التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح

سورة يوسف

          ░░░12▒▒▒ (سُوْرَةُ يُوْسُفَ ◙)
          (عن مُجَاهِدٍ: ▬مُتْكَأ↨ الْأُتْرُجُّ) هو بضم الميم وإسكان التاء وتنوين الكاف، فإنها القراءة المنقولة عن مُجَاهدٍ، وقد خالف البخاري هذا، فقال بعده بأسطر: الْمُتَّكَأُ: مَا اتَّكَأْتَ عَلَيْهِ، وأبطل الذي قال: الْأُتْرُجُّ، وليس في كلام العرب الأترج، فلما احتجَّ عليهم بأن المتكأ من نمارق فَرُّوا إلى شرٍّ منه، وقالوا: إنَّما هو المتك، ساكنة التاء، وإنَّما المتك طرف البظر، فإن كان ثم أترج فإنه بعد المُتْكَأ، وهذا أخذه من كلام أبي عُبَيْدَةَ، فإنه قال: ا لمُتْكَأ: النمرقة التي يتكأ عليها، وزعم قوم أنَّها الترنج، وهذا أبطل باطل في الأرض، ولكن عسى أن يكون مع المتكأ ترنج يأكلونه.
          وقال ابن عطية: [المتكأ] ما يتكأ عليه من فرش ووسائد، ومعلوم أن هذا النوع من الكرامات لا يخلو من الطعام والشراب، فلذلك فسّر مُجَاهِدٌ وعِكْرِمَةُ المتكأ بالطعام.
          ووجَّهه الزَّمَخْشَرِيُّ بأنه على سبيل الكناية، من قولك: اتكأنا عند فلان: طعمنا؛ لأن من دعوته ليطعم عندك اتخذت له متكأة يتكِئُ عليها.
          وقوله: (وَابْنُ الْمَتْكَاء) قيل: هي المرأة التي لم تخفض، وقيل: هي التي لا تحسن لولدها.
          (وقالَ بَعْضُهُمْ: واحدُها شدَّ) هذا قول الكِسَائِيُّ نحو قدَّ وأقدَّ، قال سِيْبَوَيْه: جمع شدة كنعمة وأنعم، وقال الطَبَرِيُّ: جمع لا واحد له، وقيل: واحد لا نظير له في الآحاد.
          ({شَغَفَهَا}) يعني دخل إلى شغافها) قال السَّفاقُسيُّ: في كتب اللغة بفتح الشين، وضبطه المحدثون بكسرها.
          (وأما شعفها) يعني بالعين المهملة، كما هي قراءة عَلِيٍّ وغيره، أي: علاها كل مرتبة من الحب، مأخوذ من شعف الجبال أعاليها.
          ({كَيْلَ بَعِيرٍ} مَا يَحْمِلُ بَعِيرٌ) قال مُجَاهِدٌ: أراد كيل حمار، وكان بعض العرب يقول للحمار: بعير، وهذا شاذ، قال / ابنُ خَالَوَيْه: وذلك أن يَعقوبَ وإخوة يُوْسُفَ ‰ كانوا بأرض كنعان ولم يكن هناك إبل، وكذلك ذكره مُقَاتِلُ بنُ سُليمانَ، وفي زبور دَاودَ: البعير كل ما يحمل، ويقال لكل ما يحمل بالعبرانية: بعير، ثم قال ابن خَالَوَيْه: وهذا حرف نادر ألقيته على المُتَنَبِّيْ بين يدي سيف الدولة فكسرت من قرنه، انتهى.
          ولم يأت بحجة، لأن المقالة لم تكن بأرض كَنعانَ بل بأرض مصر (1) ، وما حكاه عن الزّبورُ لا سبيل إلى إثباته لثبوت التغيير، ثم إنه لم ينزل لبيان اللغات حتى يصح ذلك عنه، ونظير ذلك ما حكاه الأَصْفَهَانِيُّ في «الأغاني» أن في التوراة ابن درست زور (2) .
          وحديث الكريم ابن الكريم سبق ضبطه في كتابه الأنبياء.
          ({خَلَصُوْا نَجِيًّا} الجمع أنجية، والواحد نجيٌّ والاثنان والجمع نجي وأنجية).
          يريد أن النَّجي يكون للجمع والاثنين والواحد، قال الأزهري: نجى جمع أنجية، كذا قال ابنُ فَارِسٍ: [الواحد نجيٌّ] .


[1] قال ابنُ حَجَرٍ رحمه الله: بل كانت بأرض كنعان؛ وهذه غفلة عظيمة عن سياق القرآن، فإن المراجعة وقعت بين يَعْقُوبَ وبينه، وكان يَعقوبُ إذ ذاك بأرض كنعان قطعًا.
[2] الجملة غير واضحة المعنى.