مصابيح الجامع

باب: الغنيمة لمن شهد الوقعة

          ░9▒ (باب: الْغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ) ساق فيه قولَ عُمرَ ☺: لولا آخِرُ (1) المسلمين، ما فتحتُ قريةً إلَّا قسمتُها (2) بينَ أهلها كما قسمَ النبيُّ صلعم.
          واستشهادُه بقولِ عمرَ مُنافٍ لغرضهِ من الترجمة.
          ويجاب(3) : بأنه إنما أرادَ (4) من حديثِ عُمر قولَه: ((كما قسمَ رسولُ الله (5) صلعم))، فأومأ البخاريُّ إلى ترجيح القسمة الناجزة، وأن لا توقف.
          واستدل على أن المفقود الذي لم يوجد بعدُ لا يستحقُّ من الغنيمة شيئًا؛ بالقياس على / (6) من غابَ عن الوقعة من الموجودين، فإذا كان الموجود الغائب لا يستحقُّ، فكيف يستحقُّ (7) المعدومُ والموهومُ (8) حينئذٍ؟.
          بقي النظر في استدلال عمر ☺، وهو موافقٌ لمذهب مالكٍ على أن الأَرَضين يستحقها المتوقَّعُ وجودُهم إلى يوم القيامة مع الحاضرين، ولهذا وَقَفَها (9) بقوله: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} [الحشر:10] ولمِ لا يكون الكلام استئنافًا، والخبر في قوله تعالى: {يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا} [الحشر:10]، ويكون الفرقُ بين هؤلاء الذين لم يوجدوا (10) بعدُ، وبين الذين تبوَّؤوا الدارَ والإيمان: أن الذين تبوؤوا الدار والإيمان هم الأنصار، وكانوا يحضرون الوقائع، فيستحقون كالمهاجرين، وأمَّا هؤلاء، فلا (11) يوجد فيهم الاستحقاق، ولم تدع ضرورة إلى العطف؛ لإمكان الاستئناف؟
          فيجاب عن هذا: بأن الاستئناف هنا لا يصحُّ؛ لأنه حينئذٍ يكون خبرًا عن كل مَن جاء بعد الصَّحابة أنه (12) يستغفر لهم، وقد وقع خلافُ هذا، فما أكثرَ الرافضةَ وغيرَهم من السابِّين غير المستغفرين! فلو كان خبرًا لزم الخُلْفُ، وهو باطل.
          فإذا جعلنا (13) الكلام معطوفًا أدخلنا {الذين جاؤوا من بعدهم} في الاستحقاق للغنيمة، وجعلنا قوله: {يَقُولُونَ} جملةً حاليةً كالشرط للاستحقاق؛ كأنه قال: يستحقون في حالة الاستغفار، وبشرطه، ولهذا قال مالكٌ: لا حقَّ لمن سبَّ السلفَ في الفيء، فلا يلزم خُلفٌ، كذا في «الصبح (14) الصادع».


[1] في (ق): ((أجر)).
[2] في (ق): ((فتحتها)).
[3] في (ق): ((ويحتمل)).
[4] في (ق): ((إنما أخذه)).
[5] في (ق): ((قسم النبي)).
[6] في (ق): ((عن)).
[7] ((فكيف يستحق)): ليست في (د).
[8] في (ق): ((ولا الموهوم)).
[9] في (ق): ((أوقفها)).
[10] في (د) و(ج): ((يوجد)).
[11] في (ق): ((فلم)).
[12] في (ج): ((أن))
[13] في (ق): ((جعل)).
[14] في (ق): ((الصحيح)).