التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح

سورة إبراهيم

          ░░░15▒▒▒ (سُوْرَةُ إِبْرَاهِيْمَ ◙)
          (قَالَ مُجَاهِدٌ: {مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ} رَغِبْتُمْ إِلَيْهِ فيه) قال النحاس: هذا قول حسن يذهب إلى أنهم أعطوا (1) ما لم يسألوه، قال: وذلك معروف في اللغة أن يقال: امض إلى فلان فإنه معطيك كل ما سألت، وإن كان يعطيه غير ما يسأل، يشير إلى أن «من» في الآية ليست للتبعيض، ثم قيل: زائدة، على رأي الأخْفَشِ، وقيل: موصولة، أي: من كل الذي سألتموه، يعني: من كل الأشياء التي سألتم.
          وفي الآية قول آخر: وهو أنَّه لا مفهوم لهذا، فلم ينف إثبات ما لم يسألوه. /
          ({لاَ خِلاَلَ} مَصْدَر، وَيَجُوز أَنْ يَكُون جمع خُلَّة) كلاهما منقول عن النحويين، والجمهور على أنَّه مصدر خاللته خلالًا، وقال الأخْفَشِ: هو جمع خلة كبُرمة وبِرام، وقُلة وقِلال.
          ({تأذن} أذن) أي: مثل توعَّد وأوعد.
          ({أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ} هذا مثل كفوا عما أمروا به) قال غيره:
          أي عضوا على أيديهم غيظًا بدليل قوله تعالى: {وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ}[آل عمران:119] قال أبو عبيدة: تركوا ما أمروا به فلم يسلموا، ولا أعلم أحدًا قال: ردَّ يده في فيه، إذا أمسك عن الشيء، والمعنى: (رَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ) إذا عضوا عليها حنقًا وغيظًا، قال الشاعر:
......... ...........                     يردون في فيه غيظ الحسود
          يعني أنهم يغيظون الحسود حتى يعض على أصابعه العشر، واعتباره قوله في موضع آخر: {وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ}[آل عمران:119]وهكذا فسّر هذا الحديث ابن مَسْعُودٍ، انتهى.
          ({مِنْ وَرَائِه جَهَنَّم}) يرون أن جهنم قدامه، هذا قول أبو عُبَيْدَةَ وقُطْرُبٌ أنَّه من الأضداد.
          وقال ابنُ عَوْفٍ (2) : هذا غيره بجيد (3) ؛ لأن أمامًا ضد وراء، وإنَّما يصلح هذا في الأماكن والأوقات، يقول الرجل إذا وعد وعدًا في رجب لرمضان ثم قال: من ورائك شعبان فيجوز وإن كان أمامه لأنَّه يخلفه إلى وقت وعده، ألا ترى إلى قوله تعالى: {وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ}[إبراهيم:17]أي: يدخل في العذاب، فيخلف ما دخل عليه وراءه، وكذلك قوله تعالى: {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ}[الكهف:79] والملك أمامهم، فجاز أن يقوله لأنه يكون أمام مطلبهم، فهو من وراء مطلبهم، وإلى هذا ذهب الفَرَّاُء وثَعْلَبٌ.
          وقال الأزهري: في قوله تعالى: {مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ} معناه: ما توارى عنك فاستتر، ومنه قول النَّابغةِ:
......... ..........                     وليس وراء الله لكم مذهب
          أي: بعد الله تعالى.
          ({اجْتُثَّتْ} اسْتُؤْصِلَتْ) أي: قطعت جثتها بكمالها.
          ({يَبْغُونَهَا عِوَجًا} [أي: يَلْتَمِسُونها عوجًا]) أي: يلتمسونها (4) غير القصد، والعَوَج بالفتح: ما كان مائلًا منتصبًا كالعود ونحوه، وبكسر العين في الأرض والدين ونحوهما، قاله ابنُ السِّكِّيتِ وابنُ فارسٍ وغيرهما.


[1] في غير [ب] : أعطوه.
[2] في غير [ب] : عرفة.
[3] في (أ): محصل.
[4] غير واضحة في المخطوط [ب] .