النكت على صحيح البخاري

باب الدين يسر

          ░29▒ قوله: (بَابُ: الدِّينُ يُسْرٌ) أي: دين الإسلام ذو يسر، أو سمي الدين يُسْرًا مبالغةً بالنسبة إلى الأديان قبله؛ لأنَّ اللهَ رفعَ عنْ هذهِ الأمةِ الإِصْرَ الذي كان على من قبلهم، ومن أوضح الأمثلة له أنَّ تَوْبَتَهُم كانت بقتل أنفسهم، وتوبةُ هذه الأمةِ بالإقلاع والعزم والندم.
          قوله: (أَحَبُّ الدِّينِ) أي: خصال الدين؛ لأنَّ خصالَ الدين كلها محبوبةٌ، لكن ما كان منها سمحًا_أي: سهلًا_ فهو أحب إلى الله، ويدلُّ عليه ما أخرجه أحمد بسندٍ صحيحٍ من حديث أعرابي لم يُسَّمِه أنَّه سمع رسول الله صلعم يقول (1) : ((خَيْرُ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ))، أو الدين جنس، أي: أحب الأديان إلى الله الحنيفية.
          والمراد بالأديان: الشرائع الماضية قبل أنْ تُبَدَّلَ وتُنْسَخَ.
          و(الْحَنِيفِيَّةُ) ملة إبراهيم، والحنيف في اللغة: من كان على مِلَّةِ إبراهيمَ، وسُمِّيَ إبراهيمُ حنيفًا لميله عن الباطل إلى الحق؛ لأنَّ (2) أصل الحَنَفِ: الميل.
          و (السَّمْحَةُ) السهلة، أي: أنَّها مبنية على السهولة لقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} [الحج:78] .
          وهذا الحديث المعلَّق لم يسنده المؤلف في هذا الكتاب؛ لأنَّه ليس على شرطه، نعم وصله في «كتاب الأدب / المفرد» وكذا وصله أحمد بن حنبل وغيره من طريق محمد بنِ إِسْحَاقَ، عن داود بن الحُصَين، عن عكرمة (3) عن ابن عباس، وإسناده حسنٌ، استعمله المؤلف في الترجمة لكونه مُتَقَاصِرًا عن شرطه، وقوَّاه (4) بما دلَّ على معناه لتناسب السهولة واليُسر.


[1] قوله: ((يقول)) بياض في الأصل.
[2] قوله: ((لأن)) بياض في الأصل.
[3] في الأصل: ((ابن عكرمة)).
[4] في الأصل: ((وقوله)).