التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح

{هل أتى على الإنسان}

          ░░░76▒▒▒ [سورة الإنسان] (1)
          ({هَلْ أَتَى} قال يحيى) يريد يحيى بن زياد الفراء صاحب كتاب «معاني القرآن»، وهذا موجود فيه إلى قوله: «الروح».
          وقوله: (هَلْ: تكُونُ جَحْدًا) قال السَّفَاقُسِي: فيه تجوُّز، وإنَّما الاستفهام في الحقيقة استعلام للفائدة.
          قلت: من معاني الاستفهام النفي، ولذلك تدخل «إلا» بعدها على الخبر كما في قوله تعالى: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ}[الرحمن:60].
          (وَتكُونُ خَبَرًا، وَهَذَا مِنَ الْخَبَرِ) قلت: الذي عليه أئمة النحاة أنَّها بمعنى «قد» على معنى التقرير، وحملوا عليه كلام ابن عباس وأن مراده أنَّها ليست للاستفهام الحقيقي بل للاستفهام التقريري، وإنَّما هو تقرير لمن أنكرالبعث، وقد علم أنهم يقولون: نعم قد مضى دهر طويل لا إنسان فيه، فيقال لهم: والذي أحدث الناس بعد أن لم يكونوا كيف يمتنع عليهم إحياؤهم بعد موتهم ؟ !
          (تقول: كَانَ شَيْئًا ولَمْ يَكُنْ مَذْكُورًا) بالشين المعجمة؛ لأنَّه فسر به قوله تعالى: {لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا}[الإنسان:1] أي: إنَّما كان عدمًا، ووقع لابن السكن: «نسيًا» بالنون في أوله، والصواب الأول.
          (ويقرأ {سَلاَسلًا وَأَغْلاَلًا}[الإنسان:4] ولم يُجِزْه بعضهم) كذا بالجيم والزاي من الجواز، وعند الأصيلي بالراء، أي: لم يصرفه.
          واعلم أن قراءة نافع والكسائي بالتنوين، والباقون بغير تنوين، ووقفوا عليه بالألف، ومنهم من يقف عليه بدونها، ومن لم ينوِّنه فظاهر؛ لأنَّه على صيغة منتهى الجموع، وهو معنى قول البخاري: لم يجزه بعضهم، أي: لذلك.
          والذين أجازوه ذكروا له أوجهًا، منها: التناسب؛ لأن ما قبله منوَّن، ولأن بعض العرب تصرف كل ما لا ينصرف؛ لأن الأصل في الأسماء الصرف.
          (الغَبِيط) بفتح الغين المعجمة: الموضع الذي يوطَّأ للمرأة على البعير كالهودج.


[1] ما بين معقوفين زيادة من [ف] .