التلويح شرح الجامع الصحيح

باب لبس القميص وقول الله تعالى حكاية عن يوسف

          ░8▒ بَابُ لُبْسِ البرانس
           فذكر عبد الله بن أبي بكر أنه ما كان أحد من القرَّاء إلا وله برنس يغدو فيه وخميصة يروح فيها وسُئِل مالك عن لبسها أتكرهها؟ فإنه يشبه لباس النصارى. قال: لا بأس بها وقد كانوا يلبسونها هنا [خ¦5795].
          وحديث ابن عباس وابن عمر [خ¦5794] ذكرا في الحج [خ¦1543].
          وأما ما وقع في (باب الأكسية والخمائص) في نسخة أبي محمد عن أبي أحمد من قوله: عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عن أبيه، أَنَّ عَائِشَةَ، وابْنَ عَبَّاسٍ، أخبراه، لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللهِ صلعم [خ¦5815] الحديث.
          فذكر الجيَّاني أن قوله: «عن أبيه» وهم، والصواب: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عائشة وابن عباس، لا ذكر لأبيه فيه.
          قال مالك: العِمَّةُ والاحتباءُ والانتعال من عمل العرب.
          وسئل مالك عن الذي يعتمُّ بالعمامة ولا يجعلها من تحت حلقه فأنكرها، وقال: ذلك من عمل القبط، وليست من عِمَّةِ الناس، إلا أن تكون قصيرة لا تبلغ، أو يفعل ذلك في بيته أو في مرضه فلا بأس به، قيل له: فيرخي بين الكتفين؟ قال: لم أر أحدًا ممن أدركته يرخي بين كتفيه إلا عامر بن عبد الله بن الزبير، وليس ذلك بحرام، ولكن يرسلها بين يديه وهو أجمل. انتهى.
          عند أبي داود من حديث الحسن بن علي قال: «رأيت النبي صلعم على المنبر، وعليه عمامة سوداء قد أرخى طرفها بين كتفيه».
          وروى الترمذي محسَّنًا عن ابن عمر: «كان النبي صلعم إذا اعْتَمَّ سدل عِمامته بين كتفيه»، قال نافع: وكان ابن عمر يفعله، قال عبيد الله بن عمر: ورأيت القاسم وسالمًا يفعلان ذلك.
          وفي كتاب «الجهاد» لابن أبي عاصم: حدَّثنا أبو موسى حدَّثنا عثمان بن عمر عن الزبير بن جوان، عن رجل من الأنصار قال: «جاء رجل / إلى ابن عمر فقال: يا أبا عبد الرحمن! العمامة سنة؟ فقال: نعم، قال رسول الله صلعم لعبد الرحمن بن عوف: اذهب فأسدل عليك ثيابك، وألبس سلاحك، ففعل، ثم أتى النبي صلعم فقبض ما سدل بنفسه ثم عمَّمه، فسدل من بين يديه ومن خلفه».
          وعند أبي داود من حديث شيخ من أهل المدينة قال عبد الرحمن بن عوف: «عمَّمَني رسول الله صلعم فسدلها بين يدي ومن خلفي».
          قال ابن أبي شيبة: وحدثنا الحسن بن علي: حدَّثنا ابن أبي مريم، عن رِشدين عن عُقيل عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة: «أن رسول الله صلعم عمَّمَ عبد الرحمن ابن عوف بعمامة سوداء من قطن وأفضل له من بين يديه مثل هذه».
          ومن حديث شهر بن حوشب عن عائشة قالت: «رأيت جبريل أتى رسول الله صلعم وعليه عمامة حَرْقانيَّة فسدلها بين كتفيه».
          وحدثنا المسيب بن واضح: حدَّثنا عبد الله بن نافع، عن ابن جريج، عن نافع، عن عبد الله قال: «عمَّمَ رسول الله صلعم ابنَ عوف بعِمامة سوداء كرابيس وأرخاها من خلفه قدر أربع أصابع، وقال: هكذا فاعتم، فإنه أجمل».
          قال أبو حاتم في كتاب «العلل»: ابن جريج لم يسمع منه ابن نافع شيئًا، والحديث باطل.
          ومن حديث موسى بن عبيدة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، من حديث جابر: «أن رسول الله صلعم دخل مكة يوم الفتح وعليه عمامة سوداء» وسنده صحيح.
          وعند ابن أبي عاصم: «وعليه عمامة سوداء».
          ومن حديث جعفر بن عمرو بن حُريث عن أبيه: «قد أرخى طرفها بين كتفيه» وسنده صحيح.
          عن ابن عمر: «كان رسول الله صلعم إذا اعتم سدل عمامته بين كتفيه» وكان ابن عمر يفعله.
          ومن حديث أشعث بن سعيد: أخبرني عبد الله هو ابن بسر الحُبراني عن أبي راشد الحُبراني: سمعت عليًّا قال / : عمَّمني رسول الله صلعم يوم خيبر بعمامة سوداء، سدل طرفها على منكبي وقال: «إن الله أمدني يوم بدر ويوم حنين بملائكة معتمين بهذه العمة»، وقال: «العمامة حجز بين المسلمين والمشركين».
          وفي حديث أبي عبيدة الحمصي عن عبد الله بن بسر: «بعث رسول الله صلعم علي بن أبي طالب يوم خيبر فعمَّمه بعمامة سوداء أرسلها من ورائه وعن منكبه اليسرى».
          وفي «الشمائل» للترمذي بسند جيد عن ابن عباس: «أن النبي صلعم خطب الناس وعليه عمامة دسماء».
          وعند أبي داود عن رُكانة قال صلعم: «فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس».
          وفي «العلل» للترمذي من حديث أبي المليح عن أبيه، قال رسول الله صلعم: «اعتَمُّوا تزدادوا حلمًا» وقال: سألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: عبيد الله بن أبي حُميد راويه عن أبي المليح ضعيف ذاهب الحديث، لا أروي عنه شيئًا.
          وذكر الكلبي عن الشرقي بن العِظامي: أن أول من اعتم من العرب عدي بن نُمَارة بن لخم بن عدي بن الحارث بن مرة بن أُدَد بن زيد بن يشجب بن يعرب بن زيد بن كهلان بن سبأ، فلقب: عممًا.
          قال الجوَّاني: كانوا قبل ذلك يلبسون عصائب الملك وتيجانه.
          وفي «الكامل» للمبرد: لما طلق خالد بن يزيد بن معاوية آمنة بنت سعيد بن العاصي ابن أمية قال فيها:
فتاة أبوها ذو العصابة وابنه                     أخوها فما أكفاؤها بكثير
          وزعم الدمياطي أن هذا قاله عمرو بن سعيد حين خطبها عبد الملك، قال: وزعم بعضهم أن هذا اللقب إنما لزمه للسيادة، وذلك أن العرب تقول: فلان معتم، يريدون أن كل جناية يجنيها الجاني من قبيلته فهي معصوبة برأسه.
          وقال المبرد: يعني بذي العاصبة؛ أباها سعيد بن العاص، وذلك أن قومه يذكرون أنه كان إذا اعتم لم يعتم قرشي إعظامًا له وينشدون / :
أبو أُحيحة من يعتم عمته                     يُضرب وإن كان ذا مال وذا ولد
          وذكر أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد في كتابه «الوشاح» أن ذا العصابة هو أبو أُحيحة خالد ابن سعيد بن العاصي، قال: ويقال له: ذو العمامة أيضًا.
          وفي «قطب السرور» للرفيق: كان حرب بن أمية أبو أبي سفيان بن حرب له عمامة سوداء، إذا لبسها لم يعتم ذلك اليوم أحد.
          قال الزاهدي: لف العمائم الطويلة ولبس الثياب الواسعة حسن في حق الفقهاء الذين هم أعلام الهدى دون الناس.
          وفي الحديث: «صلاة بعمامة خير من سبعين صلاة بغير عمامة».
          وروي: «من صلَّى وجنبه مشدود كان خيرًا ممن صلَّى سبعين صلاة وجنبه مكشوف».