غاية التوضيح

باب شراء المملوك من الحربي وهبته وعتقه

          ░100▒ قوله: (لِسَلْمَانَ) أي: الفارسيِّ، و(كَاتِبْ) أي: اشترِ نفسَك من مولاك بنجمين أو أكثر، ولَفْظ (كَانَ حُرًّا) حالٌ من (قال)، وقصَّته أنَّه هرب من أبيه لطلب الحقِّ وكان مجوسيًّا، فلحق براهب ثمَّ بآخر، وكان يصحبهم إلى وفاتهم حتَّى وله الأخير على الحجاز وأخبره بظهور رسول الله صلَّى الله عليه وآله وصحبه وسلَّم، فقصده مع بعض الأعراب، فغدروا به فباعوه في وادي القرى ليهوديٍّ، ثمَّ اشتراه منه يهوديٌّ آخر من بني قريظة، فقدم به المدينة، فلمَّا قدمها رسول الله صلَّى الله عليه وآله وصحبه وسلَّم ورأى علامات النُّبوَّة أسلم، فقال له رسول الله صلَّى الله عليه وآله وصحبه وسلَّم: كاتبْ نفسَك، وعاش مئتين وخمسين سنة، ومات سنة ستٍّ وثلاثين بالمدائن، فإن قلت: كيف أمره رسول الله صلَّى الله عليه وآله وصحبه وسلَّم؟ لمَ لم يحكم بحرِّيَّته ولم يخلِّصه عن ظلمه مجَّانًا؟ حتَّى لم يقع في مشقَّة اكتساب بدل الكتابة، اللَّهمَّ إلَّا أن يقال: لم يكن في ذلك الوقت قوَّة غلبة الإسلام وتنفيذ أحكامه، أو يقال: لم يكن حينئذٍ هناك لسلمان نيته على الحرِّيَّة مع انقياده للبيع قبل ذلك لليهوديِّ.
          قوله: (وَسُبِيَ) أي: أسِرَ، و(عَمَّار) بفتح المهملة وشدَّة الميم، ابن ياسر، و(صُهَيْب) مصغَّرٌ، و(بِلالٌ) ابن رباح؛ بفتح الرَّاء وخفَّة الموحَّدة، الحبشيُّ المؤذِّن، اشتراه الصِّدِّيق ☺ من المشركين لمَّا كانوا يعذِّبونه على التَّوحيد فأعتقه.
          قوله: {بِرَادِّي رِزْقِهِمْ} [النَّحل:71] أي: بمعطي رزقهم، {عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [النَّحل:71] على مماليكهم، فإنَّما يردُّون رزقهم الَّذي جعل الله في أيديهم، فالموالي والمماليك سواء في أنَّ الله تعالى رزقهم.