مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الفاء مع الدال

          الفَاء مع الدَّال
          1771- قوله: «في الفَدَّادِين» [خ¦3302] هو بشدِّ الدَّالِ عندَ أهلِ الحديثِ وجمهورِ أهلِ اللُّغةِ، وكذا قاله الأصمعيُّ؛ قال: وهم الذين تَعلُوا أصواتُهم في حروثِهم ومواشِيهم، يقال منه: فدَّ يفِدُّ فَدِيداً إذا شدَّ صوتَه.
          قال أبو عبيدٍ: هم المكثرونَ من الإبلِ، وهم جفاةٌ أهلُ خُيلاءٍ، وقال المُبرِّدُ: هم الرُّعيانُ والجمَّالونَ والبقَّارونَ، وقال مالكٌ: «هم أهل الجَفاءِ»، وقيل: الأعرابُ، وقال أبو عمرو بنُ العلاءِ(1) : هم الفدَادونَ بتخفيفِ الدَّالِ واحدُها فدَّانٌ مشدَّد الدَّالِ، وهي البقرةُ التي يُحرَث بها، وأهلُها أهلُ جفاءٍ لبُعدِهم من الأمصارِ، قال أبو بكرٍ: أرادَ أصحابَ الفدَادِين ثمَّ حذفَ.
          قال القاضي أبو الفضلِ: لا يُحتَاج في هذا إلى حذفٍ على هذا التَّأويلِ، وإنِّما يكونُ على هذا الفدَّادونَ بالشَّدِّ صاحبُ الفَدَادِين بالتَّخفيفِ، كما يقال: بغَّالٌ لصاحبِ البِغال وجمَّال لصاحبِ الجمالِ.
          1772- قوله: «فنقطعُ منه الفِدَرُ» وهي القِطَعُ واحدتُها فِدْرَة، وفي روايةُ الهَوْزنيِّ(2) : «كقَدْر الثَّورِ» والأوَّلُ أصوبُ، وقال غيرُه: والفِدْرَةُ القطعةُ من اللَّحم مطبوخةً باردةً، والحديثُ يدلُّ على خلافِ قولِه والرِّوايةُ الثَّانيةُ إلَّا أنْ يكون استعارَ ذلكَ لكلِّ قطعةٍ أنَّها في العِظَم كالثَّورِ أو قَدرِه.
          1773- قوله: «لمَّا فدَع يهودُ عبدَ الله بنَ عُمَر» [خ¦2730]؛ أي: أزالَت يدَه من مِفصلِها فاعوجَّت، و«فَدِعَ» هو مثلُ «عَرِج» إذا أصابَه ذلك، فهو / أفدَعُ، هذا الذي يعرفُه أهلُ اللُّغةِ قالوا: الفَدَعُ زوالُ المِفصَلِ، قاله أبو حاتمٍ، وقال الخليلُ: هو عِوَجٌ في المفاصلِ، وقال الأصمعيُّ: زيغٌ في الكفِّ بينَها وبين السَّاعدِ، وفي القدمِ زيغٌ بينَها وبين السَّاقِ، وفي بعضِ تعاليقِ البخاريِّ: فدعٌ يعني كسرٌ، والمعروفُ في قصَّة ابنِ عمرَ ما قاله أهلُ اللُّغةِ.
          1774- قوله: «فإذا أوفَى على ثَنيَّةٍ أو فَدفَدٍ» [خ¦2995] هي الفلاةُ من الأرضِ لا شيءَ فيها، وقيل: الغليظةُ من الأرضِ ذاتُ الحصَا، وقيل: الجلدُ من الأرضِ في ارتفاعٍ.
          1775- قوله: «فِدًى لك» [خ¦6148] مقصورٌ، و«فِداءً لك» [خ¦3905] ممدودٌ بكسرِ الفاءِ فيهما، وقال يعقوبُ: العربُ تقول: لكَ الفِدَى والحِمَى، فيقصرُونه إذا ذكرُوا الحِمَى، فإذا أفردوه مدُّوه، وتقول: فداءٌ لك، وفداءً لك، وفداءٍ لك، بضمِّ الهمزةِ وفتحِها وكسرِها، وفدًى لك مقصورٌ، وحكَى الفرَّاءُ: فَدًى مفتوح الأوَّل مقصور، وقال الفرَّاءُ: فإذا كسروا أوَّله مدُّوا، وربَّما قصروه مع الكسرِ.
          وأنكرَ الأخفشُ قصْرَه مع الكسرِ، قال: وإنَّما يُقصَر مع الفتحِ، فإذا كسرتَها مَدَدتَ إلَّا في الضَّرورةِ، كما قال(3) :
فِدًى لك والدي وفِدتكَ نفسِي                     ..................
          وقوله: «فِداكَ أبِي وأُمِّي» [خ¦2905] قال الأصمعيُّ: الفِداءُ يُمَدُّ ويُقصَر، وأمَّا المصدرُ من فاديتَ ممدودٌ لا غير، والفاءُ في كلِّ ذلك مكسورةٌ، وحكَى الفرَّاءُ: فَدًى لكَ مفتوح ومقصور، و«فَدَاك أبي وأمِّي» [خ¦6184] فعلٌ ماضٍ مفتوحُ الفاءِ، ويكونُ اسماً على ما حكاهُ الفرَّاءُ.
          قوله: «فَادَيتُ نَفسِي وعَقِيلاً» [خ¦421]؛ أي: أعط فداءَهما.


[1] في هامش (س): (حاشية بخطِّ ابن الصَّلاح، قلت: هذا غلط إنَّما هو أبو عمرو الشَّيباني اللغوي، حكاه أبو عُبيد عن أبي عمرو مطلقاً فتوهَّم هذا أنَّها له).
[2] في (ن): (الهروي).
[3] لم ينسب هذا لأحد، وإنَّما أنشده الأصمعي كما في «لسان العرب» (مادة: فدى)، وتتمته:
~..................                      ومالي إِنه مِنكُم أَتاني