التلويح شرح الجامع الصحيح

باب لبس القسي

          ░28▒ بَابُ لُبْسِ القَسِّيِّ
          ذكر البخاري أن عاصمًا قال: عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عن عَلِيٍّ رضي الله عنه: إنَّهَا ثِيَابٌ مِنَ الشَّامِ، أَوْ مِنْ مِصْرَ، مُضَلَّعَةٌ فِيهَا حَرِيرٌ، وَفِيهَا أَمْثَالُ الأُتْرُنْجِ.
          هذا التعليق عن عاصم وصله أبو عبيد بن سلام في «غريبه» وبيَّن أنه عاصم بن كليب.
          قال ابن بطال: الحرير حرام، قليله وكثيره، مصمت كان أو غير مصمت، في الحرب وغيرها، على الرجال والنساء؛ لأن التحريم بذلك قد جاء عامًّا، فليس لأحد أن يخصَّ منه شيئًا؛ لأنه لم يصح بخصوصه خبر.
          وقال آخرون: هذه الأخبار الواردة بالنهي عن لبسه أخبار منسوخة، وقد رخَّص فيه صلعم بعد النهي عن لبسه، وأذن لأمته فيه.
          وقال آخرون ممن قال بتحليل لبسه: ليست هذه الأخبار [منسوخة ولكنها بمعنى الكراهة لا بمعنى التحريم، وقال الآخرون: بل هذه الأخبار] وإن كانت قد وردت بالنهي عن لبسه؛ فإن المراد بها الخصوص، وإنما أريد بها الرجال دون النساء، وما عنى به الرجال من ذلك وإنما هو ما كان مصمتًا، فأما ما اختلف سداه ولحمته أو كان علمًا في ثوب فهو مباح.
          وقال آخرون ممن قال بخصوص هذه الأخبار: إنما عنى بالنهي عن لبسه في غير لقاء العدو، فأما عند اللقاء فلا بأس يلبسه مباهاة وفخرًا.
          أما من قال بالأول: فعلي وابن عمر وأبو هريرة وحذيفة والحسن ومحمد.
          والذين قالوا: التحريم على الرجال دون النساء؛ حذيفة وابن عمر وأبو موسى.
          والقائلون بالنسخ اعتمدوا إذنه صلعم / للزبير في لبسه، قال أنس: «لقي عمر ابن عوف فجعل ينهاه عن لبس الحرير، وابن عوف يضحك وقال: لو أطعتنا للبسته معنا»، رواه معمر عن ثابت عنه، وفي رواية: «والله إني لأرجو أن ألبسه في الدنيا والآخرة».
          وعن ابن عباس وقد سُئِل عن الثوب عليه من إستبرق: «ما أظن النهي عنه إلا للتكبر والتجبر، ولسنا كذلك بحمد الله تعالى».
          وسُئِلَ جبير بن حية عن ثوب لبسه من ديباج منسوج بذهب إنه يدفئني، وألبسه في الحرب.
          قال الطبري: من لبسه لباس اختيال وتكبر دون ضرورة تدعو إلى لباسه فهو الذي لا خلاق له في الآخرة.
          وقال بعضهم: هو من لباس المشركين في الدنيا، فينبغي أن لا يلبسه المؤمنون.