مصابيح الجامع الصحيح

باب: نزل القرآن بلسان قريش والعرب

          ░2▒ (باب نزل القرآن بلسان قريش والعرب)
          قال المجتهد السراج البلقيني: قوله: (والعرب) متعقبٌ، فإنَّ القرآن إنَّما نزل بلسان قريش، انتهى
          قال والدي ⌐: ويدل لما قاله شيخنا قول عثمان ╩ في الباب: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في عربية من عربية القرآن؛ فاكتبوه بلسان قريش، فإنَّ القرآن أنزل بلسانهم، انتهى
          ورأيت في كلام ابن الأثير ما لفظه: «نزل القرآن على سبعة أحرف» : أراد بالحروف اللغة؛ يعني: على سبع لغات من لغات العرب؛ أي: أنَّها مفرقة في القرآن، فبعضه بلغة قريش، وبعضه بلغة هذيل، وبعضه بلغة هوازن، وبعضه بلغة اليمن، وهذا يوافق ترتيب البخاري.
          ورأيت عن المتولي أنَّه قال في قوله ◙: «على سبعة أحرف» : المراد أنزل بلغة سبع قبائل من فصحاء العرب، انتهى
          وقال أبو عبيد: فكأنَّه قال: على سبع اللغات المشهودة لها بالفصاحة من لغات العرب، وهي لغة قريش، وهذيل، وهوازن، واليمن، وطيء، وثقيف، وبني تيم، وقيل: المراد بها السبع المعروفة التي اختارها الأئمة السبعة، ومعنى: (على سبعة أحرف): على هذا؛ أي: من الرخصة والتوسعة، ولهذا لم يقل: بسبعة أحرف، وقيل: المراد بها أجناس الاختلافات التي يؤول إليها اختلاف القراءات، فإنَّ اختلافها إمَّا أن يكون في المفردات أو المركبات والمثاني؛ كالتقديم والتأخير؛ مثل: {وجاءت سكرة الموت بالحق} [ق:19]، و▬جاءت سكرة الحق بالموت↨، والأول إمَّا أن يكون بوجود الكلمة وعدمها، ومثل: {إنَّ الله هو الغني الحميد} [لقمان:26]؛ قرئ بالضم وعدمه، أو بتبديل الكلمة بغيرها مع اتفاق المعنى؛ مثل: {كالعهن المنفوش} [القارعة:5] و(كالصوف المنفوش)، أو اختلافه؛ مثل: {وطلح منضود} [الواقعة:29]، و▬طلع منضود↨، أو بتغييرها إمَّا بتغيير هيئته كإعرابٍ؛ مثل: {هُنَّ أطهر لكم} [هود:78] بالرفع والنصب، أو صورةٍ؛ مثل: {وانظر إلى العظام كيف ننشزها} [البقرة:259] {ننشرها}، أو حرفٍ؛ نحو: {باعد} و{بَعِّد بين أسفارنا} [سبأ:19].
          وقيل: المراد أنَّ في القرآن ما هو مقروء على سبعة أحرف؛ كقوله تعالى: {ولا تقل لهما أفٍّ} [الإسراء:23]، فإنَّه قرئ بالضم والفتح والكسر منونًا وغير منون، وبالسكون، وقيل: أنزل مشتملًا على سبع معانٍ: الأمر، والنهي، والتخصيص، والأمثال، والوعد، والوعيد، والوعظ، ويحتمل أن يكون المراد بالسبع بيان التوسعة لا نفس العدد، والعرب تضع السبع موضع الأعداد التامة؛ لأنَّها قواعد الزمان والمكان، قاله شهاب الدين التوربشتي، وقال البيضاويُّ ناصر الدين: المعاني السبع: العقائد، والأحكام، والأخلاق، والقصص، والأمثال، والوعد، والوعيد.
          وللعلامة النووي كلام في «شرح مسلم»، وكذا لغيره على هذا المكان.