التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح

[غريب الآيات4-111]

          (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {فَسَيُنْغِضُونَ} يهزُّون، وَقَالَ غَيْرُهُ: نَغَضَتْ سِنُّكَ، أي: تحركت) هذا ما اقتصر عليه ابن قُتَيْبَةَ، فقال: يحركونها كما يحرك اليائس من الشيء والمستبعد له رأسه.
          ({وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} أمرناهم (1) أنهم سيفسدون، وَالْقَضَاءُ عَلَى وُجُوهٍ) يشير إلى أنَّه ذو معانٍ (2) ، قال الأزهري: قضى في اللغة على وجوه مرجعها إلى انقطاع الشيء وتمامه، منها: {ثمَّ قَضَى أَجَلًا}[الأنعام:2]أي: ختم، ومنه الأمر: {وَقَضَى رَبُّكَ}[الإسراء:23]، ومنه الإعلام: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} أي: أعلمناهم إعلامًا قاطعًا، ومنه قضى دينه، أي: قطع ما لغريمه عليه بالأداء.
          ({نَفِيرًا} مَنْ يَنْفِرُ مَعَهُ) قيل: هو بمعنى نافر كقدير وقادر، وقيل: جمع نفر كعبد وعبيد: وأصله القوم يجتمعون فيسيرون إلى أعدائهم ليحاربوهم.
          ({خِطْأ} إثمًا، هو اسم من خطئت، والخطأ مفتوح مصدر من الإثم، خطئت بمعنى أخطأت) قلت: القراءتان في السبع، فأمَّا الأولى فهِيَ الْمَشْهُوْرَة فَمِنْ قَوْلِهِمْ: خطئ يخطأ خطئًا، كأثم يأثم إثمًا: إذا تعمَّد الكذب، وجعل البُخاريُّ له اسمًا للمصدر لا مصدرًا ممنوع، وقوله في المفتوح: إنه مصدر من الإثم ممنوع، فإن هذه قراءة ابنِ ذَكْوَانَ أعني فتح الخاء والطَّاء، وَخَرجَها الزَّجَّاجُ وَغَيْرُهُ عَلَى وَجْهَيْنِ:
          أَحَدُهُمَا: أن يكون اسم مصدر من أخطأ يخطئ خطأ، أي: أخطأ إذا لم يصب.
          والثَّانِي: أن يكون خطأ يخطأ خطأ، إذا لم يصب أيضًا، والمعنى على هذين الوجهين أن قتلهم خطأ كان غير صواب، واستبعد قوم هذه القراءة، قالوا: لأن الخطأ ما لم يتعمد فلا يصح معناه هاهنا (3) ، قيل: وخفي عليهم أنَّه يكون بمعنى أخطأ، أو أنَّه يقال: خطئ إذا لم يصب.
          وَقَوْلُهُ: (خطئت بِمَعْنَى أَخْطَأْتُ) خلاف الذي قاله أهل اللغة: أن خطئ إذا أثم وتعمَّد الذنب، وأخطأ يخطئ، والاسم الخطأ: إذا لم يتعمد الذنب، وقيل: خطئ: إذا لم يصب الصواب، لكن البُخاريَّ أخذ هذا كله من كتاب أبي عُبَيْدَةَ، فإنه قال: هو اسم من خطأت، فإذا فتحته فهو مصدر، وخطأت وأخطأت لغتان، هذا كلامه.
          ({حَصِيرًا} مَحْبِسًا) بفتح الميم وكسر الباء.
          ({قَبِيلًا}: مُعَايَنَةً، وقيل: القابلة؛ لأنها تقابلها وتقبل ولدها).
          قال السَّفاقُسيُّ: ضبط بعضهم «تقبُل» بضم الباء وليس ببين؛ لأنَّه من قبل يقبل: إذا رضي الشيء وأخذه، ولعله ظن أنَّه من كفل يكفل، وذلك لا يقال فيه إلا قبل به يقبل به إذا تكفل به / .
          (نَفَقَ الشَّيْءُ: ذَهَبَ) بفتح الفاء في اللغة الفصحى، ويقال: بكسرها.
          ({لِلأَذْقَانِ} مُجْتَمَعُ اللَّحْييَنِ) بفتح اللام وكسرها، (واحدها ذقن) أي: بفتح القاف.
          ({تَبِيعًا}: ثَائِرًا) هو من الثأر، يقال لكل مطالب بثأر وغيره: تبيع وتابع.


[1] في (ق): أخبرناهم.
[2] قال ابنُ حَجَرٍ رحمه الله: بلغها في «الأسماء» للبَيْهَقِيِّ في القرآن خاصة إلى ثلاثة عشر معنى.
[3] في غير [ب] : معناها هنا.