مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الراء مع الفاء

          الرَّاء مع الفَاء
          858- قوله في حديثِ الدَّجَّالِ: «فأَرْفَئُوا»؛ أي: أدنوا سَفينتهم من الشَّطِّ وحيث تُرسَى أو تُصلَح، وهو مَرْفَأ السُّفُنِ، وهو مِينَاها أيضاً يُمدُّ ويُقصر، ويقال: مينا.
          859- وقوله: «فلَم يَرْفُث ولم يَجْهَل» [خ¦1894]، وقوله: «ولا يقُولُ الرَّفَث» [خ¦1155]؛ أي: لا يأتي برَفثِ الكَلامِ وفُحشِه، يقال: رَفَث يرفِث ويرفُث رَفثاً بالسُّكون في المَصدَرِ والاسمُ بالفَتحِ، ورفِث أيضاً يرفَث، قال ابنُ سراج: وقد رُوِي: «فلم يَرفِث» بكَسرِ الفاء، ويقال: أرْفَث إذا أفحَش في كَلامِه، والرَّفَث: الجماعُ أيضاً، وذِكْرُ الجماعِ أيضاً والتَّحدُّثُ به، وقيل: هو أيضاً مُذاكَرةُ ذلك مع النِّساءِ، وقد اختُلِف في معنى قوله تعالى: {فَلاَ رَفَثَ}[البقرة:197] على التَّفاسيرِ المُتقدِّمةِ، قال الأزهريُّ: وهي كَلِمةٌ لكلِّ ما يريدُ الرَّجلُ منَ المَرأةِ.
          860- وقوله: «إلَّا النَّصْرَ والرِّفادَةَ» [خ¦2292] يعني: المَعونَة، ورفادَة قُرَيش تعاوُنها على ضِيافَة الحاجِّ.
          وفي حديثِ المِنحَةِ: «تَغْدو برِفْدٍ وتَرُوحُ برِفْدٍ» / وهو قَدَحٌ يحتلبُ فيه.
          861- وفي قِصةِ أبي جَهلٍ: «يَرفُل في النَّاس» لابنِ ماهَانَ؛ أي: يتَبختَر، ولابنِ سُفيانَ: «يزُولُ في النَّاس»؛ أي: يكثِرُ الحركَة ولا يستَقِر، والزَّويل القَلقُ، والزَّوال هاهنا أشبَه.
          ورُوِي: «يَجُولُ»، وقد تقدَّم في الجيمِ.
          862- قوله: «رأى رَفْرَفاً» [خ¦3233] قيل: هو بِساطٌ، ويقال: هو واحِدٌ، ويقال: جمعٌ الواحدُ رَفْرَفة، قال ثابتٌ: الرُّفرف فَضل الحَجلةِ عن السَّريرِ، وهذا بيِّن.
          863- وقوله: «لو... ارْفَضَّ» [خ¦3862]؛ أي: انهار وخرَّ وتفرَّق، وفي رِوَايةٍ: «انْفَضَّ».
          وفي حديثِ الحَوضِ: «حتَّى يَرْفَضَّ عليهم»؛ أي: يسيلَ، ومنه: ارفَضَّ الدَّمعُ سالَ، وقوله: «فَيَرْفَضُهُ» [خ¦1143]؛ أي: يترُكُه، والرَّفضُ طرحُ الشَّيءِ وتركُه.
          864- وقوله: «وكان مِن رُفَعَاءِ أصحَابِ محمَّدٍ صلعم»؛ أي: من جلَّتهم وفُضلائهِم، من الرِّفعةِ.
          وقوله: «فرفعت(1) فَرَسي» [خ¦1821]؛ أي: زِدتُ في السَّيرِ بها؛ وهو دون الجَريِ وفوقَ المَشيِ.
          قولُ أبي ذَرٍّ: «فَارْتَفَعْتُ حينَ ارْتَفَعْتُ كأنِّي نُصُبٌ» يحتَمِل معنَى قُمْت، وقيل: ارتفع عنِّي؛ أي: تُرِكتُ.
          وقوله: «رفَع الحديثَ» [خ¦5680] أسنَده، ورفَعتُ الخبر أذَعتُه، و«رفَع... مَطِيَّتَه» يعني: في السَّيرِ.
          865- و«الرُّفغ»، و«الرَّفغ» أصلُ الفَخذِ ومجمَعُه من أسفلِ البَطنِ، ومنه: «إذا التقى الرُّفْغان وجَب الغَسْل»، ويقال في غَيرِ هذا الحَديثِ: إنَّ الرُّفْغَينِ الإبطَانِ، وقيل: أصولُ المَغابِن، وأصلُه ما يَنطوِي من الجَسدِ، وكلُّه أرفاغٌ.
          866- وقوله: «وما في رَفِّي ما يأكُله ذو كَبدٍ» [خ¦6451] الرَّفُّ خشَب يُرفَع عن الأرضِ في البيتِ يُوقى عليه ما يراد حِفظُه، وهو الرَّفرفُ أيضاً، والرَّفرفُ المَجلِسُ والبِساطُ والفُسطاطُ والفِراشُ.
          867- وقوله صلعم: «إن الله رَفيقٌ يحبُّ الرِّفْق» [خ¦6927] الرِّفق ضِدُّ العُنفِ وهو اللَّطيفُ، وأخذُ الأمرِ بأحسنِ وجُوهِه وأقرَبِها، و«يَسْتَرْفِقُه» [خ¦2705] : يطلُب رِفقه، والرَّفيقُ اللَّطيفُ.
          وقوله: «في الرَّفيقِ الأَعْلَى» [خ¦3669]؛ أي: اجْعَلني وألحِقْني بهم، وهمُ / الأنبِياءُ والصِّديقُون والشُّهَّداءُ المَذكُورُون في قوله تعالى: {وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا} [النساء:69] [خ¦4586]، وهو يقَع على الجمعِ والواحدِ، وقيل: أراد رِفق الرَّفيق، وقيل: أراد مُرتَفقَ الجنَّة، وقال الدَّاوديُّ: هو اسمٌ لكلِّ سَماءٍ، وقال: «الأعلى»؛ لأنَّ الجنَّة فوق ذلك، وأهلُ اللُّغة لا يَعرِفُون هذا، ولعلَّه تصحَّف له من الرَّفيعِ، وقال الجوهريُّ: الرَّفيقُ أعلى الجنَّة(2).
          وقوله: «فقَطَعها مرفَقَتينِ»؛ أي: وسادَتين، ومَرفقُ اليد بفَتحِ الميمِ وقد تُكسَر، وهو طرَفُ العَظم المحدد ممَّا يلي العَضُد، وقولها: «فكان يَرْتَفِق بهما في البَيتِ» إمَّا منَ الرِّفقِ، وإمَّا من الاتكاءِ عليهما بالمَرْفقِ.
          وقوله في صِفَته صلعم: «وكان رَفِيقاً رَحِيماً» [خ¦628]، كذا للقابِسيِّ بالفاء، وللأصيليِّ وأبي الهيثَمِ: بالقاف، وهو من رِقة القَلبِ ومن رِفْقه بأمَّته وشَفقتِه، كما قال تعالى: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}[التوبة:128].
          وقوله: «رُفْقَة» [خ¦4232] و«رِفاق» جمعُها، وهو اسمٌ لجماعةِ المُسافرِين، وأنكَر ابنُ مَكِّيٍّ أن يكون جمع رُفقَة، وقال: إنَّما هي جمعُ رَفيقٍ، ولم يقل شيئاً، بل هو جمعُ رَفيقٍ وجمعُ رفقةٍ، وسُمِّيت بذلك من المُرافَقةِ، وقد يكون الرِّفاق مَصدراً كالمُرافَقةِ.
          868- و«الرَّفاهِيَّة» رغَدُ العَيشِ، ومنه: «فلمَّا أصابَتْهُم الرَّفاهِيَّة». [خ¦4821]
          وقوله: «فتَرفَّه عنه قومٌ» لابنِ السَّكن، وللباقين: «فتَنَزَّه» [خ¦6101]، وهما قريبان، والتَّرفُّه التَّرفُّع، والتَّنزُّه التَّبعدُ، وكِلاهُما يرجِعُ على معنَى تجنَّبوه.


[1] في نسختنا: (أرفع) ولعله ذكره بالمعنى، إذ لم ينبه على اختلاف الروايات أو النسخ.
[2] في (ن): «الرَّفيقُ الأعلى: الجنَّة».