مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الخاء مع الطاء

          الخاء مع الطَّاء
          595- قوله صلعم لأبي بكرٍ ☺: «أخطَأتَ بَعضاً وأصَبتَ بَعضاً» [خ¦7046] قيل: هو منَ الخطأ الذي هو ضِدُّ الصَّوابِ، قيل: في عِبارَتِها، وقيل: في تَقدُّمِه عليه وقَسَمِه على تَفسيرِها، وقيل: هو من الخطأ الذي هو بمعنَى التَّركِ، من قولِهم: أخطأ السَّهمُ الرَّميَّة إذا حادَ عنها، وكقولِه(1) في المنيَّة:
..................                      ومَن تُخْطِئ يُعمَّر فيَهرَم
          أي: تركتَ فيها ما لم تُفسِّره.
          قوله: «وجَعلُوا له كلَّ خَاطِئة مِن نَبلِهم»؛ أي: كلَّ ما أخطَأ الغَرَض.
          قوله في الكُسوفِ: «فأخْطَأَ بدِرْعٍ حتَّى أُدرِكَ برِدَائه»، كذا قيَّدناه عن كافَّتِهم.
          وفي بعضِ النُّسخِ عنِ ابنِ الحذَّاءِ: «فخَطَا بدِرْعٍِ»، فمعنَى الأوَّلِ منَ الخطأ الذي هو الغَلطُ، كأنَّه لاستِعجالِه غَلِط في ثوبِه، فأخذ دِرعاً لبعضِ نِسائِه، ويدلُّ على ذلك قوله: «حتَّى أُدرِك برِدَائِه»، يقال لمن أراد شيئاً ففعَل غيرَه: أخطَأ، كما يقال لمن قَصَد ذلك، وقيل: يقال: أخطأ إذا لم يَقصِد، وخَطِئَ إذا قَصَد الخَطأ.
          وأمَّا «خَطَا» فمعناه مشَى، منَ الخَطوِ منَ السُّرعةِ والمُبادرَةِ، وقد جاء في روايةٍ عن ابنِ الحذَّاءِ: «فأخَذ ذرعاً» بذالٍ مُعجمةٍ، و«أخذ يَذرُعُ» فِعلٌ مُستقبلٌ بضمِّ الرَّاءِ؛ أي: مدَّ باعَه في مشيِه، هكذا وجدتُه بخطِّ القاضي مقيَّداً بذالٍ مُعجمةٍ، وأظنُّه وهماً، وإنَّما الذي هو بذالٍ مُعجمةٍ قوله: «يذرع».
          596- قوله: «على خِطبةِ أخيهِ» [خ¦2140] يعني: التَّكلُّمَ في ذلك وطلبَه من جهةِ المَرأةِ وأوليائِها، فأمَّا الخُطبةُ فعندَ العَقدِ كسائرِ الخُطبِ.
          597- وقوله: «يَخطِرُ بسَيفِه» بكَسرِ الطَّاءِ؛ أي: يهُزُّه، ومنه: رُمحٌ خَطَّارٌ.
          وقوله: «إلَّا رجُلٌ يُخاطِر بنَفسِه / ومالِه» [خ¦969]؛ أي: يُلْقِيها في الهَلَكةِ، يعني الجهادَ، فيُخاطِر بنَفسِه وفَرسِه وسلاحِه.
          وقوله: «فقام خَطِيباً» [خ¦2506] قال أبو نصرٍ: الخَطيبُ الذي هو طَبعُه، والخاطِبُ الذي يَخطُبُ.
          وقول عُمرَ: «الخَطْبُ يَسيرٌ» فسَّره مالك بأنَّه يريدُ القضاءَ، قال غيرُه: ويَحتمِلُ أن يُريدَ سُقوطَ الإثمِ عنه بالاجتهادِ.
          وقوله: «حتَّى يخطِرَ بين المَرءِ وقَلبهِ» [خ¦608] بكَسرِ الطَّاء ضبَطناه عن المُتقِنين، وقد سمِعنا مِن أكثرِ الرُّواةِ: «حتَّى يَخطُر» بضمِّ الطَّاءِ، والكَسرُ هو الوَجهُ في هذا، يعني أنَّه يُوسوِسُ، ومنه: رُمحٌ خَطَّارٌ؛ أي: ذو اضطِرابٍ.
          و«الفَحلُ يخطِرُ بذَنَبِه» إذا حرَّكه فضرَب به فخِذَيه، وأمَّا بضمِّ الطَّاء فمِن السُّلوك والمُرورِ؛ أي: يدنو منه فيمرُّ بين نفسِه وبينَه، فيَذهَلُه عمَّا هو فيه، وبهذا فسَّره الشَّارحون لـ «الموطَّأ» وغيرِه، وفسَّر الخليلُ بالأوَّلِ.
          598- قوله: «لا تَسأَلونِي خُطَّةً» [خ¦2731]؛ أي: قصَّةً وأمراً.
          وقوله: «كان نبيٌّ من الأنبياءِ يخُطُّ» فسَّروه بخطِّ الرَّملِ للحسابِ ومَعرفةِ ما يدلُّ عليه.
          599- وقوله: «تخطُّ رِجلَاه الأرضَ» [خ¦198]؛ أي: ضَعُفت قُوَّته حتَّى كان يجرُّهما غيرَ مُعتمدٍ عليهما.
          قوله: «خَطِّيَّاً» [خ¦5189]؛ أي: رُمحاً منَ الخَطِّ، وهو موضِعٌ بناحيةِ البَحرَين يُجلَبُ إليه الرِّماحُ منَ الهندِ، وقيل: انكسَرت فيه مرَّةً سَفينةٌ فيها رِماحٌ، ولا يصحُّ قولُ مَن قال: إنَّه تنبُت فيه الرِّماحُ، وقيل: الخطُّ ساحلُ البحرِ.
          600- قوله: «على جَملٍ... مخطُومٍ بخُلْبةٍ» [خ¦3355]؛ أي: له خِطامٌ يُشَدُّ على رأسِه، والخُلْبةُ اللِّيفُ؛ أي: جُعل له خِطامٌ مِن حبلِ ليفِ النَّخلِ.
          وفي حديثِ ضَربةِ المَلَكِ يومَ بدرٍ: «قد خُطِم أنفُه وشُقَّ وجهُه»؛ أي: وقعَتِ الضَّربةُ في وَجهِه في مَوضعِ الخِطامِ من البَعيرِ، وهي سِمةٌ منَ الكيِّ على الأنفِ والخدَّينِ منَ البَعيرِ.
          601- قوله: «وعليه خَطَاطِيفُ» [خ¦7439] جمعُ خُطَّافٍ، وهو الكُلاَّب، كما جاء في الحديث الآخرِ: «عليه كَلالِيبُ». [خ¦806]
          قوله: «فجعلت منه خَطِيفةً» [خ¦5450]؛ أي: عَصِيدةً من دقيقٍ بلَبنٍ، وقيل: هو في الكَثافةِ دون العَصِيدةِ. /
          قوله: «للجنِّ خَطْفةً» [خ¦3316] ما يَختَطِفونَه منَ النَّاس بسُرعةٍ، ومنه: «تلك الكلِمةُ يَختَطِفهَا الجِنِّيُّ» [خ¦6213]؛ أي: يستَرقُها منَ السَّمعِ، قال تعالى: {إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ} [الصافات:10].
          قوله: «أو لتُخطَفَنَّ أبصَارُهُم» [خ¦750]؛ أي: يُذهَبَنَّ بها بسُرعةٍ، ومثلُه: «يخطِفان البَصَر»، و«تَخْطَفُنا الطَّيرُ» [خ¦3039] مثلُه، يقال: خَطِفَه وخَطَفَه واخْتَطَفَه وتخطَّفَه، وفي الكتابِ: {فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ}[الحج:31].
          و«تَخطِّي الرِّقاب» تَجاوُزُها، و{خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} [البقرة:168] جمعُ خُطْوةٍ، والمعنى آثارُه ومسالِكُه، وأصلُه نقلُ القَدمِ في المشيِ، ثمَّ استُعيرَ في الاتِّباعِ على رأيٍ ودينٍ ومَذهبٍ؛ كأنَّه اتَّبَع مناقِلَ قدمَيهِ، ومنه: «الخُطَا إلى المساجدِ».
          قوله: «غَطِيطَه أو خَطِيطَهُ» [خ¦117] على الشَّكِّ، والصَّوابُ: «غَطِيطَه»، وهو صوتُ ترَدُّدِ نفَسِ النَّائم عندَ استِثقالِه، ولا معنَى للخَطِيط هاهنا.


[1] عجز بيت لزهير بن أبي سلمى من معلقته، كما في ديوانه ص70، وصدره:
~ رَأيتُ المَنَايا خَبطَ عَشواءَ مَن تُصِبْ                     .....................