاعتِي هذه من الكِبَر» [خ¦6050]؛ أي: على حالتي ووَقْتي وزَمَني، ويحتَمِل: أن يريد على حالي وسنِّي واتساع الكِبَرِ فيَّ وأخذه منِّي، وأصلُ السَّاعةِ من الواوِ.
          وفي حديثِ ساعَاتِ الرَّواحِ تأوَّله مالكٌ في ساعةٍ واحدةٍ، وأنَّ هذه السَّاعات المُتعدِّدة هي أجزاءٌ من ساعةِ الزَّواِل، وحملَه ابنُ حَبيبٍ وغيرُه: على ساعاتٍ من أوَّلِ النَّهارِ إلى السَّاعةِ التي تزُول فيها الشَّمس، قال القاضي: وسبَب الخلاف اختِلافُهم في الرَّواحِ، وقد تقدَّم في الرَّاء.
          قوله: «مِن أَشرَاطِ السَّاعةِ» [خ¦80] سُمِّيت ساعَةً؛ لأنَّها كلَمحٍ بالبَصرِ، ولم تَعرِف العربُ في المُدَّد أقصر من السَّاعةِ، وكانَت عِندَهم عبارَة عن أقصر جُزءٍ من الزَّمانِ.
          وقوله في الغُلامِ: «لا يُدركهُ الهَرمُ حتَّى تقومَ عليكم سَاعتكُم» [خ¦6511]، وفي رِوايَة: «السَّاعة» / فسَّره هشامٌ قال يعني: انخرام القرن(1)، كما قال في الحديثِ الآخَرِ: «لا يبقى ممَّن هو اليومَ على وَجهِ الأرضِ أَحدٌ». [خ¦116]
          2058- قوله: «لَبَّيكَ وسَعدَيكَ» [خ¦3348]؛ أي: ساعَدت طاعتُك يا ربُّ بعد مُساعَدة، وقيل: وسَعدَيك؛ أي: وسَعادَتك؛ أي: قد سَعدْت، والسَّعدُ الحظُّ المُوافقُ، وثنَّى إتباعاً لـ«لبَّيك»، وقد تقدَّم تَفسِير «لبَّيك».
          وقوله: «أَسعَدتْنِي فُلانَةُ» [خ¦4892]؛ أي: أعانَتْني في النِّياحةِ على الميِّتِ، وفي غير هذه الأُمَّهات: «لا إِسعادَ في الإِسلَامِ»، وهذا يدُلُّ على أنَّ الحديثَ أعني الذي في مُسلمٍ على التَّوبيخِ والمَنعِ لا على الإباحَةِ والتوسُّع(2)، والإسعادُ في هذا خاصَّة قاله الخليلُ(3)، وأما المسُاعدَة ففي كلِّ مَعُونةٍ، يقال: هي مأخُوذَة من وَضعِ الإنْسانِ يده على ساعدِ صاحِبِه إذا ماشاهُ في حاجَتِه، قال القاضي: الإسعادُ في كلِّ شيءٍ هو المَعونةُ، والمُساعدةُ المُوافَقةُ.
          قوله: «وضَعَ رَأسَهُ عَلى سَاعِدهِ»؛ أي: على ذِرَاعِه، وهو ما دون المِرفَق منه إلى الكفِّ.
          و«السَّعدَان» [خ¦806] نباتٌ ذو شَوكٍ من أفضل مراعي الإبل، يُضربَ به المثل.
          2059- قوله: «سَعَّرُوا البِلادَ» [خ¦3595] بشَدِّ العينِ؛ أي: ألهبُوها شرَّاً وضُرَّاً كثِيراً كالتِهَاب النَّارِ، قال الخليلُ: ولا يقال فيه سعَرت ولا أسعَرْت، وحكى أبو حاتمٍ التَّخفيفَ، وحكى أبو زَيدٍ: أسعَرْت، والسَّعِيرُ النَّارُ المُلتهِبة، وسُعارُها حرُّها، والسَّعْر إيقادُها.
          وقوله: «ويلُ أُمِّه مِسْعَرَ حَربٍ» [خ¦2731] [خ¦2732]؛ أي: مُوقدها، والمِسعرُ والمِسعارُ عودٌ تُحرَّك به النَّار.
          و«السِّعرُ» [خ¦35/7-3509] في الطَّعام وغيرِه الثَّمنُ الذي يقِفُ عليه في الأسْواقِ، والتَّسعيرُ إيقافُها على ثَمنٍ لا يُزادُ عليه.
          2060- قوله: «ويُستَعَطُ به مِن العُذرَةِ» [خ¦5692]؛ أي: يجعل منه سَعوطً بفتحِ السِّين، وهو ما يجعل في الأنف من الأدْوِية، يقال: منه سَعطْته وأسعَطْته، حكاهما أبو زَيدٍ.
          2061- قوله: «فَأصَابتهُ سَعْلَةٌ» [خ¦10/106-1232] بفتحِ السِّينِ.
          2062- قوله: «إلا ردَّه عليَّ ساعيه» [خ¦6497] قيل: واليه، / وقيل: رئيسُه، كلُّ من ولِيَ على قَومٍ فهو ساعٍ عليهم، وأكثَر ما يُستَعمل في وُلاةِ الصَّدقاتِ.
          وقوله: «وقَدِمَ عليٌّ مِن سِعايَته» يعني: وِلايَته على اليَمنِ، لا من سعاية الصَّدقةِ فإنَّه ممَّن لا يصِحُّ أن يكون عاملاً عليها، قوله: «ويَبعَث سُعاته» [خ¦3111] يعني: عُمالَه على الصَّدقاتِ.
          وقوله: «ولا تَأتُوها تَسعَون»؛ أي: تجرون، و«السَّعي بين الصَّفا والمروةِ» [خ¦1545] هو الاشتِدادُ، وقد يُسمَّى الطَّوافُ بالبَيتِ سعياً؛ لأنَّه قد يُسمَّى المَشيُ والمضي، قال تعالى: {ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا} [البقرة:260]، قال بعضُهم: والسَّعيُ إذا كان بمعنَى الجري والمضي تعدَّى بـــ«إلى»، وإذا كان بمعنَى العمل تعدَّى بـــ«اللَّام»، قال تعالى: {وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا} [الإسراء:19]، وبه فسَّر مالكٌ قولَه تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ} [الجمعة:9] أنَّه السَّعي على الأقدامِ، وليس الاشتِدَاد و«إلى» تأتي بمعنَى «اللَّامِ».
          وقوله: «وإلا استُسعِيَ العبدُ فيما عَليهِ» [خ¦2492] التَّاء مَضمُومة؛ أي: كُلِّف السَّعي فيما بَقِي عليه من قِيمَةٍ رقَبتِه، أو ممَّا أدِّي عنه، وهو قول أهل العِراقِ، ولم يرَ ذلك أهلُ الحجازِ، وهذا يَرجِع إلى العَملِ.
          وكذلك «السَّاعي على الأرْمَلةِ واليَتيمِ» [خ¦5353]؛ أي: العاملُ لقُوتِهِم.
          قوله: «وسَعَوا له بكلِّ شيءٍ» [خ¦2276]؛ أي: طلبوا وجدُّوا، وقوله: «فَسَعَوا عليها حتَّى لَغِبُوا» [خ¦5489]؛ أي: جرَوا حتَّى أعيوا، قوله: «ولَتُترَكَنَّ القِلَاصُ فلا يُسعَى عليها»؛ أي: لا تُؤخذ زكاتها، وقوله: «يَسْعَونَ فِي السِّكَكِ» [خ¦947]؛ أي: يجرون.
          وفي «باب كَلامِ الرَّبِّ ╡ مع أهلِ الجنَّةِ»: «يا ابنَ آدَم لا يسَعُك شيءٌ» كذا للأصيليِّ من السَّعةِ، ولغَيرِه: «لا يُشْبِعُكَ» [خ¦2348]، وهو الصَّوابُ.
          وفي «باب رَحمةِ الوَلدِ»: «فإذا امرَأةٌ من السَّبيِ قد تَحْلُبُ ثَديَها تَسعَى إذا وجَدَتْ صَبيَّاً أَخَذَتهُ» كذا للأصيليِّ، وعند القابِسيِّ: «تسقِي» [خ¦5999]، وهو وَهمٌ، وعند مُسلمٍ: «تَبتَغِي»، والوَجهُ «تَسعَى».


[1] في «المشارق»: فسَّره في حديث هشام: «يعني موتكم»، وهو الصَّواب.
[2] في (س): (التوسيع)، وفي «المشارق»: (التَّسويغ).
[3] كذا في الأصول، والذي في «المشارق»: (أبو سليمان). انتهى؛ أي: الخطابي، وهو في «غريب الحديث» ░1/369▒.