التلويح شرح الجامع الصحيح

باب افتراش الحرير

          ░27▒ وقال البخاري في:(بَابُ افْتِرَاشِ الحَرِيرِ)
          وَقَالَ عَبِيدَةُ: هُوَ كَلُبْسِهِ.
          ولا يكره الاستناد إلى الوسادة من الديباج. قال / الزاهدي: لا يجوز استعمال اللحاف من الحرير؛ لأنه نوع لبس.
          قال ابن بطال: هذا الباب رد على من أجاز افتراش الحرير والديباج وأن يجلس عليه، وهو قول عبد العزيز بن أبي سلمة، وروى وكيع عن مسعر عن راشد مولى بني تميم: رأيت في مجلس ابن عباس مرفقة حرير.
          والجمهور على خلافه، وحجتهم حديث حذيفة: «نهى النبي صلعم عن لباس الحرير، وعن الجلوس عليه».
          وتقدم طرف منه في كتاب البيوع.
          ولا بأس بملاءة حرير توضع في مهد الصبي؛ لأنه ليس بلبس، وكذا الحلة من الحرير للرجال لأنها كاليسير، ولبس الحرير فوق الدثار لا يكره عند أبي حنيفة؛ لأنه اعتبر حرمة استعمال الحرير إذا كان يتصل ببدنه، وأبو يوسف اعتبر المعنى يعني اللبس، قال: وهذا تنصيص عند أبي حنيفة، ولا يكره لبس الحرير إذا لم يتصل بجسده حتى لو لبسه فوق قميص من غزل أو نحوه لا يكره عنده، فكيف إذا لبسه فوق قباء أو شيء آخر محشو، أو كانت جبة من حرير وبطانتها ليست بحرير، وقد لبسها فوق قميص عزلي.
          قال الزاهدي: في هذا رخصة عظيمة في موضع عم فيه البلوى، ولكن طلبت هذا القول عن أبي حنيفة في كثير من الكتب، فلم أجد سوى هذا، ومن الناس من يقول: إنما يكره إذا كان يمس الجلد وما لا فلا.
          وعن ابن عباس: أنه كان عليه جبة من حرير، فقيل له في ذلك، فقال: ما نرى إلى ما يلي الجسد، وكان تحته ثوب من قطن.
          وقال الزاهدي: إلا أن الصحيح ما ذكرنا من أن الكل حرام.
          وفي «شرح الجامع الصغير» للبَزْدوي: ومن الناس من أباح لبس الحرير والديباج للرجال، ومنهم من قال: هو حرام على النساء أيضًا، وعامة الفقهاء على أنه يحل للنساء دون الرجال، فإن لبس منطقة فيها من الديباج أقل من أربعة أصابع، ولكن جعلها طاقين، كل طاق منها ثلاثة أصابع فلا يجوز.
          ذكر البخاري حديث علي من رواية / : شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَلِيِّ قَالَ: كَسَانِي النَّبِيُّ صلعم حُلَّةً سِيَرَاءَ، الحديث [خ¦5840].
          قال الجياني: كذا إسناد هذا الحديث عند رواية الفربري، وغيرهم من رواة البخاري إلا ابن السكن فإن في روايته: شعبة عن عبد الملك عن النزال عن علي، والأول هو المحفوظ، وقد ذكره البخاري أيضًا في غير موضع كما قلناه، وكذلك مسلم وغيرهما.