تفسير غريب ما في الصحيحين البخاري ومسلم

حديث: ما منعك أن تكوني حججت معنا؟

          1028- (تَقْضِي حَجَّةً) أي تفي بحَجَّةٍ وتقومُ مَقَامَهَا، وقَضَى في اللُّغةِ على وُجوهٍ؛ مَرْجِعُهَا / إلى انقطاعِ الشيءِ وتمامه على الوجهِ المقصودِ بهِ، أو المرغوبِ منْهُ، أو الموثوقِ به، من ذلكَ قوله: {ثُمَّ قَضَى أَجَلاً} [الأنعام:2] أي حَتَم أجلاً وأَبَتَّهُ، ومنها الأمرُ كقولُهُ: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوْا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء:23] أي أمرَ رَبُّكَ؛ لأنه أمرٌ حتمٌ قاطعٌ، ومن ذلكَ الإعلامُ كقوله: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ} [الإسراء:4] أي أعلمنَاهُمْ إعلاماً قاطِعاً، ومنه {وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ} [الحجر:66] أي أعلمناهُ به وأوحيناهُ إليهِ وأكَّدْنَاهُ عندَهُ، ومنهُ القضاءُ بمعنى الفَصْلِ في الحُكْمِ كقوله: ولولا {أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ} [الشورى:14] أي لفُصِلَ الحكمُ بَيْنَهُمْ، ويُقالُ: قَضَى الحاكمُ أي فَصَلَ في الحُكمِ، وقضى دَيْنَهُ: أي قطعَ ما بَيْنَهُ وبين غريمِهِ من ذلك بالأداءِ له والوفاءِ به، وكلُّ ما أُحْكِمَ عملُهُ فقد قُضِيَ، يُقالُ: قضيتُ هذه الدَّار: أي أحكمتُ عَمَلَهَا، وقوله: {إِذَا قَضَى أَمْراً} [آل عمران:47] أي أحكَمَهُ، وقوله: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} [فصلت:12] أي خلقهُنَّ وأحكمَهنَّ، والقضاءُ قطعُ الشيءِ وإحكامُهُ، وقولُهُ تعالى: {يَقْضِي بِالْحَقِّ} [غافر:20] أي يحكُمُ بالحقِّ. وقولُهُ تعالى: {لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [الزخرف:77] تَمَنَّوْا القضاءَ بالموتِ والاستراحةِ، كقوله تعالى: {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوْتُوْا} [فاطر:36] أي لا يُقْضَى عليهم بالموتِ، ومثله {فَوَكَزَهُ مُوْسَى فَقَضَى عَلَيْهِ} [القصص:15] أي قتلَهُ، وقوله: {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ} [الأحزاب:23] أي وفَّى بنذْرِه الذي نذَرَ في الموتِ الاجتهادُ والنُّصرَةُ، وقوله: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ} [طه:114] أي يبينُ لك المرادَ ويُفْرَغُ منه.