مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الفاء مع اللام

          الفَاء مع اللَّام
          1799- «كانَت فَلْتَةً» / [خ¦6830] الفَلْتَةُ كلُّ شيءٍ عُمِل على غيرِ رويَّةٍ وبودرَ به انتشارُ خبرِه، هذا قولُ أبي عبيدٍ وغيرِه، وأنكرَه بعضُهم وقال: بل كانت بيعةُ أبي بكرٍ عن مشورةٍ واتِّفاقٍ من الأنصارِ والمهاجرين.
          قال: وإنِّما معناه ما رويَ عن سالم بنِ عبدِ الله، وقد سُئِل عنه فقال: كانت الجاهليَّة تتحاجزُ في الأشهرِ الحُرُم، فلا يعدو بعضُها على بعضٍ، فإذا كانت ليلةَ ثلاثين من الشَّهر الأخيرِ منها أدغلَت فيه فأغارَت، وكانوا يُسَمُّون تلك الليلةَ فَلتَة، ثمَّ يحتجُّون بأنَّها من أوَّل الشَّهر الحلال، وأنَّ الشَّهر الحرامَ كان ناقِصاً إدغالاً منهم وتطرُّقاً إلى ما يُحبُّون.
          قال سالم: فكذلك لما مات رسُول الله صلعم أدغَل النَّاسَ بموتِه، بين مدَّعِ إمارةٍ وجاحدِ زكاةٍ، ومرتدٍّ إلى غيرِ الإسلام، فلولا بيعةُ أبي بكرٍ التي اعترضَت دون هذه الأمورِ كانت الفَضِيحة، وإلى هذا ذهبَ الخَطَّابيُّ؛ إذ كان موتُه بعد الأمنِ في حياتِه شِبه الفَلْتة آخرَ شهورِ الحرم التي كانت أمناً، وتلك اللَّيلةُ فَلْتَة، كما كان موتُ النَّبيِّ صلعم، وبيعةُ أبي بكرٍ فلتةً بعدِ أمانٍ.
          وبفتحِ الفاءِ هو الضَّبطُ المشهورُ والرِّوايةُ المعروفةُ، قال القاضي أبو الفضلِ: ووجدتُه بخطِّ الجَيَّانيِّ فيما قيَّده عن أبي مروانَ بضمِّ الفاءِ أيضاً.
          قوله: «افتُلِتَت نفسها» [خ¦1388]؛ أي: ماتَت فجأةً، وقيل: اختُلِسَت نفسُها، وهو من نحوِ ما تقدَّم، و«نفسَها» نصبٌ على المفعولِ الثَّاني، وهو أكثرُ الرِّواياتِ، ورويَ: برفعِ السِّين، قال الخَطَّابيُّ يعني: أُخِذت نفسُها فجأةً، وبالوجهين قيَّدَه الجَيَّانيُّ وغيرُه من شيوخِنا، وذكرَه القُتَبيُّ: «اقتتلت» بالقافِ؛ قال: وهي كلمةٌ تقال لمن مات فجأةً، ولمن قتلَه الحُبُّ، والأوَّل المشهورُ في الرِّوايةِ.
          قوله: «إنَّ شيطاناً تفلَّتَ عليَّ البارِحةَ» [خ¦461]؛ أي: توثَّب وتسرَّع إليَّ.
          قوله: «حتَّى إذا أخذَه فلم يُفلِتْه» [خ¦4686]؛ أي: لم ينفلِت منه، ويكون معناه: لم يُخلِّصه / غيرُه منه، يقال: أُفلِتَ الرَّجلُ فأفلَت وانفلتَ.
          1800- قوله: «والمُتَفَلِّجات للحُسْنِ» [خ¦4886] هنَّ اللَّاتي يأشُرنَ أسنانهنَّ بحديدةٍ حتَّى يُفلِّجنَها، والفَلَج: فُرجَة بين الثَّنايا؛ قاله الخليلُ، وقال غيرُه: بين الأسنانِ، وقال بعضُهم: بين الثَّنايا والرَّباعيَّات، ومنه في وصفِه صلعم: «كان أفلَجَ الأسنان» لكن لا يُقال: أفلَج إلَّا مُضافاً إلى الثَّنايا أو الأسنانِ، وكذلك مُفلَّجَ الأسنانِ أو الثَّنايا، وإنَّما يقال: أفلَجٌ مطلقاً في الإنسانِ وفي الدَّوابِّ للمُتباعِد ما بين الرِّجلين، و«الفَرَق» تفرُّق رؤوسِ الأسنانِ والثَّنايا، والرَّجلُ أفرَق وأفلَج، والمتفلِّجات هنَّ المُؤتشراتُ.
          1801- قوله: «أفلَحَ إن صدَقَ» [خ¦46]؛ أي: أصابَ خيراً وفازَ بذلك، والفلَح والفلاحُ البقاءُ، وقيل: الفوزُ، ومنه: «حيَّ على الفلاح» [خ¦65-7188]؛ أي: هلمَّ إلى عملٍ يوجبُ البقاءَ الدَّائمَ في الجنَّة، ومنه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون:1] قيل: هم الفائزون، وقيل: الباقون في النَّعيمِ.
          قوله: «لو قلتَها وأنتَ تملِكُ أمرَكَ أفلحْتَ كلَّ الفلاحِ»؛ أي: فُزت وخُلِّصت من الإسارِ، وفي حديث هرقل: «هل لكم في الفَلاحِ» [خ¦7]؛ أي: الفوزِ والبقاءِ في الجنَّة.
          1802- قوله: «وتقيءُ الأرضُ أفْلاذَ كَبِدِها» يعني: كنوزَها ومعادِنها، والأفلاذُ: القِطَع، الواحدُ: فِلذَةٌ، شبَّه ما يَخرُج من باطِنها من ذلك بأكبادِها، كأكبادِ ذواتِ الكبدِ الذي هو مستورٌ في أجوافِها، ورفعةَ ذلك ونفاسَتَه بفِلذَة الكبدِ، وهو أفضلُ ما يُشتوى من البعيرِ عندَ العربِ وأَمْرَؤُه.
          1803- «الفَلَك» [خ¦4739] فَلَكُ النُّجوم، ويكونُ واحداً وجمعاً، كقولِك امرأةٌ هِجانٌ ونسوةٌ هِجانٌ، والفُلْكُ السَّفينةُ، وهو لفظٌ يقعَ للواحدِ والجمعِ، قال تعالى: {حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم} [يونس:22]، وقال تعالى: {فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ}[يس:41] وقيل: هو واحدٌ وجمعه فُلُك.
          1804- وقوله: «شَجَّكِ أو فَلَّكِ» [خ¦5189]؛ أي: كسَركِ، ويقال: ذهبَ بمالِكِ، ويقال: كسرَ حُجَّتك وكلامَك بكثرةِ خصومتِه وعذلِه.
          قوله: «بهنَّ فُلولٌ» [خ¦3973] يعني: ثُلَماً، وهو الكسرُ القليلُ في حدِّها، من قَرْعِ الأقرانِ في الحروبِ.
          وقوله: «من فَلَّةٍ / فُلَّها يومَ بدرٍ» [خ¦3793] منه.
          وقوله: «أي فُلُ» [خ¦2841] هو ترخيمُ يا فلان على لغةِ يا حارِ، ولا يُقال إلَّا في النِّداءِ، وقيل: بل هو لغةٌ أخرى في فلانٍ(1).
          1805- قوله: «إذن يفلغوا رأسي»؛ أي: يشقُّوه أو يشدَخُوه.
          1806- قوله: «مثل فلَقِ الصُّبح» [خ¦3] يعني: انشقاقَه وبيانَه وخروجَه من الظَّلام، شبَّهها لبيانِها به في إنارتِه وضوئِه، وفرَق الصُّبح وفَلَقه سواءٌ، وقال الخليلُ: الفَلَق هو الفَجرُ.
          قوله: «مثل فِلْقَة جَفنةٍ» بكسرِ الفاءِ؛ أي: نصفِها، قاله ثابتٌ، قال: ويقال: سمعت ذلك من فَلْقِ فيه، بفتحِ الفاءِ وسكونِ اللَّام، وقوله: «فأخرج فِلَقَ خبزٍ وكِسَراً» جمع فِلْقة، مثل كِسرة.
          1807- «وأَفْلَسَ الرَّجلُ» قلَّ مالُه، بفتحِ الهمزةِ واللَّام، وأصلُه من الفَلَس؛ أي: صارَ ذا فلوسٍ بعدَ أنْ كان ذا دنانيرَ فهو مُفلِسٌ، وفي روايةِ السَّمرقنديِّ والهوزَنيِّ: في حديثِ ابن رُمحٍ: «أيُّما امرئٍ فُلِّسَ» وليسَ بشيءٍ، وكذا يقوله الفُقهاء، ولغيرِه: «أفلَسَ»، وهو الصَّوابُ.
          1808- قوله: «كما يربِّي أحدُكم فَلُوَّه(2)» [خ¦1410] هو المُهْرُ؛ لأنَّه يُفلَى عن أمِّه؛ أي: يُعزَل، وحُكي: فِلْو، وأنكرَه ابنُ دريدٍ.
          و«الفَلاة من الأرضِ» المفازةُ والقَفرُ التي لا أنيسَ بها، وذكره بعضُهم في حرفِ الواوِ، وآخرون في حرفِ الياءِ.


[1] قال القاضي في «المشارق»: (وهو الأشهر).
[2] في هامش (س) حاشية: (فَلُوَّه: بفتح الفاء وتشديد الواو، وزن عدوٍّ، وفِلو بكسر الفاء، وزن: جرو، والله أعلم).