الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري

{واتخذتموه وراءكم ظهريا}

          ░34▒ وقال : {وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا} [هود:92] وهو منسوب إلى الظَّهر والكسر مِن تغيُّرات النَّسب كما تقول في الأمس إِمسي بكسر الهمزة، و(ظَهَرْتَ) بفتح الهاء، ومعناه نسيتَ وتركتَ وراء ظهرك وقال تعالى: {وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ} [هود:93] أي مكانكم وقال: {كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا} [الأعراف:92] أي لم يعيشوا ولم يقيموا بها، وقال: {فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [المائدة:68] وليس هذا في قصَّة شعيب وإنَّما ذكرَه بمناسبة قولِه تعالى: {فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ} [الأعراف:93] وقال: {إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} [هود:87]
          قال الحسن: إنَّهم في قولِهم هذا يستهزؤون به يعني أنَّهم عكسوا على سبيل الاستعارة التَّهكميَّة إذ غرضُهم: أنت السَّفيه الغَوِيُّ لا الحليم الرَّشيد. وقال: {كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء:176] وقرأ بعضُهم لَيْكَة بوزن ليلة. فقال مجاهد هو نفس الأيكة فخُفِّف إليها. وقال : {فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ} [الشعراء:189] يروى أنَّه حبس عنهم الرِّيح وسلَّط عليهم الحرَّ فأخذ بأنفاسِهم، فاضطروا إلى أن خرجوا إلى البريَّة، فأظلَّتْهم سحابة وجدوا لها بردًا ونسيمًا، / فاجتمعوا تحتها فأمطرت عليهم نارًا فاحترقوا، وكان شعيب مبعوثًا إلى أصحاب مدين وأصحاب الأيكة فأُهلكت مدين بصيحة جبريل وأصحابُ الأيكة بعذاب يوم الظُلَّة.