انتقاض الاعتراض

باب صوم يوم الجمعة

          ░63▒ (بابٌ: صَوْم يَوْم الْجُمُعَة وَإِذا أَصْبَحَ صَائِمًا يَوْمَ الْجُمْعَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُفْطِرَ)
          يَعْنِي: إِذَا لَمْ يَصُمْ قَبْلَهُ وَلَا يُرِيدُ أَنْ يَصُومَ بَعْدَهُ
          قال (ح)(1) : هذا الكلامُ، وهو قوله: يعني...إلى آخره، يُشْبِهُ أن يكونَ من كلامِ الْفَرَبْرِيِّ(2) أَوْ مَنْ دُونَهُ، فإنَّهُ لم يقعْ فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ عَنِ الْبُخَارِيِّ، وَيَبْعُدُ أَنْ يُعَبِّرَ الْبُخَارِيُّ عَمَّا يَقُولُهُ(3) بِلَفْظِ يَعْنِي، بلْ كانَ يُعَبِّرُ بقولهِ: أَعْنِي أو(4) يَسْتَغْنِي عن ذِكْرِها.
          قال (ع)(5) : الظَّاهرُ أنَّها مِنَ البخاريِّ، ويكونُ كأنَّه جعلَ هذا لغيرهِ بطريقِ التَّجريدِ، قال: وهذا موضعٌ دقيقٌ.
          كذا قالَ، وليس فيه ما يدفعُ كلامَ (ح)(6) فإنَّ الاستبعادَ لا يستلزمُ وجودَ التوجيه الواهي كهذا.
          قوله صلعم عنْ صومِ يومِ الجمعة.
          قال (ح)(7) : استدلَّ به مَنْ لم يكرهْ صومُ يومِ الجمعةِ بحديثِ ابن مسعودٍ: «كانَ رسولُ اللَّه صلعم يصومُ منْ كلِ شهرٍ ثلاثةَ أيَّاٍم، وقلَّما كانَ يَفْطُرُ يومَ الجمعةِ» أخرجه التِّرمذيُّ وغيرُهُ، ولا حُجَّةَ فيه لاحتمالِ أنَّه كان يتعهدُ(8) فطرَه إذا وقعِ في الأيَّامِ التي كان يصومُها.
          قال (ع)(9) : العجبُ مِنْ هذا القائلِ، يتركُ ما دلَّ عليه ظاهرُ الحديثِ، ويدفعُ حجَّتَه بالاحتمالِ الناشئ مِنْ غيرِ دليلِ الَّذي لا يعتبرُ به ولا يعملُ به، وهذا كلُّه عسفٌ(10) ومكابرةٌ.
          قلتُ: رَمَتْنِي بدائِها وانْسَلَّت، لو لم يَرِدْ صريحُ النَّهيِّ ما احتيجَ إلى هذا الاحتمالِ، فطريقُ الجمعِ بين / الخبرينِ اللذيْنِ ظاهرُهُما التَّعارضُ اقتضى ذلك، فلا عسفٌ ولا مكابرةٌ إلَّا مع ردِّ الحديثِ الْمُخَرَّجِ في «الصحيحيْنِ» مع صراحتِهِ بالحديثِ الْمُحَسَّنِ مع وجودِ الاحتمالِ فيه.


[1] قوله: «(ح)» بياض في (د).
[2] في (س): «القريري».
[3] قوله: «عما يقوله» في (د) و(س) و(ظ): «عن كلام نفسه ».
[4] في (س): «و ».
[5] قوله: «(ع)» بياض في (د).
[6] قوله: «(ح) » غير واضحة في (د).
[7] قوله: «(( ح)) » بياض في (د).
[8] في (د) و(س): «يتعمد ».
[9] قوله : «(ع)» بياض في (د).
[10] في (س): «تعسف».