التلويح شرح الجامع الصحيح

باب قول الله تعالى: {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده}

          ░1▒ باب: قَوْلِ اللهِ جلَّ وعزَّ:{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ}[الأعراف:32].
          وَقَالَ النَّبِيُّ صلعم: «كُلُوا وَاشْرَبُوا، وَالبَسُوا وَتَصَدَّقُوا، فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا مَخِيلَةٍ».
          هَذَا التَّعْلِيق رواه ابْن أبي شَيبة عَن يزِيد بن هَارُون: أَخبرنا هَمَّام عَن قَتَادَة عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده، قَالَ رَسُول الله صلعم، الحديث.
          وقال ابن أبي حاتم: سمعت أَبِيْ، وحدثنا عن الفَضل بن الصبَّاح عن أبي عبيدة الحدَّاد عن هَمَّام عن قَتادة عن عمرو بن سعيد عن أنس ومَعْبد: «كلوا واشربوا» الحديث.
          قال أبي: أخطأ فيه، إنما هو قَتادة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده / . وعن ابن عَبَّاس: «كُلْ مَا شِئْتَ، وَالبِسْ مَا شِئْتَ مَا أخْطيتَ اثْنَانِ: سَرفٌ أَوْ مَخِيلةٌ».
          هذا التعليق أيضًا رواه أبو بكر في «مصنفه» عن ابن عُيَيْنَة، عن إبراهيم بن مَيْسَرة عن طاوس عنه.
          قال ابن التِّين: كذا وقع بغير همز، وصوابه: «أخطأَتْك».
          قال الجوهري: يقال: أخطأتُ، ولا يقال: أخطيتُ.
          ... عن ابن عمر مرفوعًا: «لا ينظر الله إلى من جرَّ ثوبه خيلاء» [خ¦5783].
          زاد الترمذي: «فقالت أم سلمة: كَيْفَ يَصْنَعن النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ؟ قَالَ: يُرْخِينَ شِبْرًا، فَقَالَتْ: إِذًا تَنْكَشِفُ أَقْدَامُهُنَّ، قَالَ: يُرْخِينَهُ ذِرَاعًا، لَا يَزِدْنَ عَلَيْهِ».
          وعند البُخارِي من رواية سالم عن أبيه فقال... : فقال أبو بكر: يا رسول الله إنَّ أحد شقي إزاري يسترخي إلا أن أتعهد ذلك؟ فقال صلعم: «إنك لست ممن يصنعه خيلاء».
          وعند ابن أبي شَيبة عن عبد الله بن أبي الهذيل أن أبا بكر سأل النبي صلعم عن موضع الإزار فقال: «مسبق الساق فيما أسفل من ذلك، ولا خير فيما فوق ذلك» انتهى.
          يعارض هذا ما رواه أيضًا من حديث أبي مَكِين عن خالد أبي أمية: «أن عليًّا اتزر فلحق إزاره بركبتيه».
          وقد تقدم حديث ابن عمر من عند البُخارِي: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَجُرُّ إِزَارَهُ، خُسِفَ بِهِ، فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِي الأَرْضِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ».
          وحديث أبي هُرَيْرَة: «مَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ مِنَ الإِزَارِ فَهو فِي النَّارِ».
          وفي لفظ: «لَا يَنْظُرُ اللهُ يوم القيامة إِلَى مَنْ جَرَّ إزاره بطرًا».
          وعنه بلفظ: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي حُلَّةٍ، تُعْجِبُهُ نَفْسُهُ إِذْ خسفَ بِهِ، فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ يعني إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ».
          وعند ابن أبي شيبة بسندٍ لا بأس به عن ابن مَسْعود: «نهى رسول الله صلعم عن جرِّ الإزار».
          وعن ابن عَبَّاس قال رسول الله صلعم: «إن الله لا ينظر إلى المُسْبِل إزارَه».
          وعن عبد الله بن عمرو يرفعه: «لا يَنْظر الله إلى الذي يُجُرُّ / إِزَاره خيلاء».
          وعن أبي ذر يرفعه: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة المسبل إزاره».
          وبسند صحيح: «أن ابن مَسْعود كان يسبل، فقيل له في ذلك، فقال: إني حَمْشُ السَّاقَين».
          وروى الترمذي مصححًا عن حذيفة قال: «أخذ سيدنا رسول الله صلعم بعَضَلة ساقِي أو ساقِه، وقال: هذا موضعُ الإزار، فإن أبيتَ فأسفل، فإن أبيتَ فلا حقَّ للإزار في الكعبين».
          وعند النَّسائي من حديث الأشْعث بن سُلَيم: سمعتُ عمِّي يحدِّث عن عمِّه أنه كان بالمدينة فسمع قائلًا: ارفع ثوبك فإنه أتقى وأنقى أو أبقى، فنظرتُ فإذا هو رسول الله صلعم، فقلت: إنما هي بُرْدَة مَلْحَاء. قال: «أوَ مَا لَكَ فيَّ أُسوة؟ فنظرتُ فإذا إزاره إلى نصف الساق».
          وعند أبي داود عن ابن عَبَّاس وقال له عِكْرِمة وقد اتّزر فوضع حاشية إزاره من مُقَدَّمِه على ظهر قدمه ورفع من مُؤَخَّرِه، فقلت: لِمَ تَأتَزِر هَذه الأِزْرَة؟ قال: رأيت النبي صلعم يأتزرها.
          وعند مسلم عن ابن عمر، قال النبي صلعم: «يا عبد الله ارفَع إزارك، فرفعتُه، ثم قال: زِد، فزدتُّ، قال بعض القوم: إلى أين؟ قال: إلى أنصاف الساقين».
          وعند أبي داود عن أبي سعيد / يرفعه: «إِزْرَة المؤمن إلى أنصاف الساقين، لا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين، فما أسفل من الكعبين ففي النار، لا ينظر الله إلى من جر إزاره بطرًا».
          وروى ابن أبي شيبة بسند جيد عن ابن عمر مرفوعًا: «الإسبال في الإزار والقميص والعمامة، من جر شيئًا منها خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة».
          وقوله في حديث ابن عمر: تَابَعَهُ يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَلَمْ يَرْفَعْهُ شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ [خ¦5790].
          وصله الإسماعيلي عن الهِسِنْجاني: حدَّثنا محمد بن مسلم، وأخبرنا القاسم: حدَّثنا ابن زَنْجُوَيه قالا: حدثنا أبو اليمان عن شعيب عن الزهري: أخبرني سالم أن عبد الله بن عمر قال: «بينما امرؤ جرَّ إزاره» الحديث.
          وروى البخاري من حديث سعيد بن عُفير: حدَّثني الليث: حدَّثني عبد الرحمن بن خالد، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه أن رسول الله صلعم قال: «بينا رجل يجر»، هو المشار إليه في ذكر بني إسرائيل عقب حديث يونس عن الزهري مرفوعًا بقوله: تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ [خ¦3485].
          وقوله أيضًا: وتَابَعَهُ جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَزَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ [خ¦5791].
          أما حديث جبلة: ففي «صحيح مسلم» والنسائي، وقد ذكره البخاري في كتاب اللباس مسندًا في أول الكتاب أيضًا.
          وَقَالَ: اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، مِثْلَهُ.
          يريد بقول الليث هنا ما خرَّجه مسلم في «صحيحه» عن قتيبة ومحمد بن رمح كلاهما عن الليث أيضًا.
          وَتَابَعَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ.
          يريد ما سلف مسندًا عنده [خ¦3665].
          وَعُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ.
          يريد بذلك ما خرَّجه مسلم عن أبي الطاهر بن السرح، عن ابن وهب عنه.
          وروى ابن أبي شيبة عن [أبي] جُرَيٍّ الهُجيمي قال رسول الله صلعم / : «الإزار إلى نصف الساق، فإن أبيت فإلى الكعبين، وإياك والمخيلة، فإن الله لا يحب المخيلة».
          ومن حديث أبي قَزَعة عن الأَسْقَع بن الأَسْلَع، عن سَمُرة بن جُنْدب عن النبي صلعم: «ما أسفل من الكعبين من الإزار في النار».
          وعن عثمان بن عفان: «كان إزاره إلى أنصاف ساقيه، وقال: هذه إِزْرَة حبيبي، يعني النبي صلعم».
          وعن حُصَين بن قَبيصة عن المغيرة بن شعبة، قال النبي صلعم لسفيان بن سهل: «لا تُسْبل، فإن الله لا يحب المسبلين».
          قال صاحب «القنية»: اختلف في السدل في غير الصلاة؟ فقيل: يكره بدون القميص، ولا يكره على القميص وفوق الإزار، وقيل: يكره كما في «الصلاة»، والصحيح أنه لا يكره.
          وقوله: تَابَعَهُ يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ [خ¦5790].
          أخرج هذه المتابعة الإسماعيلي عن ابن أخيه: حدَّثنا محمد بن عبد الرحيم: حدَّثنا عتاب بن زياد: حدَّثنا ابن المبارك قال:... زهير بن محمد بن شَبيب: حدَّثنا أبي شَبيب عن يونس عن الزهري فذكره.
          حديث زوج رفاعة المتقدم في (باب: الإزار المُهَدَّب).
          قال المهلب: ليس فيه أكثر من أن الثياب المُهَدَّبة من لباس السلف، وأنه لا بأس بها.
          وقال ابن التين: هي التي لم تكف من أصلها، وهدب الثوب وهدَّابته: ما على أطرافه.
          وقال الداودي: هو ما بقي من الخيوط من أطراف الأردية والأزار، يكون لها كالكف فلا ينسل، وليس ذلك من الخيلاء.
          قال الهَرَوي: هدبة الشيء قطعته.
          وحديث جابر عند أبي داود: «أتيت النبي صلعم وهو مُحْتَبٍ بشَمْلة، قد وقع هُدْبها على قدميه»، وفيه: «وإياك / وإسبال الإزار؛ فإنه من المخيلة».