تغليق التعليق

باب هل يرجع إذا رأى منكرًا؟

          ░76▒ قوله: باب هل يرجع إذا رأى منكرًا؟
          ورأى أبو(1) مسعود صورة في البيت فرجع، ودعا ابن عمر أبا أيوب الأنصاريَّ، فرأى في البيت سترًا على الجدار، فقال ابن عمر: غلبنا عليه النساء، فقال: من كنت أخشى عليه فلم أكن أخشى عليك، والله؛ لا أَطْعَمُ لكم طعامًا، فرجع.
          أما أثر أبي مسعود_وهو عقبة بن عمرو_؛ فقال البيهقيُّ: أخبرنا أبو علي الروذباريُّ: أخبرنا أبو محمَّد بن شوذب الواسطيُّ بها: حدَّثنا أحمد بن سنان: حدَّثنا وهب بن جرير: حدَّثنا شعبة عن عدي بن ثابت، عن خالد بن سعد، عن أبي مسعود: أن رجلًا صنع له طعامًا فدعاه فقال: أفي البيت صورة؟ قال: نعم، فأبى أن يدخل حتى كسر الصورة، ثم دخل.
          خالد بن سعد هو مولى أبي مسعود عقبة بن عمرو، فيترجح كونه أبا مسعود.
          وأما قصة أبي أيوب؛ فقرأت على فاطمة بنت محمَّد بن عبد الهادي بدمشق، عن محمَّد بن عبد الحميد: أنَّ إسماعيل بن عبد القوي أخبرهم: أخبرتنا فاطمة بنت سعد الخير: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله: أنَّ محمَّد بن عبد الله بن ريذَة أخبرهم: أخبرنا أبو القاسم الطبرانيُّ: حدَّثنا معاذ بن المثنَّى: حدَّثنا مسدد: حدَّثنا بِشْرٌ_هو ابن المفضل_: حدَّثنا عبد الرَّحمن بن إسحاق عن الزهريِّ، عن سالم بن عبد الله قال: عرَّست في عهد أبي، فآذن أبي النَّاس، فكان أبو أيوب فيمن آذنَّا، وقد سَتَروا بيتي ببجاد أخضر، فأقبل أبو أيوب فدخل وأبي قائم، فاطَّلع فرأى البيت مسترًا ببجاد أخضر، فقال: يا عبد الله؛ أتسترون الجدر؟ فقال أبي واستحيا: غلبَنا عليه النساء يا أبا أيوب، فقال: من خشيت أن تغلبه النساء؛ فلم أخشَ أن تغلبك، ثم قال: لا أطعَمُ لكم طعامًا، أو لا آكل لكم شيئًا، ثم خرج.
          ورواه الإمام أحمد في كتاب (الورع) عن إسماعيل بن إبراهيم، عن عبد الرَّحمن بن إسحاق.
          ورويناه من وجه آخر بسياق آخر: أخبرناه أبو الخير أحمد بن الحافظ أبي سعيد في كتابه: أخبرنا أبو بكر محمَّد بن أحمد السُّلَميُّ عن عبد الرَّحمن بن مكِّيٍّ: أخبرنا السلفيُّ: أخبرنا أبو الخطاب بن البَطِر: أخبرنا أبو الحسن بن رزقويه: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمَّد المصريُّ: حدَّثنا محمَّد بن إسماعيل: حدَّثنا أبو صالح: حدثني ليث عن بكير(2) بن عبد الله بن الأشج، عن سالم بن عبد الله بن عمر قال: زوجني أبي، وأصحاب النَّبيِّ صلعم أحياء قال: فلما كان يوم وليمتي؛ أرسل أبي إلى أصحاب رسول الله صلعم: والله ما عملنا من كثير شيءٍ، إلَّا أنَّا صفَّرنا وحضَّرنا قال: فجعل أصحاب النَّبيِّ صلعم يدخلون الأول فالأول، حتى أقبل أبو أيوب الأنصاريُّ، إذا هو بستر أنمار على الباب، فقال: ما هذا؟ قد فعلها عبد الله! أما والله ما كنت أظنه على هذا، قال: ثم انصرف، ولم يدخل، فأخبر عبد الله به _وكان في بعض شغله_ فخرج في إثره حتى أدركه، فقال: أقسمت عليك يا أبا أيوب لتقفن، فوقف، فقال أبو أيوب: أقد(3) فعلتها يا عبد الله؟! أما والله ما كنت أحسبك على هذا، قال: أقسمت عليك لترجعن، فقال أبو أيوب: أقد فعلتها؟! والله ما كنت أحسبك على هذا، فأقسم عليه ليرجعن، فقال أبو أيوب: وأنا أعزم على نفسي ألَّا أدخل يومي هذا، ثم انصرف.
          وقد وقع لابن عمر مثل ذلك بعد هذا مع غير أبي أيوب، وأنكره ابن عمر عليه، وقد أوردت ذلك في الشرح.


[1] في الأصل: (ابن)، وفي هامشه: (بخطه: أبو.صح).
[2] في المطبوع: (بكر).
[3] في المخطوط: (أقعد).