مصابيح الجامع الصحيح

حديث: إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته

          1043- إشارة: قوله: (فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذلك) اعلم أنَّه إذا كان المشار إليه بعيدًا لحقته كاف حرفية تتصرف تصرف الكاف الإسمية غالبًا كما تقول: ضربك ضربكما ضربكم، ومن غير الغالب: {ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ} [المجادلة:12]، ولا يأتي هذا في الكاف للإسميَّة، فلا ننكر الجر فننكر ما فيه خلاف، وقال تعالى: {ذَلِكَ يُوْعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ} [البقرة:232] بدليل اللام الَّتي في الطَّلاق: {ذَلِكُمْ} [الطَّلاق:2]، وفيها لغة أخرى، وهي أن تكون الكاف مفتوحة فهي للمذكَّر، ومكسورة في المؤنَّث ولا تلحقها تثنية ولا جمع إذا علمتَ ذلك، فقوله: {ذَلِكَ يُوْعَظُ} [البقرة:232] المخاطب إمَّا الرَّسولُ، أو كلُّ سامع، ولذلك جيء بالكاف الدَّالَّة على الواحد، وأمَّا الجماعة؛ وهو الظَّاهر؛ فتكون (ذلك) بمعنى: ذلكم، ولذلك قال بعده: {منكم} [البقرة:232]، وإنَّما أتى باسم إشارة البعيد تعظيمًا للمشار إليه؛ لأنَّ المشار إليه قريب، وهو الحكم المذكور في الفصل، فالحديث كذلك.
          فائدة: كسف القمر في السَّنة الخامسة في جمادى الآخرة _قاله ابن حبَّان_ فجعلت اليهود يرمونه بالشهب ويضربون بالطاس ويقولون: سحر القمر، فصلى ◙ صلاة الخسوف. انتهى. يستفاد من هذا أنَّ الضرب على الطاس ونحوها عند خسوف القمر فعل اليهود فينكر حينئذ؛ لعموم نهيه ╕ عن التشبه بالكفار.