الجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات الضياء المقدسي

حديث: ما سمعت عمر يقول لشيء قط: إني

          45- الحديث الأوَّل: عنِ ابنِ عمرَ _من رواية سالم عنه، ومن رواية عمرَ بن محمَّدِ بن زيدٍ عن عمِّ أبيه سالمٍ عنه_ قال: ما سمعت عمرَ يقول لشيءٍ قطُّ: إنِي لَأَظُنُّه كذا، إلَّا كان كما يظنُّ؛ بينما عمرُ جالسٌ إذ مرَّ به رجلٌ جميل، فقال: لقد أخطأ ظنِّي، أو إنَّ هذا على دينه في الجاهليَّة، أو لقد كان كاهنَهم، عليَّ الرَّجلَ / فدُعِيَ له، فقال له عمر: لقد أخطأ ظنِّي، أو إنَّك على دينك في الجاهليَّة، أو لقد كنت كاهنَهم، فقال: ما رأيتُ كاليومَ استُقبِلَ به رجلٌ مسلمٌ! فقال: إنِّي أعزِم عليك إلَّا ما أخبرتَني، قال: كنت كاهنَهم في الجاهليَّة، قال: فما أعجبُ ما جاءتك به جِنِّـــيَّتُك؟ قال: بينما أنا يوماً في السُّوق جاءتني أعرِف منها الفَزَعَ، قالت:
ألم ترَ الجِنَّ وإبلاسَها(1)
ويأسَها من بعدِ إيناسِها
ولُحوقَها بالقِلاص(2) وأحلاسِها(3) ؟
          قال عمر: صدق، بينا أنا قائمٌ(4) عند آلهتِهم إذ جاء رجلٌ بعِجلٍ فذبَحه، فصرخَ به صارخٌ لم أسمع صارخاً قطُّ أشد صوتاً منه يقول:
          يا جَليحْ أمرٌ نَجيحْ(5)، رجلٌ فصيحْ، يقول: لا إله إلَّا الله!
          فوثب القومُ، فقلت: لا أبرحُ حتَّى أعلمَ ما وراء هذا، ثمَّ نادى:
          يا جَليحْ أمرٌ نَجيحْ، رجلٌ فصيحْ، يقول: لا إله إلَّا الله!
          فقمت فما نَشَبنا أن قيل: هذا نبيٌّ. / [خ¦3866]


[1] الإبلاس: اليأس، قال تعالى: {فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ} [الأنعام44] أي يائسون.
[2] القِلاص جمع قَلُوص: وهي الناقة الصابرة على السير من النُّوق، وقيل: القَلُوص الطويلة القوائم.
[3] الأحلاس: جمع حِلس وهو ما يجعل على ظهر البعير للتوطئة كالبردعة.
[4] في هامش (ابن الصلاح): (وسمع غيره: نائم)، وهو في نسختنا من رواية البخاري: (بينما أنا عند آلهتهم).
[5] أمرٌ نجيح: أي سريع ويكون من النُّجح والنَّجاح وهو الظفر بالمطلوب.(ابن الصلاح).