مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الراء مع الجيم

          الرَّاء مع الجيم
          792- قوله: «وأرْجَأ رسولُ الله صلعم أمْرَنا» [خ¦4418←؛ أي: أخَّره.
          وقوله: «والطَّعامُ مُرْجَأٌ» [خ¦2132]؛ أي: مُؤخَّر.
          و«المُرجِئَة» [خ¦48] قومٌ مُبتدعِةٌ، يقولون: لا تضرُّ الذُّنوبُ مع الإيمانِ، ولا يدخُل مؤمنٌ النَّارَ وإن كان مُذنباً، وهم في الإيمانِ صِنفان؛ صنفٌ يقول: إنَّ الإيمانَ تصديقُ القلبِ فقط، وصنفٌ يقول: إنَّ الإيمانَ قولٌ باللِّسان وتصديقٌ بالقلبِ، وغلا منهم غالُون فقالوا: هو الإقرارُ باللِّسانِ فقَط.
          793- وقوله: «وعُذَيقُها المُرَجَّب» [خ¦6830] تَصغِير عِذق بكَسر العينِ وهو العُرجُونُ، أو عَذْق وهي النَّخلةُ، تصغيرُ تَعظيمٍ، أو تصغيرُ مَدحٍ، كما قيل: فُريخُ قُريشٍ، أو تصغيرُ تَقريبٍ كبُنيَّ وأُخيَّ.
          و«المُرَجَّب» المُعمَّد ببناء من حِجارَةٍ / خوف سقُوطه لكَثرةِ حَملِه، وقد يُعمَّد ويُرفَّد بخَشبٍ ذوات شُعبٍ، وقد يُفعَل ذلك بالعُرجونِ إذا خُشي انكِسارُه لثِقلِه بالحَملِ، وفِعلُ ذلك التَّرجيبُ، واسمُه الرُّجبَة، والرُّجمَة، والرَّواجِبُ، [وقيل: تَرجِيبُ العِذق أن تجعَل على السَّعفِ(1) وتُشدُّ بالخوصِ لئلَّا تنفضها الرِّيحُ، وقيل: بل يوضع الشَّوك حولها فيمنعها من الأكل، شبَّه نفسَه في كَثرةِ عَشيرَتِه ومَنعِهم إيَّاه وحِمايَتِهم له بالعِذْق المُرَجَّب].
          و«الرَّواجِبُ» و«البَراجِمُ» قد تقدَّما.
          و«رَجَبُ مُضرَ» [خ¦3197] لتَعظِيمِهم له؛ فكانُوا لا يُغيِّرون فيه، ولا يستَحلُّون حُرمته خِلافاً لرَبيعَةَ في أنَّها كانت تستَحِلُّه.
          794- وقوله: «وزَن لي فأرْجَحَ» [خ¦2097]؛ أي: زاد وأثقَل في المِيزانِ حتَّى مال، وأصلُ الرَّجحانِ والتَّرجحِ: الميلُ.
          و«الأُرْجُوحَة»: [خ¦3894] خشبَة يوضَع وسطُها على تلٍّ، ويكون طَرفَاها على فرَاغٍ، ثمَّ يجلِس على كلِّ طرفٍ منها غلامٌ أو جاريةٌ، فكلَّما نزَل بها أحدُهما ارتفَع الآخر.
          وقد جاء في هذا الحديث: «وأنا أُرجَح بين عَذقَين» وكأنَّها أراجيح(2) في حبل مُعلَّق بين نخلتين يُدفَع فيه.
          795- وقوله: «رِجْزٌ أرسِل على من كان قَبلَكُم» [خ¦6974]؛ أي: عذابٌ.
          وقوله: «الرَّجَزُ في الحَربِ» [خ¦56/161-4745]، و«جَعل... يَرتَجِز»؛ أي: يقول الرَّجز؛ وهو ضربٌ من الشِّعْرِ، القَصيرُ الفُصولِ، وقد قيل: ليس منَ الشِّعْرِ بل هو من السَّجَعِ، وقال الخليلُ: أمَّا المَنهُوك منه والمَشطُور فليسا بشِعرٍ، وما عدا هذين النَّوعين فهو شِعرٌ.
          796- و«الرَّجِلُ الشَّعَرِ» [خ¦3440] المُتكسِّره قليلاً بخِلافِ السَّبط والجَعدِ، ورجَّلَه مشَّطه بماءٍ أو دهنٍ أو شَيءٍ ممَّا يُليِّنه، ويُرسِل ثائره، ويمدُّ مُنقبِضه، وشَعرٌ رَجِل ورَجَل ورَجُل.
          وفي «باب رَايةِ النَّبيِّ صلعم»: «أنَّ قيسَ بنَ سَعدٍ أرَاد الحجَّ فرَجَّل» [خ¦2947] هاهنا لم يزِد في الحديثِ على هذا، وهو مختَصَر، وتمامُه: «فرَجَّل أحدَ شِقَّي رَأسِه»، وقد تاه في تَفسيرِه بعضُ الشَّارِحين؛ لمَّا لم يقِف على تَمامِه من غير هذا المَوضعِ، فحمَّله من الشَّرحِ على ما لا يحتَمِله، وإنَّما ذكَر البُخاريُّ منه هاهنا فائدَة التَّرجمةِ في ذِكرِ الرَّايةِ، واختَصَر بقيَّته إذ لم يكن سُنَّةً عنِ النَّبيِّ صلعم وإنَّما هو فِعلُ غَيرِه.
          وقوله: «المُترجِّلاتُ من النِّساء» [خ¦5886]، كذا للأصيليِّ والنَّسفيِّ، ولغَيرِهما: «المُرجِّلات»، والأوَّلُ أشبَه، وهنَّ المُتشبِّهاتُ بالرِّجالِ. /
          وقوله: «فما ترَجَّل النَّهار» [خ¦3018]؛ أي: ارتَفَع، وقوله: «كما يَغلي المِرجَل» [خ¦6562] هو القِدْر، وقيل: هو من نُحاسٍ، وقوله: «كأنَّها رِجلُ جَرادٍ»؛ أي: جماعةٌ منه.
          وقوله: «حتَّى يضَعَ الجبَّارُ فيها رِجلَه»؛ أي: جماعةُ خَلقِه الذين خلقَهم لها، وقد مرَّ ذكرُه في الجيم.
          وقوله: «ما بين رِجْلَيهِ» [خ¦6474] يعني فرجَه.
          797- وقوله: «يقول بالرَّجْعةِ» يعني مَذهبَ الشِّيعةِ في رجُوعِ عليٍّ إلى النَّاسِ آخر الدُّنيا ومُلكه الأرضَ، وبفَتحِ الرَّاء ضَبَطناه، وكذا قال أبو عُبيدٍ، وفي رجعَةِ المُطلَّقة وجهان؛ والكسرُ أكثر، وأنكَر ابنُ دُرَيد الكسرَ، ولم يُصِب.
          وقوله: «فرَجَّع كما رَجَّعت» [خ¦4281] بتَشديدِ الجيمِ فيهما؛ أي: ردَّد صوته في القِراءةِ، وقوله: «فاسْتَرجَع» [خ¦1084]؛ أي: قال: إنَّا لله وإنَّا إليه راجِعُون.
          وقوله: «أو يَرجِعَه إلى أهْلِه» [خ¦3123]؛ أي: يردَّه، ثُلاثِيّ، وحكى ثعلبٌ أرْجَعَه رُباعِيٌّ.
          وقوله: «في غَزوةِ الرَّجيع» [خ¦64/28-6026] هو ماءٌ لهُذيل نُسِبت إليه.
          798- قوله: «يرجُفُ فُؤَادُه» [خ¦3]؛ أي: يتحرَّك ويضطَرِب حركة قويَّة، وكذلك الأرضُ في زلزلتها.
          وقوله: «ترجُفُ المدينةُ ثلاثَ رَجَفاتٍ» [خ¦1880]؛ أي: يتحرَّك مَن فيها من المُنافقِين لقدُومِ الدَّجالِ، ويخوضُ بعضُهم في بعضٍ، والمُرجِفُون في المَدينةِ هم الذين يخُوضُون في أمرِ الفِتَن، ويُشِيعُون أمر العَدُوِّ تخويفاً للمُسلمِين.
          799- قوله في الرَّوثةِ: «إنَّها رِجْسٌ»؛ أي: قذرٌ، وفي روايةٍ: «إنِّها رِكْس» [خ¦156]، والمعنَى واحدٌ؛ أي: قد أرْكِسْت في النَّجاسةِ بعد الطَّهارةِ، وقد رواه القابِسيُّ في «بابِ الاستِنجاءِ» بالجيمِ، وقد جاء الرِّجسُ بمعنَى المأثمِ والكُفرِ والشَّكِّ، وهو قوله: {فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ} [التوبة:125]، وقيل نحوُه في قولِه: {لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ} [الأحزاب:33]؛ أي: يطهِّركم من جميع هذه الخبائثِ، وقد تجيء بمعنَى العَذابِ أو العَملِ الذي يوجِبُه، قال الله تعالى: {وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ} [يونس:100]، وقيل: يعني اللَّعنةَ في الدُّنيا والعَذابَ / في الآخرةِ.
          800- قوله: «إلَّا رَجاءَةَ أن أكونَ من أهلِها» ممدُودٌ، قال في «الجمهرة»: فعَلتُ رجاء كذا ورجاءة كذا وكذا، وهو بمعنَى: طَمعِي فيه وأمَلِي، ويكون أيضاً الرَّجاءُ كذلك ممدُودٌ بمعنَى الخوفِ، ومنه في الحديثِ: «إنَّا لنَرْجو _أو: نخَاف_ أن نَلْقَى العَدُوَّ غداً» [خ¦2507] قال الله تعالى :{مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} [نوح:13]؛ أي: لا تخافون له عَظمَة، {فَمَن (3) كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ} [الكهف:110]؛ أي: يخاف، يقال في الأمل: رجَوت ورجَيت، وفي الخَوفِ بالواو لا غيرُ، قال بعضُهم: إذا استَعمَلته العربُ في الخوفِ ألزَمَته «لا» حرف النَّفيِ، ولم تَستَعمِله مُفرداً إلَّا في الأملِ والطَّمعِ، وفي ضِمْنه الخوفُ إلَّا أن يكون ما يؤمِّله، وهذا الحديثُ يرُد قولَ هذا، فقد استَعْمَله بغير «لا».
          وقوله: «ترجين النِّكاح» [خ¦3991] بضمِّ التَّاء ضَبَطه الأصيليُّ، ولغَيرِه بفتحِ التَّاء، وكِلاهُما صحِيحٌ.


[1] في «المشارق»: الشُّعَب. انتهى.
[2] في (ب) و(س) و(ج): (أراجب) وفي (ن): (أرادت) وما أثبتناه من (ط).
[3] في الأصول كلِّها: (ومَن).