مطالع الأنوار على صحاح الآثار

الجيم مع الواو

          الجيم مع الواو
          396- «وهو مُجَوِّبٌ عليه بِحَجَفَةٍ» / [خ¦3811]؛ أي: مُترِّس، وقد جاء مُفسَّراً في حديثٍ آخرَ: «يَتَترَّسُ مع النَّبيِّ صلعم بتُرسٍ واحدٍ» [خ¦2902]، والجَوبُ: الحَجَفةُ والتُّرسُ.
          وروَاه بعضُهم: «مُحوِّياً» من الحويَّةِ، والأوَّلُ هو الصَّوابُ، وصحَّفه بعضُهم: «مُحْدِبٌ عليه بحَجَفةٍ»، وفسَّره بمُشفقٍ حانٍ عليه، والحَدَبُ: الحُنوُّ والإشفاقُ.
          وقوله: «فانجَابَتْ عن المَدينةِ» [خ¦1016]؛ أي: تقطَّعت وانكشَفت كالثَّوبِ الخَلَقِ إذا تقَطَّع، وقيل: «انجابَت» انفرَجَت عن المَدينةِ مُستديرةً حولها.
          «فصارَت المدينةُ منها في مثلِ الجَوبةِ» [خ¦933]، وهي الفَجوةُ بين البيُوتِ، والفَجْوةُ المكانُ الفارِغُ المتَّسِعُ، وقد رأيتُ بعضَهم قد صحَّف الجَوبَةَ بالجَونةِ بالنُّون، ثمَّ فسَّره بالشَّمسِ في سَوادِها حين تغِيبُ، وقيل: صارَت حولها كجَيْبِ القَميصِ لرأسِ لابسِه، وجَيبُ القَميصِ هو طُوقُه الذي يخرُج منه الرَّأسُ.
          قوله: «من لُؤْلُؤَةٍ واحدةٍ مُجَوَّفةٍ» [خ¦4879]؛ أي: خاليةِ الدَّاخِل غيرَ مُصمَتةٍ، وروَاه السَّمرقَنديُّ: «مُجَوَّبةٍ»، والمعنَى واحدٌ.
          ورَوَيناه في كتابِ الخطَّابيِّ: «مَجُوبةٍ»؛ أي: قد قطَع داخلَها بالنَّقبِ فتفرَّغَ وخلَى، من قَولِهم: جُبْتُ الشَّيءَ إذا قطَعتَه، و«المِجوَبُ» آلةٌ من حديدٍ يُقطُّ بها الأَدَمُ قَطَّاً مُستديراً، فمُجوَّبة من «جَوَّب» بناه للمُبالغةِ، ومجُوبَة من جاب.
          في التَّفسيرِ: «{كَالْجَوَابِ (1)} [سبأ:13] قال ابنُ عبَّاسٍ: كالجَوبَةِ من الأرضِ». [خ¦60/40-5253]
          397- قوله: «ولم يأتِ أحدٌ إلَّا حدَّثَ بالجَودِ» [خ¦933] يعني المطرَ الغَزيرَ.
          وقوله: «سيرَ المُضَمِّرِ المُجيدِ»؛ أي: صاحبُ الفرس المُضمِّرُ لفَرسِه الذي قد استَجادَه؛ أي: اتَّخَذه جواداً، وهو الذي يجُود بجَريِه، ومَن روَاه: «المُضمَّر» أراد الفرسَ، ويكون «المُجِيد» وصفاً للفرسِ أيضاً؛ أي: الذي يلِد الجيادَ من الخيلِ، قالَه ثابتٌ.
          وفي روايةٍ أُخرَى: «الرَّاكبُ الجوادَ المُضمَّرَ» [خ¦6553] فـ «الجواد» مفعولٌ، و«المُضمَّرَ» صفةٌ له.
          398- قوله: «وأصابَتْه جَائِحةٌ»؛ أي: مُصيبةٌ اجتاحَت مالَه؛ أي: استأصَلته، ومنه: «جائحةُ الثِّمار»، ومنه قوله: / «اجتاح أصلَه»؛ أي: استَأصَله الهلاكُ، ومنه: «فأَهلَكَهم واجتاحَهُم» [خ¦7283]؛ أي: استَأصَلَهم.
          399- وقوله: «وهو يَجودُ بنَفسِه» [خ¦1303]؛ أي: يسُوق للمَوتِ، وفلانٌ يُجادُ للحتفِ؛ أي: يُساقُ إليه.
          وقوله: «كان أجودَ بالخير من الرِّيحِ المُرسلَةِ، وأجودُ ما يكون في رمَضانَ». [خ¦6]
          وفي صفةِ عمرَ: «أجودَ» [خ¦3687]، كلُّ ذلك من الجودِ، وهو الكرمُ، ورجلٌ جوَادٌ سخِيٌّ مِعطاءٌ، وأجودُ أكثرُ جوداً وأغزَرُ عطاءً.
          400- في المَواقيتِ: «وهو جَوْرٌ عن طَرِيقِنا» [خ¦1531]؛ أي: مائلٌ مُنحرِفٌ، ومنه: الجَورُ في الحُكمِ وغَيرِه.
          وقوله: «يُصْغِي إليَّ رأسَه وهو مُجاورٌ» [خ¦2028]، و«يجاوِرُ بغارِ حِراءٍ» [خ¦4923]، كلُّه بمعنَى المُلازمةِ والاعتكافِ على العبادةِ والخيرِ، والجِوارُ الاعتكافُ هاهنا.
          و«الجوار» في خبرِ أبي بكرٍ [خ¦2297] وغيرِه هو الذِّمامُ والعَهدُ والتَّأمينُ، بضمِّ الجيم وكسرِها، ومنه: {إِنِّي جَارٌ لَّكُمْ} [الأنفال:48]؛ أي: مُجيرٌ مُؤمِّنٌ، ومنه يقال لكلِّ واحدٍ من المُجِير والمُستَجِير: جارٌ، ومنه قولُ أمِّ هانئٍ: «أجَرتُه»، وقوله صلعم لها: «قد أجَرنَا من أجَرتِ يا أُمَّ هَانِئٍ». [خ¦357]
          وقوله: «وغَيظُ جارَتِها» [خ¦5189]، وقولُ عمرَ ☺: «أن كانت جارَتُكِ أَوضَأَ منكِ» [خ¦2468] يعني: الضَّرَّةَ لمُجاورتِها الأُخرَى، وسُمِّيت ضَرَّةً؛ لِمَا في اشتراكِهما من الضَّررِ، فعَدلوا عن الضَّرَّةِ إلى الجارةِ، وسُمِّيت الزَّوجةُ أيضاً جارةً، من الجِوارِ الذي هو دُنُوُّ المَسكنِ.
          ومنه: «لا تَحْقِرَنَّ جارَةٌ لجارَتِها» [خ¦2566] هذه من دُنُوِّ المَسكنِ، ومنه الوَصاةُ بالجارِ [خ¦6014]، وقد يكون الجارُ الشَّريكُ.
          ومنه: «الجارُ أَحقُّ بصَقَبِه» [خ¦6977] في قَولِنا، وأمَّا أهلُ العراقِ فهو عندَهم من قُربِ المَسكنِ وإن لم يكُن شَريكاً في المَبيعِ، وقالوا: معنَى «الجارُ أحقُّ بصَقَبه»؛ أي: بحقِّ جوَارِه في الشُّفعةِ.
          401- وقوله: «جَائزتُه يومٌ وليلةٌ» [خ¦6135] قيل: ما يجُوزُ به ويَكفِيه في سَفرِه في يومٍ وليلةٍ يستَقبِلهم بعد ضيافتِه، والجائزَةُ العَطِيَّةُ، والجِيْزَةُ ما يجوز به المسافرُ، وقيل: «جائزتُه» تُحفتُه، والمُبالغةُ في مُكارَمتِه، وفي باقي / الثَّلاثةِ الأيَّام ما حضَره، وهذا تفسيرُ مالكٍ، وقيل: «جائزتُه يومٌ وليلةٌ» حقُّه إذا اجتَاز به، وثلاثةُ أيَّامٍ إذا قصَده.
          قوله: «وتَجاوَزوا عن المُعسرِ، فتَجاوَز الله عنه» [خ¦2078]؛ أي: سامِحوه وسهِّلوا عليه، ومنه: «وأَتجاوزُ في السِّكَّةِ أو النَّقْدِ»، ويُروَى: «أَتَجوَّزُ»، كلُّه بمعنَى أُسامِح وأُسهِّل وآخُذ ما أُعطِيتُ، ومنه: «وكان من خُلُقي الجوازُ»؛ أي: المسامَحةُ.
          وقول النَّبيِّ صلعم: «مَن أمَّ قوماً فليَتجَوَّزْ» [خ¦704]؛ أي: فلْيُخفِّف، كذا جاء مفسَّراً في حديثٍ آخرَ، ومنه: «ركعتَينِ تَجوَّزَ فيهما» [خ¦3813]؛ أي: خفَّف.
          وقوله: «قبلَ أن يُجِيزُوا عليَّ» [خ¦3/10-123]؛ أي: يُنفِذُوا قَتلِي، ومِثلُه: أجْهَزتُ عليه.
          وقوله: «حتَّى أجازَ الوَاديَ». [خ¦4419]
          وفي روايةِ النَّسفيِّ: «جاز»، وهما لُغتَان، وقال الأصمَعيُّ: جازَه مشَى فيه، وأجازَه قطَعه، ومنه قوله: «فنَظَر إليه ثمَّ أجَاز» [خ¦2038]؛ أي: سارَ ومشَى، ومنه: «فأَكونُ أوَّلَ مَن يُجيزُ» [خ¦6573]؛ أي: أوَّلَ مَن يَقطَع مَسافةَ الصِّراطِ.
          402- وقوله: «جَعْظَريٌّ جَوَّاظٌ» هو القَصيرُ البَطينُ، وقيل: الجَموعُ المَنوعُ، وقيل: الكثيرُ اللَّحمِ المُختالُ في مِشيَته، وقيل: الغليظُ الرَّقَبةِ والجِسمِ، وقيل: الذي لا يستَقيم على أمرٍ، يُصانع هاهنا(2)، وقيل: الفاجِر، وفي «الغَرِيبَينِ»: «قيل: يا رسولَ الله ما الجَظُّ؟ قال: الضَّخْمُ».
          وفي مَوضعٍ آخرَ: «أهلُ النَّار كلُّ جَظٍّ جَعظٍ»، فكأنَّه يقال: جَظٌّ، وجَوَّاظٌ، وجَعْظٌ، وجَعْظَريٌّ، بمعنًى.
          403- قوله: «ثمَّ جالتِ الفرسُ» [خ¦5018]؛ أي: نفَرت عن مَكانِها.
          وقوله: «وكانتْ للمُسلمِين جَولةٌ» [خ¦3142]؛ أي: نفورٌ وانكشافٌ وزوالٌ عن مَواقفِهم، ومنه: «فاجتالَتْهم عن دِينِهم»؛ أي: استَخفَّتهم فذهبَت بهم وساقَتهم إلى ما يريدون منهم.
          و«إجالةُ القِداحِ» [خ¦65-6670] تحريكُها ونقلُها من مَوضعٍ إلى غيرِه، وقيل: أزالَتهُم بحرَكتِها.
          و«الجُوالِق» [خ¦3845] شِبه التَّابوت، وجمعُه «جَوالق» بالفتح، وقيل: الجَوالقُ الغِرَارةُ.
          قوله: «إنَّما الرَّضاعةُ من المَجاعَةِ» [خ¦2647]؛ أي: مِن الذي يَرضَعُ لجُوعِه وصغرِه، لا للذي قد استغنَى عن ذلكَ بالطَّعامِ. /
          404- قوله: «كأنَّها جمَلٌ أَجْوَفُ» [خ¦3020]؛ أي: عظيمُ البطنِ، والأجوفُ في الشِّياتِ الأبيضُ البَطِن، وقد ذكرنا من صحَّفَه، وإنَّما هو «الأجرَب». [خ¦3020]
          وفي صفةِ عمر: «وكان أَجوفَ»؛ أي: بعيدَ الصَّوت، صوتُه من جَوفِه.
          405- قوله: «اجْتوَوا المدينةَ» [خ¦1501]؛ أي: استَوْبَلوها واستَوْخَمُوها، وقد جاء كذلك مُفسَّراً، ومعناه كرِهوها لمرضٍ أصابَهم بها، وفرَّق بعضُهم بين الاجتِواء والاستِوْبال، فجعَل الاجتِواءَ كراهةَ المَوضِع وإن وافَق، والاستِوبَال إذا لم يُوافِق وإن أحبَّه، ونحوُه في «غريب المُصنَّف»(3).
          وقوله: «من جَوفِ اللَّيلِ» [خ¦924]؛ أي: داخِلِه ووَسطِه.
          وقوله في خَلقِ آدمَ: «فرآهُ أَجْوَفَ»؛ أي: ذا جَوْفٍ، ويحتمل أن يريد أنَّه وجَده فارغَ الدَّاخل، والأجوفُ كلُّ شيءٍ له جَوفٌ، وجَوفُ كلِّ شيء قعرُه وداخِلُه.
          وقوله في {حم}: «مَجازُها مَجازُ السُّوَرِ» [خ¦65-7056]؛ أي: تأويلُ مجازِها وصرفُ لَفظِها عن ظاهرِه.


[1] في الأصول: (كالجوابي).
[2] كذا في (س) و(ف)، وفي (ن): (هنا وهنا) وهو الذي في «المشارق»، وفي (غ): (هاهنا وهاهنا).
[3] «غريب الحديث» لابن سلام 3/228.