التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح

خطبة الشارح

          ♫
          اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل محمد وعلى أصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا
          الحمد لله على ما عَمَّ بالإنعام، وخصَّ بالبيان والإفهام، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ خير الأنام، المبعوث بجوامع الكلام، وعلى آله وأصحابه نجوم الظلام.
          أَمَّا بَعْدُ:
          فإني قصدتُ في هذا الإملاء إلى إيضاح ما وقع في صحيح الإمام الجليل أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري _☼_ من لفظ غريب، أو إعرابٍ غامض، أو نَسَبٍ عويص، أو راوٍ يُخشى في اسمه التَّصحيف، أو خبرٍ ناقصٍ تُعلم تتمته، أو مبهم عُلِمَ حقيقته، أو أمر وُهِمَ فيه، أو كلام مستغلق يمكن تلافيه، أو تبيين مطابقة الحديث للتبويب، ومشاكلته على وجه التقريب، منتخبًا من الأقوال أصحها وأحسنها، ومن المعاني أوضحها وأبينها، مع إيجاز العبارة، والرمز بالإشارة، فإن الإكثار داعية الملال، وذلك لما رأيتُ ناشئة هذا العصر حين قراءته من التقليد للنُّسَخ المصحَّفة فيه، وربما لا يوفَّقون لحقيقة اللفظ فضلًا عن معناه، وربما يتخرَّصُ خواصهم فيه، ويتبجَّح بما يظنه ويبديه، وربما المنصف لو كشف عما أشكل لا يجد ما يحصل الغرض إلا ملفقًا من تواليف، أو مفرقًا من تصانيف.
          وأرجو أن هذا الإملاء يريح من تعب المراجعة، والكشف والمطالعة، مع زيادة فوائد، وتحقيق مقاصد، ويكاد يَستغني به اللبيبُ عن الشروح؛ لأن أكثر الحديث ظاهر لا يحتاج لبيان، وإنَّما شرح ما يشكل، وسميته:
          «التَّنْقِيْحُ لِأَلْفَاظِ الْجَامِعِ الصَّحِيْحِ».
          والله تعالى يجعله خَالصًا لوجهه الكريم، مقرِّبًا بالفوز لجنات النعيم، ومن أراد استيفاء طُرق الشرح على الحقيقة فعليه بالكتاب المسمى بـ: «الفَصِيْح فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّحِيْحِ» أعان الله [تعالى] على إكماله بِمُحمَّدٍ وآله.