مطالع الأنوار على صحاح الآثار

السين مع الهمزة

          [السِّين مع الهمزة](1)
          1966- قوله: «سَأْ، لَعنَك اللهُ» كذا في كتاب التَّميميِّ، وخرَّج عليه: «سِرْ»، وكذا عند العُذريِّ بالرَّاء، وعند بَعضِهم بالشِّين المُعجمَة، وهي كلِمَة زَجْرٍ تُزجَر بها الإبل.
          وفي «العين»: سَأْ سَأ وشَأْ شَأ زَجرٌ للحمارِ، فبالسِّين لتَحبس، وبالمعجمة لتَسير، قال الحربيُّ: سَأْ سَأ وشَأْ شَأ زجرٌ للحمارِ، فإذا دعَوْته للشُّربِ قلت: تَشُؤ تَشُؤ، وقال أبو زَيدٍ: تَشَأ تَشَأ، وحكى الهرويُّ جاء في زَجرِ الإبلِ أيضاً.
          1967- قوله: «بِسِئة قَوسِة» وهو طرَفُه المُنعطِف، وكان رُؤبة يهمزُها كما كان يهمزُ الثُّنْدُؤةَ، والعربُ لا تُهمزُها، قاله ابنُ السِّكِّيتِ.
          1968- «إنَّ جابراً صنَع سُؤْراً» [خ¦3070]؛ أي: اتَّخذ طعاماً لدَعوةِ النَّاسِ، قال الطَّبريُّ: وهي كلمةٌ فارِسيةٌ، وقد جاءَت مُفسَّرة بنحو هذا في بَعضِ نُسخِ البُخاريِّ، وقيل: السُّؤر الصَّنيعُ لغةٌ للحبَشةِ، وأمَّا قوله: «فأكلوا وترَكوا سُؤْراً» فهذه عربِيَّةٌ، يعني: بقيَّةً، وكلُّ بقِيَّةٍ من ماءٍ أو طعامٍ أو غيرِه فهو سُؤرٌ.
          1969- قوله: «وكثرَة السُّؤال» [خ¦1477] قيل: مَسألَة النَّاس أموالَهم، وقيل: كثرةُ البَحثِ عن أخبارِ النَّاس، وما لا يعني، وقيل: كثرةُ سُؤالِ النَّبيِّ صلعم عمَّا لم ينزل، ولم يَأذَن فيه، كما أنزَل الله تعالى في كتابِه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}[المائدة:101 / ونهَى صلعم عن المَسائلِ وعابَها، وقيل: هو نهيٌ عن التَّنطُّع في السُّؤالِ عمَّا لم ينزل، ويحتَمِل كثرة السُّؤال للنَّاس عن أحوالهم، حتَّى يُدخل عليهم الحرجَ في كشفِ ما سَترُوه من أمُورِهم.
          وقوله: «فلا تَسأل عن حُسْنِهنَّ» [خ¦1147] يقال: هذا في كلِّ شيءٍ تناهَى وبلَغ الغاية على وَجهِ المُبالَغة في وَصفِه؛ أي: إنَّ هذه الأربعَ الرَّكعات من الكَمالِ والتَّمامِ والحُسنِ في غايَةٍ، وعلى حالٍ لا يحتاج عن السُّؤال عنه، وهذا كما قال: {وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ} [البقرة:119] مُبالَغةٌ في وَصفِ ما هم فيه من البَلاءِ.
          1970- قوله: «إنَّما يقُولُون السَّام علَيكُم» [خ¦6024] فيه تأويلان؛ أحدهُما: السَّآمة، يعني: المللَ، يعني: سَامَه وسأَم قالَه الخَطَّابيُّ، وبه فسَّره قتادَةُ، التَّأويلُ الثَّاني: الموتُ، وعليه يدُلُّ: «وعليكم» [خ¦6024] إذ هو سبيلُ الكلِّ، ويعضُد قولَ الخَطَّابيِّ قولُه صلعم: «فيُستَجاب لنا فيهم ولا يُستَجاب لهم فينا» [خ¦6030]، والموتُ مَكتُوب على الكلِّ.
          وقد جاء في حَديثِ الحبَّةِ السَّوداءِ: «إلا السَّام، والسَّامُ المَوتُ». [خ¦5688]
          قوله: «مخافَة السَّآمة» [خ¦70] ممدُود، يعني: الملالَ، ومنه: «حتَّى كنتُ أنا الذي أسْأَم» [خ¦5236]؛ أي: أملُّ من الوقُوفِ والنَّظرِ، ومِثلُه: «إنَّ الله لا يَسأَم حتَّى تَسأَموا».


[1] هذه الزيادة من أصول «المشارق».