النكت على صحيح البخاري

حديث: بايعت رسول الله على إقام الصلاة

          57- قوله: (عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ) هو البَجَلِيُّ _بفتح الجيم_ وقَيْسٌ الراوي عنه، وإسماعيل الراوي عن قيس بَجَلِيَّانِ أيضًا، وكل منهم يكنَّى أبا عبد الله، وكلُّهم كوفيون.
          قوله: (بَايَعْتُ رَسُولَ اللهِ صلعم) قال القاضي عياض: اقتصر على الصلاة والزكاة لشهرتهما، ولم يذكر الصومَ وغيرَه لدخول ذلك في السمع والطاعة.
          قلت: زيادة السمع والطاعة وقعت عند المصنِّف في البيوع من طريق سفيان عن اسماعيل المذكور.
          وله في الأحكام ولمسلم (1) من طريق الشعبي عن جرير قال: ((بَايَعْتُ النَّبِيَّ صلعم عَلَى / السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فَلَقَّنَنِي (2) : فِيمَا اسْتَطَعْتُ وَالنُّصْحِ لكلِّ مُسْلِمٍ)).
          ورواه ابن حبان من طريق أبي زُرْعة بن عمرو بن جرير عن جدِّه وزاد فيه: ((فَكَانَ جَرِيرٌ إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا أَوْ بَاعَ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ: اعْلَمْ أَنَّ مَا أَخَذْنَا مِنْكَ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِمَّا أَعْطَيْنَاكَهُ فَاخْتَرْ)).
          وروى الطبراني في ترجمته: أَن غُلَامه اشْترى لَهُ فَرَسًا بِثَلَاثِمَائةٍ، فَلَمَّا رَآهُ جَاءَ إِلَى صَاحِبِهِ فَقَالَ: إِنَّ فَرَسَكَ خَيْرٌ مِنْ ثَلَاثِمِائَةٍ فَلَمْ يَزَلْ يَزِيدُهُ حَتَّى أَعْطَاهُ ثَمَانَمِائَةٍ.
          قال القرطبي: كانت مبايعةُ (3) النبيِّ صلعم لأصحابه بحسب ما يحتاج إليه من تجديد عهد أو توكيد أمر.
          قوله: (فِيمَا اسْتَطَعْتُ) رويناه بفتح التاء وضمها، وتوجيههما واضح، والمقصود بهذا التنبيه على أنَّ اللازم من الأمور المبايع عليها هو ما يطاق كما هو يشترط في أصل التكليف، ويشعر الأمر بقول ذلك اللفظ حال المبايعة (4) بالعفو عن الهفوة وما يقع عن خطأ وسهو، والله أعلم.


[1] في الأصل: ((لمسلم))بدون الواو.
[2] في الأصل: ((فلقيني)).
[3] في الأصل: ((مبالغة)).
[4] في الأصل: ((المبالغة)).