مطالع الأنوار على صحاح الآثار

السين مع النون

          السِّين مع النُّون
          2050- قوله: «عامُ سَنةٍ» [خ¦5446]، كذا ضبَطْناه على الإضافةِ، وهو الصَّوابُ، وضبَطَه بعضُهم: «عام سنةٌ» بالرَّفعِ، والأوَّل أصوَب؛ أي: عام شِدَّةٍ ومجاعةٍ، ومنه: «وإذا سافَرْتم في السَّنةِ» كلُّه بمعنى الجدْب، وكذلك: «أخذَتْهم سَنةٌ» [خ¦1007] و«ليسَت السَّنةُ ألَّا تمطرُوا»، و{وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ} [الأعراف:130]؛ أي: في الجدْب، وأصلُه: سَنَوَه، وكذلك جُمِعت سنَوَات، وقيل: بل الأصلُ سَنَهة والتَّاء زائدة فيها، ومنه: «سِنينَ كَسِني يُوسُف» [خ¦804]، و«ألا يهلكهم بسَنةٍ عامَّة».
          وقوله: «نهَى عن بيعِ السِّنين، وهي المُعاومةُ»، وهو بيعُ الثَّمرِ سِنينَ، وهو غرَر، ومن بيعِ ما لم يُخلَق، وقد جاء مُفسَّراً من حديث ابنِ أبي شيبَةَ: «نهَى عن بيعِ الثَّمرِ سِنِينَ».
          2051- قوله: «فكَرِهت أن أَسنَحه» [خ¦2069]؛ أي: أنسَل من بين يدَيه، فأجاوِزَه من يمينٍ إلى يَسارٍ، وقد جاء: «فأكرَه أن أستَقبِله» [خ¦511]، وفي رِوَايةٍ: «أن أجلِسَ فأُوذِيه» [خ¦514]، وقد يكون معنى أسنَح له؛ أي: أتعرَّض له في صَلاتِه، من قولهم: سنَح لي أمرٌ؛ أي: عرَض.
          2052- قوله: «وإهَالةٍ سَنِخَة» [خ¦2069]؛ أي: دسَماً مُتغيِّر الرِّيحِ، سنِخ وزنِخ إذا تغيَّرت ريحه.
          2053- قوله: «وأسنَد في الجبَلِ»، و«أسنَدُوا إليه»، / و«اسْتَنَد»، و«استَسْنَد»، و«يسند الحديث» السنَّد ما ارتَفَع من الأرضِ، ويُسنِد الحديث يرفَعُه إلى النَّبيِّ صلعم، والمُسنَد ما لم يُخَل فيه بذكرِ أَحدٍ من رُواتِه، وسنَد الحديث رُواتُه، وهو إسناده أيضاً، وأصلُه رفعُه.
          و«أسنَدُوا إليه في مَشربة له» صعَدُوا.
          و«السُّندُس» [خ¦2615] رقِيقُ الدِّيباج.
          و«كَيلَ السَّندَرة» مِكيالٌ واسعٌ، وقيل: السَّندرَة العجلة والسُّرعة والجِدِّ، وقيل: السَّندرة شجرٌ يُعمَل منه النَّبلُ، ولعلَّ المَكايِيل تُعمَل منها.
          وقوله في السَّرقة في «الموطَّأ»: «بالسَّندُوق» كذا هو بالسِّين، والمَشهُور بالصَّاد؛ وهو التَّابُوت أو شِبهه، قلت: بالصَّاد روَيتُه وكتَبتُه في «الموطَّأ»، وأهلُ اللُّغة يجِيزُون الوَجهَين.
          2054- قوله: «فاستَنَّتْ شرَفاً أو شَرَفَين» [خ¦2371]؛ أي: جرَت، وقيل: لجَّت في عَدوِها إقبالاً وإدباراً، وقيل: الاستِنَان يختَصُّ بالجَريِ إلى فوق، وقيل: هو المرحُ والنَّشاط، وفي «البارع»: الاستِنَان كالرَّقصِ، وقال ابنُ وَهبٍ: أفلتَت، وقيل: استَنَت رعت، وقيل: الاستِنَان الجريُ بغيرِ فارسٍ، وقيل: الاستِنَان في غير هذا الاستِيَاك؛ وهو دَلكُ الأسْنانِ وحكُّها بما يجلوها.
          ومنه: و«هي تَستَن»، و«سَمِعنا اسْتِنانها» [خ¦1776]، وقوله: «وأعطُوا الرُّكُبَ أسِنَّتَها» جمع أسنان؛أي: اتركُوها ترعى بها، هذا قول أبي عُبيدٍ، وقد انتُقِد عليه، وقيل: لا يُعرَف إلَّا جمع سِنان، إلَّا أنْ تكون الأسِنَّة جمع أسنان، فهو جمعُ جمعٍ، قاله الخَطَّابيُّ، وأنكَر أبو مروان هذا، وقال: أسِنَّة من أبنِيَة الجَمعِ والقَليلِ، فلا يكون جمعُ جمعٍ، وقيل: هو جمعُ سِنان؛ وهو القُوَّة؛ أي: اترُكُوها ترعى لتَقوَى، وقيل: السِّنُّ الأكل الشَّديدُ بالكَسرِ، والسِّنُّ المَرعَى، يقال: أصَابَت الإبلُ سنَّاً من الرَّعيِ إذا مَشقَت فيه مَشْقاً صالحاً، ويجمَع على هذا أسناناً ثمَّ أسِنَّة، مثل كنَّ وأكْنَان وأكِنَّة، قلت: الأكِنَّة جمع كنان، وقال ابنُ الأعرابيِّ: معناه أحسِنُوا رعيها حتَّى تسمَن وتحسن في عين النَّاظرِ، فيمنَعُه من نَحرِها، فكأنَّها / استترت منه بأسنَّةٍ، وأنشَد(1) :
له إبلٌ فَرْشٌ ذواتُ أَسِنَّة                     ..................
          وهذا تعسُّفٌ وتكلُّفٌ في التَّأويلِ لا يُحتاج إليه، السَّنُّ المَرعَى، والسِّنُّ الرَّعيُ.
          وقوله: «فسنها في البَطحَاء»؛ أي: صبَّها، وسنَنتُ الماء وشنَنتُه صبَبْته، والشَّنُّ والسَّنُّ الصَّبُّ.
          وكذلك: «فسُنُّوا عليَّ التُّراب سَنَّاً»؛ أي: أهيلوه برِفْق بالسِّين والشِّين، وقيل: هو بالمُعجمةِ في الماءِ تفريقه ورشُّه، ومنه في حديث ابنِ عمرَ: «كان يسنُّ الماء على وَجهِه ولا يَشنُّه»(2).
          قوله: «لتَتبِعُنَّ سَنَنَ من قبلَكم» [خ¦3456] بفَتحِ السِّين والنُّون رَوَيناه؛ أي: طريقهم، وسَنَن الطَّريق نهجُه، وسُنُنه بالضَّمِّ فيهما وسَنُنه بفتح السِّين وضمِّ النُّون، وسُنَنه أيضاً، وكأنَّ هذا جمعُ سُنَّة وهي الطَّريقةُ.
          وقوله: «هي السُّنَّة»؛ أي: الطَّريقةُ التي سنَّها رسولُ الله صلعم، وشرَع الاحتمال عليها، و«من سنَّ سُنَّةً حسَنةً» [خ¦96/15-10836]؛ أي: فعَل فِعلاً، أو قال قولاً يحتَمِل عليه وسلَك فيه.
          وقوله: «إنَّ رسولَ الله صلعم علَّمنا سُنَن الهُدَى وإنَّ من سُنَن الهُدَى» رَوَيناه عنهم بالفَتحِ فيهما والضَّمِّ، وعن العُذريِّ في الأوَّل خاصَّة الضَّمُّ، وفي الثَّاني بالفَتحِ؛ وهو على نحو ما تقدَّم.
          وقوله في اليَتِيمَة: «سُنَّة مِثلها» [خ¦6965]؛ أي: صدَاق مِثْلها، وذلك يرجِعُ إلى الطَّريقةِ والعَادةِ.
          وقوله: «جَذَعةٌ خَيرٌ من مُسِنة» [خ¦965]، و«في أربَعِين مُسِنَّة» قال الدَّاوديُّ: هي الَّتي بدَّلت أسنانَها، وهي الثَّنِيَّة، واختُلِف في سنِّها في البَقرِ، فقيل: ابنة ثلاث ودخَلَت في رابعة، وقيل: هي التي كما دخَلَت في الثَّالِثة.
          وقوله: «ليس السِّنَّ والظُّفُر» [خ¦2488] واحدُ الأسنانِ، و«ليس» حرف استِثْناء هنا.
          و«سنان الرُّمح» [خ¦966] حديدته؛ وهي: نَصلُه.
          وفي حديث أمِّ خَالدٍ: «سَنَّا سَنَّا»، وفي أُخرَى: «سَنَّهْ سَنَّهْ» [خ¦3071] كلُّها بفتح السِّين وشدِّ النُّون، إِلَّا عند أبي ذرٍّ فإنَّه خفَّف النُّون، وإلَّا القابسي فإنَّه كسر السِّين من «سِنَّا»، ومعنى هذه الكلمة: حسَنَة بالحبَشِية، وقال عِكرمَةُ: سنَّا الحُسْنِ.
          وقوله: «لا كَبِرَ سِنُّك» سِنُّ / الإنسان وقَرنُه ولِدَتُه قَرِينُه في السِّنِّ والمَولدِ، وقوله: «فإذا أسنَان القَوم»؛ أي: مَشايخهُم، وذوُوا أسنَانِهم.
          قوله في تفسير{الْعَرِمِ} [سبأ:16]: «هو المُسنَّاة بلَحنِ حِميَر» [خ¦65-7025]؛ أي: بلُغتِهم، وهي كالضَّفائر تُبنى للسَّيلِ تردُّه.
          2055- قوله: «واجتَبَّ أَسنِمَتهما» [خ¦2375] هي حدبةُ البَعيرِ، واحدُها سَنام، وقوله: «رأيت قبرَ النَّبيِّ صلعم مُسَنَّماً» [خ¦1390] هو الذي رُفِع عن وجهِ الأرض حتَّى نتأ، مأخُوذ من سَنام البَعيرِ، وكلُّ مُرتَفع فهو مسنَّم.
          2056- و«السَّانِيَة» الدَّلوُ الكَبِيرةُ، وأداتُها التي بها يُستَقى، ثمَّ سُمِّيت الدَّواب سواني للاستِقَاء بها، وكذا المُستَقى بها سَانِية أيضاً، يقال: سَنَوت أسنُو سِناوَةً وسُنُوَّاً.


[1] صدر بيت يُنسب لخالد بن الظيفان، كما في «غريب الحديث» للخطابي ░1/629▒، عجزه:
~..................                      صُهابيَّةٌ حانَتْ عليهِ حُقُوقُها
[2] لم أره مسندًا، وإنَّما أورده الخطابيُّ بلا سند في «غريب الحديث»░1/439▒، وأورده في «الزاهر فى معاني كلمات الناس» ░1/488▒ بلا سند أيضًا عن الحسن البصري.