تعليقة على صحيح البخاري

باب هجرة الحبشة

          ░37▒ (بَاب: هِجْرَةُِ الْحَبَشَةِ).
          فيه أحاديث؛ أحدها: قالت عائشة ♦: قَالَ النَّبِيُّ صلعم: «أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ...»؛ الحديث.
          (اللَّابة): أرض ذات حجارة سود، وهجرة الحبشة لم تكن فرضًا، وإنَّما كانت فرارًا من الأذى، وكان لهم ثواب مفارقة أوطانهم.
          فائدةٌ: قولها: (فَكَسَانِي رَسُولُ اللهِ صلعم خَمِيصَةً): قد يقال: إنَّ الخميصة تكون بعلم وبغيره، وعبارة ابن فارس: أنَّها كساء أسود بعلم، فإن لم يكن بعلم؛ فليس(1) بخميصة، وقيل: كساء(2) أسود بعلمين.
          قوله: (سَنَاهْ، سَنَاهْ): أي: حسن حسن بالحبشيَّة.
          فائدةٌ: كانت الهجرة إليهم أوَّلًا في الخامسة من رجب، وكانوا اثني عشر رجلًا، وقيل: أحد(3) عشر وأربع نسوة خرجوا متسلِّلين بإشارة رسول الله صلعم حتَّى انتهوا إلى الشعبة(4) ، ومنهم الرَّاكب ومنهم الماشي، فرفق بهم لما أن جاؤوا شعبة جماعة تجَّار حملتهم إلى الحبشة بنصف دينار، وخرجت قريش في آثارهم فلم يدركوهم، قال الواحديُّ: أقاموا شعبان ورمضان، ثمَّ إنَّ في رمضان قرأ رسول الله صلعم النَّجم، فبلغ أهل مكَّة مبلغ ذلك المهاجرين، فقدموا حتى إذا كانوا بدون مكَّة بساعة من نهار؛ لقوا ركبًا من كنانة، فأخبروهم بخلاف ما كانوا سمعوا، فلم يدخل من القادمين إلَّا بجوار، إلَّا ابن مسعود فإنَّه مكث يسيرًا، ثمَّ رجع إلى أرض الحبشة، وكان قدومهم في شوَّال سنة خمس، [كانوا اثنين](5) وثمانين رجلًا، [إن] كان عمارٌ(6) فيهم؛ فإنَّه يشكُّ فيه، والنساء إحدى عشرة(7) امرأة قرشيَّة وسبع غرائب، فلمَّا أُمِر بالمهاجرة ╕؛ رجع منهم ثلاثة وثلاثون رجلًا ومن النساء ثمان، فلمَّا كان في ربيع الأوَّل _وقيل: المحرَّم سنة سبع_؛ كتب رسول الله صلعم إلى النَّجاشيِّ يدعوه إلى الإسلام مع عمرو بن أميَّة الضمريِّ، فأسلم وحمل بقيَّة الصَّحابة في سفينتين، فقدموا خيبر.


[1] زيد في (ب): (بعلم).
[2] (كساء): ليس في (ب).
[3] في (ب): (إحدى).
[4] في (أ): (الشعية)، وكذا في الموضع اللاحق.
[5] ما بين معقوفين مستفاد من «عمدة القاري» .
[6] في النسختين: (عمارًا).
[7] في النسختين: (عشر).